حكاية "حنان" من عضو بالجماعة الإرهابية إلى داعية إسلامية.. عاشت بين الولاء لتنظيم الإخوان ونداء الضمير حتى خرجت من الجماعة ليس رفضا للدين بل بحثا عن الدين الصحيح.. كاشفة عن أسرار من قلب اعتصام رابعة

لم تتوقع "حنان" أن حياتها ستتغير للنقيض؛ كانت في ريعان شبابها، تمتلئ بالحيوية والإنطلاق وحب الحياة، ابنة الإسكندرية هادئة الطباع وصاحبة الضحكة البشوشة والقلب الطيب، كل ما تتمناه هو القرب من الله، فسعت إلى المساجد طالبة التفقه في الدين والسير على درب الحبيب النبي "صلى الله عليه وسلم"، فالتقطاتها الجماعة الإخوانية لهدوئها وطاعتها وبراءة طبعها، فانخرطت في صفوفها مغمية العينين مقتنعة أنها في طريقها لخدمة الدين؛ ليقيموا لها إحتفال "البيعة" ليكون الإنضمام رسميًا داخل الجماعة في عام 1995.
فترة الانضمام للجماعة الإخوانية وبيعة مشروع الشهيد
لكن السنوات حملت لـ "حنان عبد الفتاح حجازى" الطالبة في كلية التربية جامعة الإسكندرية -آن ذاك- العديد من المفاجآت روتها لـ"اليوم السابع" بكل صدق لتصبح شاهدة على أفعال جماعة إخوانية متأسلمة تسعى لتحقيق أهدافها حتى لو بطرق إرهابية دموية.
ظلت الفتاة في قلب الجماعة حتى وصلت لدرجة عضو عامل تلبي كل ما يطلب منها؛ سواء نشر الدعوة الإسلامية من وجهت نظر الجماعة المتأسلمة، واستتقطاب الفتايات للانضمام إليها، ومشاركتها في فعاليات الجماعة من تنظيم مظاهرات وتوزيع منشورات، وكانت تلك المظاهرات في ذلك الوقت تقام لنصرة القضية الفلسطينية، حيث كانت هناك مجازر واتهاكات مثل مذبحة الحرم الإبراهيمى واتفاقية غزة أريحة، والانتهاكات الإسرائيلية التي لا تنتهى، حيث كان يتم استغلال القضية الفلسطينية لمصلحتهم فهى كانت ومازالت طوق النجاة للجماعة الإخوانية، مستخدمين تصريحاتهم وأن الحكام العرب مقصرين في نصرتها لذلك فهم خونة وعملاء ولابد من تغير أنظمتهم والعمل على توثيق الخلافة الإسلامية.
حنان بين الولاء للتنظيم ونداء الضمير
بدأ صراع الضمير، يطارد "حنان" وشفافية البحث عن الحقيقة؛ مع إندلاع ثورة 25 يناير 2011، شعرت أن الجماعة تحول أمرها وبدأت أوراق التوت تتساقط من حوليها الواحدة تلو الأخرى، وانكشفت أخلاقيتها السيئة بداية من الأخوة والأخوات حتى القيادات، تعاملوا بكل القسوة والكذب والتلفيق بنشر فيديوهات مركبة ومضللة وكاذبة وتلفيق التهم بشكل لا يليق بالمنهج الإسلامي الذى طالما تشدقون به، كان الإعتراض هو الشئ الوحيد الذى تملكه "حنان "، وكان ردهم عليها "إنت ناسية عملوا فينا إيه؟".
في ذلك الوقت كانت أطماع الجماعة تزداد، وحُلم الخلافة الإسلامية يكبر ويقترب من الحقيقة، وبدأ حزب جماعة الإخوان يظهر على الساحة السياسية آن ذاك، وغيرت الجماعة اتجاهاتها وبدأت في اختيار أحد أعضاءها لاعتلاء منصب رئيس الجمهورية، حتى وقع الإختيار على محمد مرسي.
