العمل الدولية تكشف: فجوة تصل إلى 5 أشهر فى الإجازات بين الأمهات والآباء.. الأمهات يحصلن على 25 أسبوعا والآباء أسبوعين فقط.. وسد الفجوة يحتاج 142 مليار دولار سنويا.. و57% عالميا لا يحصلون على حقهم بإجازات عادلة

-
العمل الدولية: المساواة فى الإجازات تخلق 4 ملايين وظيفة جديدة
-
العمل الدولية: 71 دولة لا تمنح الآباء أى يوم إجازة مدفوعة لرعاية أطفالهم
كشف تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية عن فجوة فى حقوق الإجازات الوالدية مدفوعة الأجر على مستوى العالم، حيث تصل هذه الفجوة فى المتوسط إلى 22.5 أسبوعا، أى ما يعادل 5.2 شهرا لصالح الأمهات، يأتى هذا التقرير، الذى يحمل عنوان "سد الفجوة بين الجنسين فى الإجازات الوالدية"، بمناسبة مرور 25 عاما على اعتماد اتفاقية حماية الأمومة رقم 183 عام 2000.
ووفقا لبيانات المنظمة التى جمعتها من 186 دولة، تحصل الأمهات فى جميع أنحاء العالم على متوسط 24.7 أسبوعا من الإجازة مدفوعة الأجر لرعاية أطفالهن، بينما لا يحصل الآباء إلا على 2.2 أسبوع فقط، هذا التفاوت الصارخ يعنى أن الأمهات يحصلن على ما يقرب من خمسة أشهر إضافية من الإجازة مقارنة بالآباء، وأشارت إلى أن 71 دولة حول العالم لا توفر أى إجازة أبوة مدفوعة الأجر منصوص عليها قانونيا، مما يضع عبء الرعاية بالكامل تقريبا على عاتق الأمهات ويجبر الآباء على الاختيار بين التواجد مع أسرهم أو الحفاظ على دخلهم، وفى 105 دول، لا تتجاوز مدة إجازة الأبوة المدفوعة 10 أيام فقط.
فى المقابل، تبرز ثلاث دول فقط كحالات استثنائية سلبية لا تمنح أى إجازة والدية مدفوعة على الإطلاق، وهي: بابوا غينيا الجديدة، وتونغا، والولايات المتحدة الأمريكية، بينما تقف إسبانيا كنموذج فريد، حيث تعتبر الدولة الوحيدة التى ألغت الفجوة تماما من خلال مساواة مدة إجازة الأبوة بالأمومة، حيث يحصل كل من الوالدين على 16 أسبوعا.
وأشارت المنظمة، إلى أن أكثر من نصف سكان العالم، أى 57.3%، يعيشون فى دول تتراوح فيها الفجوة بين 3 و6 أشهر، بينما يعيش أقل من 6% فى دول تتجاوز فيها الفجوة عاما كاملا، وقد سجلت 80 دولة فجوة أقل من 3 أشهر، فى حين سجلت 28 دولة فجوة أكبر من سنة كاملة.
رغم هذه الأرقام، يشير التقرير إلى بعض التطور الإيجابى، حيث أن 121 دولة توفر حاليا إجازة أبوة قانونية، منها 37 دولة أضافت هذا الحق خلال العقد الماضى، كما توفر 69 دولة إجازة والدية قانونية، 49 منها مدفوعة الأجر.
وفى الدول التى تمنح إجازة والدية مدفوعة، يبلغ المتوسط 78 أسبوعا للأسرة الواحدة، موزعة بواقع 64 أسبوعا للأم و14 أسبوعا للأب، مما يكشف عن استمرار التفاوت حتى فى الأنظمة الأكثر تقدما.
وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن تحقيق المساواة من خلال توفير 14 أسبوعا من الإجازة مدفوعة الأجر بنسبة 67% من الأجر لكلا الوالدين سيتطلب استثمارا سنويا إضافيا عالميا يبلغ 142 مليار دولار أمريكى بحلول عام 2035، وعلى الرغم من أن الرقم يبدو ضخما، إلا أنه يمثل زيادة متواضعة تبلغ 0.13% فقط من الناتج المحلى الإجمالى العالمي.
وأوضحت أن هذه النسبة تتفاوت جغرافيا، حيث تحتاج الدول العربية إلى أعلى نسبة استثمار بـ0.49% من الناتج المحلى الإجمالى، تليها إفريقيا ب 0.28%، والأمريكتان بـ0.17%، وآسيا والمحيط الهادئ بـ0.10%، وأخيرا أوروبا وآسيا الوسطى بـ0.08%.
وأكد التقرير، أن هذا الإنفاق هو استثمار ذو عائد مضمون، حيث يمكن أن يؤدى إلى خلق أكثر من 4 ملايين وظيفة رسمية على مستوى العالم من خلال زيادة المشاركة فى سوق العمل والإنفاق الأسرى، مما يعزز الاستهلاك ويدعم الاقتصادات المحلية، ويجعل هذا الاستثمار "يمول نفسه جزئيا" على المدى الطويل.
وشدد التقرير، على أن إجازات الوالدين المصممة جيدا تقدم فوائد استراتيجية للجميع، بالنسبة للأمهات، تدعم هذه الإجازات مشاركتهن فى القوى العاملة وتقلل من "عقوبة الأمومة" التى تؤدى إلى انخفاض أجورهن ومسارهن المهنى، وبالنسبة للآباء، تمنحهم فرصة للمشاركة بفعالية فى الرعاية، مما يعزز الروابط الأسرية ويغير المفاهيم الاجتماعية التقليدية حول أدوار الجنسين، أما بالنسبة لأصحاب العمل، فتساعد هذه السياسات على استقرار القوى العاملة وجذب المواهب الماهرة والاحتفاظ بها، مما يؤدى فى النهاية إلى تحسين الإنتاجية والأداء المؤسسي.
وتدعو منظمة العمل الدولية الحكومات إلى اتخاذ إجراءات حاسمة تتضمن أربعة محاور رئيسية:
أولا، مواءمة قوانين الأمومة مع اتفاقية رقم 183 من خلال ضمان 14 أسبوعا مدفوعة على الأقل، بتمويل عام أو تأمين اجتماعى.
ثانيا: تخصيص إجازات فردية وغير قابلة للتحويل لضمان حصول كل من الأب والأم على فترة إجازة خاصة بهما لا يمكن نقلها للطرف الآخر، لتشجيع الآباء على استخدامها.
ثالثا: إقامة نظام تمويل عام ومستدام من خلال تمويل استحقاقات الإجازة عبر أنظمة الحماية الاجتماعية مثل التأمين الاجتماعى، بدلا من تحميل أصحاب العمل التكلفة مباشرة، وهو ما يحمى الشركات الصغيرة والمتوسطة ويضمن تغطية العاملين فى الاقتصاد غير الرسمى والمستقلين والمهاجرين.
رابعا: توفير استحقاقات نقدية كافية من خلال ضمان أن تكون الإعانات المالية مجدية بما يكفى لتمكين الوالدين، وخاصة الآباء، من أخذ الإجازة دون القلق من فقدان الدخل.
وأكدت أن سد الفجوة بين الجنسين فى إجازات الوالدين ليس مجرد قضية حقوقية أو مسألة عدالة اجتماعية فحسب، بل هو ضرورة اقتصادية واجتماعية حتمية لبناء عالم عمل أكثر رعاية وعدالة وإنتاجية للجميع. وفى عالم يواجه تحديات ديموغرافية واقتصادية متزايدة، تصبح هذه السياسات استثمارا حيويا فى مستقبل أكثر استدامة ومساواة.

Trending Plus