مصر تعود لقلب أفريقيا.. تخصيص 5 آلاف فدان لمزارعين مصريين فى كينيا.. اتحاد العمال يطلق مشروعا زراعيا مصريا ضخما فى نيروبى.. عيد مرسال يكشف: تسهيلات لسفر العمال وتأمينهم ومتابعتهم دون أى عائد مادى للنقابة

-
التركيز على المحاصيل الاستراتيجية لخدمة السوق المحلى كالقمح والأرز والذرة
-
السفير الكينى يؤكد: الاستثمار الزراعى المصرى فى بلادنا أولوية مشتركة.. و50 ألف عامل مصرى يعملوا فى الأراضى الكينية
فى خطوة طموحة تهدف إلى تعزيز العلاقات المصرية الأفريقية وفتح آفاق اقتصادية جديدة، كشف عيد مرسال، أمين اتحاد عمال مصر، رئيس النقابة العامة للعاملين بالزراعة والرى والصيد واستصلاح الأراضى، عن مبادرة جديدة للاستثمار الزراعى فى كينيا، مؤكدا أن هذا التوجه ليس مجرد مشروع اقتصادى، بل هو جزء من استراتيجية قومية لإعادة مصر إلى عمقها الأفريقي.
أكد مرسال، فى تصريحات ل"اليوم السابع"، أن مصر وكينيا يربطهما روابط تاريخية كبيرة، وأن الأمن القومى المصرى يرتبط ارتباطا وثيقا بدائرة حوض النيل والقارة الأفريقية، وقال: "لقد غبنا فترة عن أفريقيا، والآن حان الوقت للعودة بقوة"، وأضاف أن الهدف من التوجه نحو كينيا هو "توطيد العلاقات ووضع أقدام لنا فى هذه الدول الحيوية".
كشف أمين اتحاد العمال، عن تفاصيل المشروع الزراعى الذى تعتزم النقابة العامة للعاملين بالزراعة والرى والصيد واستصلاح الأراضى إطلاقه فى كينيا، قائلا: "حصلنا على أرض بمساحة 5000 فدان، وسنبدأ بزراعة 1000 فدان كمرحلة أولى"، وأوضح أن هذه الألف فدان سيتم توزيعها على خمس أو ست محافظات، بواقع 100 فدان لكل محافظة أو حسب الطلبات المقدمة، وأضاف: أن تكلفة استئجار الفدان فى كينيا مناسبة جدا، حيث تصل إلى 100 دولار فى السنة، وأن النقابة تسعى لتقليل هذا المبلغ، وأكد أن الأراضى الكينية خصبة وصالحة للزراعة، ولا توجد أى معوقات طبيعية.
وعن نوعية الزراعات، قال مرسال: "سنزرع ما يفيد دولتنا وبلدنا، سنبدأ بالزراعات التقليدية كالقمح والذرة الصفراء والطماطم والبازلاء، والتى لا تحتاج إلى فنيين متخصصين فى البداية"، وأشار إلى أن هذا المشروع سيوفر عملة صعبة لمصر، وسيساهم فى تحقيق الأمن الغذائى، كما أكد مرسال أن المشروع يستهدف الشباب بشكل أساسى، من الفئة العمرية 20 إلى 55 عاما، بهدف "خلق جيل جديد يساعد بلده ويفتح آفاقا جديدة"، وأشار إلى وجود تجارب ناجحة لشباب مصريين فى كينيا ودول أفريقية أخرى مثل تنزانيا وزيمبابوى وأوغندا وغانا، يعملون فى مجالات متنوعة مثل الأدوات المنزلية.
وأشار إلى قصصا عن شباب من قريته فى كفر الشيخ سافروا إلى أفريقيا وحققوا نجاحات مالية كبيرة، قائلا: "الأرقام التى كانت تأتى فى السنة تتراوح بين 150 ألف و 200 ألف دولار، وهذا غير حياة الكثير من الناس"، وأوضح مرسال أن دور النقابة فى هذا المشروع هو دور خدمى بحت، حيث ستقوم بتسهيل سفر العمال وتأمينهم ومتابعتهم، دون أن يكون لها أى عائد مادى، وقال: "النقابة لن تأخذ جنيها من أحد، والمحصول سيكون لصاحبه يبيعه بمعرفته".