الصراع الحزبي واختلاق الأكاذيب
وقتها اهتزت "حنان" لهذا القرار وبادرته بالرفض الكامل ليس هي وحدها بل كافة أخواتها في الجماعة من محافظة الأسكندرية، فمن الأكاذيب الكبرى التي كانت تروج لها الجماعة الإرهابية هو استحالة اختيار مرشح لمنصب رئيس الجمهورية، ومقاعد داخل مجلس النواب، وأن مشاركاتهم في الثورة وما بعدها هو إلا مشاركة وليس مغالبة، فهذا ليس هدفهم، ولكنها احدى أكاذيبهم الكبيرة التي صدقها أفراد الجماعة وسعوا خلفهم لتحقيقها رغم رفضهم لها. فالطاعة والثبات والثقة في القيادة أهم أركان البيعة الإخوانية.
فأطاعت "حنان" أوامر الجماعة؛ تنظم المظاهرات وتشارك فيها، كتبت المنشورها وتوزعها، تنشر أوراق الدعاية الانتخابية في كل مكان في الأسكندرية سواء الرئاسية أو البرلمانية؛ ولكنها كانت تسمع صوت ضميرها من بعيد يناديها يذكرها بأفعال غير منطقية وتناقضات لتصريحات جميعها كاذبة، تسترجع شريط من الأحداث المضللة، والأعمال الإرهابية الدموية التي تعتمد عليها الجماعة الإخوانية، فيصرخ ضميرها بالرفض ولكنها لا تستطيع؛ فبيعتها للجماعة يجعلها تستمر؛ ولكنها في نفس الوقت كانت تنتظر وتفكر وتبحث عن الحقيقة وتجادل قيادتها في الأسكندرية، فأمامها رئيس جمهورية ترى وتقتنع أنه لا يصلح للقيادة ولا لهذا المنصب ولكنه فرض عليها وعلى بلدها لأنه مرشح الجماعة، وأمامها مهازل لمجلس نواب إخوانى يسخر العالم منه، فهذه هي الجماعة التي تنتمى إليها "حنان"، من هنا بدأت أن تقلص من مشاركتها في فاعليات للجماعة الأرهابية .
سقوط الأقنعة وإنكشاف الحقائق
في الفترة من "2012 – 2013" كانت تشعر "حنان " بعدم مصداقية الجماعة التي انتمت إليها لسنوات طوال في كافة تصريحاتها ومواقفها السياسية، وأفعالها الإرهابية ولخطابها الدموى والتهديدى الذى كانت تبثه عبر قنواتها، فكيف تلجأ الجماعة لأمريكا التي كانت تحرق أعلامها في مظاهراتها ونندد بها في منشوراتها لأنها داعمة لإسرائيل، هل فجأة أصبحت منقذ الجماعة حليفة للأخوان، هذا الأمر كانت تقف أمامه "حنان" في ذهول، أمرًا أخر زاد الحيرة واستعدى تفكيرها، آلا وهو! إن سبب قيام ثورة 25 يناير 2011 هو "نظام مبارك" والفساد الذى عم البلاد في ذلك الوقت، واعتراض الجماعة على رجال مبارك أو كما كانوا يسمونهم"الفلول" لأنهم معادين للإسلام، فكيف للدكتور هشام قنديل أحد وزراء حكومة الرئيس مبارك، أن يصبح رئيس وزراء حكومة الدكتور مرسي، أما الإعلام الإخوانى فكان سليط اللسان يقيم الحرب على أي من ينتقد الدكتور مرسي، حتى وصل الأمر إلى السب والخوض في الأعراض كان يخسر حُلفاء ويكسب أعداء، كل هذه تناقضات كان لها صدى كبير داخل"حنان".
التحول الفكري ليس خيانة ولكنه شجاعة
بجرأة القلب وإرادة العقل، اختارت "حنان" أن تترك صفوف الجماعة وأن تبدأ رحلة بحث جديدة، خاصة بعد أحداث إعتصام رابعة وما شاهدته وسمعته داخله، والحقائق المخذلة للجماعة الإرهابية التي فعلتها في هذا الإعتصام.
