26 عاماً على عرض "همام في أمستردام".. كتالوج السينما والدراما للشاب المصري لما يهاجر.. معروف بقوته وجبروته.. كل البنات بتحبه.. دمه خفيف وجدع مع كل أصحابه.. بينتصر على أعدائه.. ومابيستحملش الغربة

استطاعت السينما أن ترسم صورة كلاسيكية للشاب "الجان"، أو الوسيم، خلال فتراتها الذهبية فى الخمسينيات والستينيات، حتى تغير شكل السينما نفسها، وتبدلت موضوعاتها واكتسبت عمقا أكبر فى رصدها للظروف الاجتماعية، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على شكل "الجان" السينمائي، ليكون أكثر واقعية، وأكثر شبهاً بالشباب المصري المكافح، الذى يُجاهد في سبيل "لقمة العيش"، وربما دفعته هذه الظروف إلى الهجرة خارج الوطن، فى محاولة للبحث عن الذات.

حُلم الهجرة أصبح موضوعا سينمائيا قويا وجذابا خلال الـ30 سنة الماضية، ورصدت العديد من الأفلام، وتحديدا ما أُطلق عليه بسينما الشباب، العديد من الأفكار والقضايا المتمحورة حول الهجرة، وترك الوطن رغم ألم الفراق، بحثاً عن حياة أفضل في الخارج، لكن الصدمة تأتي حينما يُفاجئ هؤلاء الشباب أن الحُلم استحال كابوسا خارج الوطن.

واحد من أبرز هذه الأفلام كان "همام في أمستردام"، الذى قدمه النجم محمد هنيدي في 17 أغسطس عام 1999، وكتبه مدحت العدل وأخرجه سعيد حامد، حيث يتناول الفيلم فكرة هجرة شاب يعاني البطالة في مصر إلى هولندا، حيث يتواجد خاله، وما إن يذهب حتى يُفاجأ بعدم ترحيب خاله الذى تريد زوجته مزيداً من الخصوصية، فينطلق بطلنا فى شوارع أمستردام، ويتعرض إلى صعوبات بضياع جواز سفره، حتى يعثر عليه بالمصادفة، ثم تبدأ رحلته في هولندا بالتعرف على شباب مصريين وعرب، ويعثر على عمل، ويبدأ تحقيق أحلامه رغم الصعوبات الاجتماعية والمادية والنفسية التي يتعرض لها.

همام في أمستردام

تيمة الهجرة خارج البيئة الأم أو البيئة الحاضنة متكررة لدى السيناريست د. مدحت العدل، فبعد أن قدم "أمريكا شيكا بيكا"، بعد محمد فؤاد والمخرج خيري بشارة في عام 1993، يعود ليقدم "همام في أمستردام"، ثم نرى نفس التيمة في "مافيا"، وإن لم تكن هى التيمة الرئيس في الفيلم، ثم يعود مرة أخرى ويقدمها فى "الديلر"، حتى فى الدراما سنجد العدل مُغرما بالهجرة لتحقيق الحلم، كما فعل فى "محمود المصري"، الذى قدمه النجم الراحل محمود عبد العزيز في عام 2004.

من فيلم أمريكا شيكا بيكا

وبعيدا عن السيناريست مدحت العدل، هناك مجموعة من النماذج التي تشبه همام وزملائه من الشخصيات الراغبة في الهجرة، مثل مصطفى في فيلم "الرهينة"، وأبو العربي في "السيد أبو العربي وصل"، حتى شخصية عوكل، لم يكن يحلم بالهجرة لكنه وجد نفسه في تركيا، فتحسنت حياته واستغل مهارته في "سمكرة" السيارات وبنى حياته هناك، كذلك هناك شريف المصري في فيلم "تايه في أمريكا"، الذى يهاجر بالفعل لكنه يلجأ إلى حيلة انتحال شخصية، في إطار بحثه عن الاستقرار في هذه البلد الجديد، وإذا عدنا بالسنوات للخلف، سنجد أن النموذج الأقوى والذى يُعد بمثابة المرجعية لكل هؤلاء، هو محمد في "النمر الأسود"، الذى حقق نجاحاته بالهجرة سواء في الملاكمة أو على المستوى المهني والهندسي.