وأكد مرسال، على أن هذا المشروع هو "مخاطرة محسوبة"، وأن جميع الأطراف المعنية ستقدم الدعم اللازم لإنجاحه، وقال: "الهدف ليس الزراعة فقط، بل التواجد المصرى فى أفريقيا، نريد أن نضع أقدامنا ونحرس بلدنا من خلال هذه المشاريع، ودعا إلى تغيير الفكر السائد عن أفريقيا، قائلا: "الناس بدأت تعلم متأخرا أن أفريقيا فيها فرص كبيرة تفيدنا، خاصة إنها بيئة آمنة وناسها طيبون، والحياة فيها طبيعية وصحية".
وخلال لقاء جمع عبد المنعم الجمل رئيس اتحاد عمال مصر، والسفير فريد أوتو - سفير الجمهورية الكينية بالقاهرة، بمقر النقابة العامة للعاملين بالزراعة والرى والصيد واستصلاح الأراضى، وبحضور عيد مرسال رئيس النقابة، أكد السفير الكينى استعداد الحكومة الكينية على البدء فى تطبيق المبادرة فى أسرع وقت، خاصة فى ظل عمق ومتانة العلاقات التاريخية التى تربط بين مصر وكينيا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مشيرا إلى أن مصر كانت ثانى دولة تقيم سفارة فى نيروبي.
أكد سفير كينيا لدى القاهرة، فريد أوتا، على عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التى تجمع بين مصر وكينيا، مشيرا إلى أن هذه العلاقات تمتد إلى ما هو أبعد من الدبلوماسية لتشمل تعاونا مثمرا فى مجالات متعددة.
تعود جذور العلاقات المصرية الكينية إلى فترة ما قبل استقلال كينيا، حيث قدمت مصر بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر دعما قويا لحركة "الماو ماو" الكينية فى نضالها ضد الاستعمار البريطانى، وقد تجلى هذا الدعم فى إطلاق إذاعة "صوت أفريقيا" باللغة السواحيلية من القاهرة، والتى كانت بمثابة منبر إعلامى للقضية الكينية، كما كانت القاهرة أول عاصمة تفتح أبوابها للزعماء الوطنيين الكينيين وتقدم لهم المساعدات، استقلال كينيا عام 1963، كانت مصر ثانى دولة التى تقيم علاقات دبلوماسية معها وافتتحت سفارة فى نيروبي.
تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورا ملحوظا، مدعومة بعضويتهما فى تجمع الكوميسا الذى يساهم فى إلغاء الرسوم الجمركية على الواردات المتبادلة، وقد تم مؤخرا توقيع 12 مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون فى مجالات الاستثمار والتجارة والبنية التحتية.
وفى خطوة بارزة لتعزيز الاستثمار الزراعى، تم الإعلان عن تخصيص 5 آلاف فدان للمزارعين المصريين فى كينيا، بهدف زراعة المحاصيل الاستراتيجية، وأكد السفير أوتا أن الاستثمار الزراعى المصرى فى بلاده يمثل أولوية مشتركة.
كما يشهد السوق الكينى حضورا قويا للشركات المصرية الكبرى فى مختلف القطاعات، بالإضافة إلى تواجد البنوك المصرية، ويعمل فى كينيا حوالى 50 ألف عامل مصرى، مما يعكس عمق العلاقات التجارية والاستثمارية.
من ناحيته، أكد عبد المنعم الجمل، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، اهتمام القيادة السياسية فى مصر بالتواصل مع القارة الأفريقية، واقترح تفعيل التعاون من خلال مذكرة تفاهم بين النقابات المصرية والكينية، لتعزيز التواصل وتبادل الخبرات وتشجيع الاستثمار فى مجالات متعددة، وطمأن الجمل السفير الكينى بشأن أوضاع العاملات الكينيات فى مصر، مشيرا إلى أن مصر بصدد إعداد قانون جديد للعمالة المنزلية يضمن حقوقهن.

Trending Plus