القدماء أيضا كافحوا النيران.. طريقة إطفاء الحرائق عند الإغريق

كانت الحرائق تشكل تهديدًا للبشرية منذ ملايين السنين، وبالتالي فإن رؤية كيفية مكافحة الحضارات القديمة، وخاصة الإغريق القدماء، لهذه الحرائق يمكن أن يعطينا دروسًا قيمة حول جهود مكافحة الحرائق اليوم.
تعامل الإغريق القدماء مع مكافحة الحرائق ببراعة، إذ كانت إمكانياتهم محدودة، وساد بينهم روح الجماعة، حيث كان لكل فرد دور يؤديه، ومن المفهوم أنهم افتقروا إلى فرق الإطفاء المنظمة التى لدينا اليوم، أو حتى تلك التى ظهرت فى الحضارات اللاحقة، مثل الإمبراطورية الرومانية.
إن الأساليب والابتكارات التى استخدمها الإغريق القدماء أرست الأساس الحقيقي لتقنيات مكافحة الحرائق المستقبلية التي طورتها مجتمعات ودول أخرى.
الأساليب التى استخدمها الإغريق القدماء لمكافحة الحرائق
كانت إحدى أبرز مساهمات اليونانيين فى مكافحة الحرائق هى اختراع مضخة الحريق، لقد تم تقديم هذا العنصر المهم بشكل خاص فى جهود مكافحة الحرائق من قبل رجل يدعى ستيسيبيوس.
كان من الإسكندرية وعاش في القرن الثالث قبل الميلاد، في زمنٍ كانت فيه الإسكندرية مركزًا للمثل اليونانية في أوج العصر الهلنستي في مصر، استخدم هذا الجهاز المبتكر آلية مكبس مزدوج.
وكان هدفها الأساسي هو إنشاء تدفق مستمر من المياه، والذي يمكن توجيهه نحو الحرائق من خلال فوهة دوارة، تشبه إلى حد كبير تلك التي يستخدمها رجال الإطفاء بالفعل حتى يومنا هذا.
قام هيرو الإسكندري لاحقًا بتحسين هذا التصميم الرائد في القرن الأول قبل الميلاد، ما فعله هيرو هو تعزيز كفاءته ودقته من خلال جعله آلية أكثر تطورًا ومتانة.
كانت هذه المضخات عناصر أساسية في طريقة الإغريق في إخماد الحرائق، وكانت من أوائل الأدوات الميكانيكية المستخدمة في مكافحة الحرائق في العالم، انتشر استخدامها بسرعة، إذ كانت أفضل آلية امتلكها البشر لمواجهة قوة الحرائق الكارثية، وفقا لما ذكره موقع جريك ريبوت.
طرق أخرى استخدمها الإغريق القدماء
وبعيدًا عن هذه التطورات التكنولوجية والتقنيات الرائدة، اعتمد الإغريق القدماء على أساليب مكافحة الحرائق الأساسية التي من شأنها أن تساعدهم في التعامل مع الحرائق الصعبة.
كانت إحدى الطرق الأكثر استخدامًا، والتي لا نزال نراها حتى يومنا هذا، هي قيام المجتمعات بتشكيل خطوط لتمرير الدلاء المملوءة بالمياه من مصدر المياه إلى النار.
من التقنيات الأخرى التي استخدمها الإغريق القدماء لإطفاء الحرائق استخدام إسفنجات كبيرة مُبللة بالماء لإخماد النيران، بينما استُخدم الرمل أيضًا لإطفاء الحرائق الصغيرة التي كان من الممكن أن تندلع بجانب حرائق أكبر.
ومن المفهوم أن الناس كانوا مضطرين لاستخدام أي شيء تحت تصرفهم، لذلك كان من المرجح استخدام الملابس وأي نوع من الأقمشة المنقوعة في الماء كأداة بدائية لإخماد الحرائق في جوهرها.
أدرك الإغريق جيدًا مخاطر الحرائق في مدنهم المكتظة بالمباني في جميع أنحاء العالم اليوناني القديم، ورغم عدم وجود قوانين رسمية للحرائق كما هو الحال اليوم، إلا أنهم غالبًا ما استخدموا الحجر والطين في البناء لتقليل قابلية الاشتعال التي تسببها مواد أخرى، مثل الخشب أو الأوراق المجففة.
ومع ذلك، ظلت المباني الخشبية شائعة رغم قابليتها العالية للاشتعال، وكان هذا ينطبق بشكل خاص على منازل الطبقات الدنيا، الذين لم يتمكنوا من بناء منازلهم بمواد أكثر مقاومة للحريق، والتى كانت أغلى بكثير من الخشب.
استخدام النار فى الحرب
أدرك اليونانيون الإمكانات الهائلة التى يمكن أن تنتج عن الحرائق المميتة، فوجدوا طرقًا مبتكرة لاستخدامها هجوميًا فى الحرب.
رغم أن الإغريق القدماء لم يكونوا أسلوبهم الحربى الرئيسى، إلا أنهم عُرفوا باستخدامهم السهام المشتعلة والأوانى الحارقة، بل وحتى أدوات بدائية لإشعال النيران أثناء حصار مدن وبلدات العدو، على سبيل المثال، في حصار ديليوم عام 424 قبل الميلاد، استخدموا أنبوبًا بعجلات مزودًا بمنفاخ لتوجيه النيران نحو تحصينات العدو.
وعلى الرغم من ابتكاراتهم الهامة، فمن الجدير بالذكر أن مكافحة الحرائق في اليونان القديمة كانت تعتمد إلى حد كبير على الجهود المجتمعية وكانت تفتقر إلى نهج مركزي من شأنه أن يمنحها مكانة فرقة إطفاء مناسبة.
على سبيل المثال لم تكن هناك منظمات متخصصة في مكافحة الحرائق في اليونان القديمة، كما هو الحال مع فرق فيجيلز الرومانية، ومع ذلك، كان للتطورات التكنولوجية - وخاصةً مضخات الحريق - دور حاسم في إرساء أسس جهود مكافحة الحرائق في العصور القديمة.

Trending Plus