تايه في أمريكا

المٌلفت أن الأعمال المُعتمدة على فكرة الهجرة أو السفر للخارج للعمل دائما ما تشترك في مجموعة من السمات، وهو ما شكّل في النهاية "كتالوج" للشاب المصري الذى يهاجر، فباتت الهجرة حلماً لكل الشباب، بسبب هذا الكتالوج، رغم أن الحياة لا تكون وردية في الهجرة، كما تكشف نهايات هذه الأفلام.

معروف بقوته وجبروته

وهي المقولة الشهيرة التي أطلقها محي الشرقاوي أو محمد هنيدي في فيلم "فول الصين العظيم"، فالتيمة وان كانت لا تعتمد على فكرة الهجرة، ولكنها مشابهة في سفر الشاب المصري إلى الخارج، فالأعمال السينمائية دائما ما تُصدر الشاب المصري "جامد"، وأحيانا تكون مصدر قوته هي "الفهلوة" وسرعة البديهة، وفي همام، كانت قوة البطل في نسج العلاقات مع الآخرين ممن حوله، فاكتسب شعبية كبيرة من وراء هذه القوة.

عوكل

كل البنات بتحبه

صحيح أنها لا تنطبق بشكل حرفي في فيلم "همام"، حيث تظهر رقية كعنصر نسائي وحيد في حياة همام، وبالطبع تقع في غرامة، لإصراره على النجاح، لكن هذه الصفة موجودة بالطبع في كثير من الأعمال الفنية المُعتمدة على فكرة الهجرة، فالصحفية تقع في حب الشاب مصطفى في الرهينة، والجارة تعشق محمد في "النمر الأسود"، وشروق تكتشف جانبا مثيرا في شخصية عوكل، فضلا عن محمود المصري، الذى ما أن تطأ قدمه أرض اليونان، حتى تحبه كل نساءها.

خفة الدم والجدعنة:

هما صفتان مرتبطان دائما بشخصية البطل، فبطبيعة الحال، يكون البطل هو محور الأحداث، وبالتالي، لابد أن يكون "جدع"، مع كل من حوله، يساعدهم ويقدم لهم النصيحة أو المال، بالضبط كما هو الحال في همام مع كل أصدقاءه المصريين والعرب، كذلك مصطفى في الرهينة، فهو يتمتع بالصفتين، بل أن جدعنته هي البطل الحقيقي للفيلم، لأنها كانت السبب في انقاذ عالم مصري حاصل على نوبل، من الاختطاف.

الانتصار على الأعداء:

عادة ما تميل السينما المصرية في هذه الحقبة، إلى النهايات السعيدة، فبداية من النمر الأسود، الذى انتصر على الجميع في مشواره، سواء والد حبيبته، أو زملاءه المتربصين به في العمل، وصولا إلى "عوكل"، الذى انتصر على عصابة خطيرة، وكذلك همام الذى أقصى غريمه "اليهودي" بالضربة القاضية، حتى في فيلم "أمريكا شيكا بيكا"، تفشل الهجرة، لكن الأبطال يتمكنون من المُحتال الذى سرق منهم أموالهم.

النمر الأسود

العودة إلى مصر

بالطبع ليس "بنداً" أساسيا في كتالوج الشاب المصري في أوروبا وأمريكا، فأحينا يظل البطل خارج بعد أن بنى نفسه بنفسه، مثل محمد حسن في "النمر الأسود"، وأحيانا يُفضل البطل العودة إلى مصر مرة أخرى، بعد أن تحقق ماديا واجتماعيا وأسريا، كما هو الحال في همام في أمستردام.