استرجعت "حنان" أحداث إعتصام رابعة والدموع كادت تزرف من عينها وبصوت يرتعد وصدر تلهث أنفاسه من شدت الجرائم التي كانت تحدث داخل هذا الإعتصام؛ فقد وصفته بـ"رسالة كارثية وخطاب معادى، ما حدث هو عملية "تشريس للشباب" ليتحول من حامل دعوة للدين والسلام إلى حامل سلاح يقتل ببساطة وبقلب مثلج، كانت هناك اسطوانات الغاز والأسلحة والقنابل الملوتوف، اهتموا بنشر معلومات مغلوطة خاطئة عن خيانة الجيش والشرطة وأنهم تابعين للكيان اليهودى الصهاينة؛ إفتراءات وهراءات يتنصل منها العقل"جبريل نزل يصلى بالناس" ما هذا العبث وغيرها من الهراءات والإفتراءات الأخرى.
حركة وثورة هزت قلب حنان ودفعتها للطريق الصحيح
في ذلك الوقت وبالتزامن مع إعتصامات رابعة والنهضة كانت هناك حركة وطنية خرجت من قلب المصرين وشبابهم، ولإنها كانت صادقة محددة هدفها لا تبغى سوى مصلحة الوطن؛ إنضم لها الشعب المصرى الواعى والمدرك لأفعال الجماعة الإخوانية الإرهابية، "حركة تمرد" التي كانت تجمع توقيعات بهدف سحب الثقة من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية وقتها وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فوقع جموع المصرين على استمارات "حركة تمرد" وهذا ما جعل "حنان" تفكر أكثر وتقول في نفسها" المصرين قالوا كلمتهم وقعوا على إستمارة تمرد حتى أهلى وجيرانى وأصحابى " كل ذلك ومازالت الجماعة تغمض عينها وتنشر أكاذيبها، حتى جاء اليوم الذى هز الجماعة، وأكد لها أنها كانت تسير في الطريق الخاطئ.
نزع الغمامة والخروج للنور بعد 18 سنة طاعة عمياء
ثورة 30 يونيو 2013، ونزول جموع المصرين في جميع ميادين مصر بمحافظات مصر المحروسة رافضين الجماعة الإخوانية الإرهابية طالبين عهدًا جديد أساسه الحق والعدل والمساواة، حينها نزعت "حنان" نظارتها السوداء التي حجبت نور الدنيا وسلامها عنها مدة 18 عامًا، وتتذكر كيف كان وزير الدفاع وقتها "عبد الفتاح السيسي" إنسان صادق وأمين حافظ على الأمانة عرضها بمنتهى الصدق والشفافية؛ وما لفت نظرها وقتها أثناء لقاءات الدكتور محمد مرسي في الإعلام لاحظت كيف كان الأمن الرئاسي يحافظ على حياته بمنتهى الأمانة، فإذا كان الأمر كما كانوا يدعون وقتها أنهم قاتله كان من الأولى أن يفرط في حراسته وتأتيه طلقة طائشة تنهى الأمر، ولكن ما كان يحدث هو العكس .
خروج عن الجماعة وتصحيح أخطاء مقابل تلقى تهديدات
فقد أتت الهداية بعد رحلة طويلة من التيه، فالطريق إلى الله من صدق النية ونقاء القلب، بدأت "حنان" في تسير في طريق النور تحاول تصحيح أخطاءها تبحث وتفكر فأنشأت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" تحت مسمى "مراجعات فكرية" تصحح فيها المفاهيم الخاطئة من الجماعة المتأسلمة، وخاصة ما يتعلق بـ"الخلافة" هدفهم المنشود الذى يسعون له بكل قوة، فالخلافة في الإسلام هي أحد أنظمة الحكم والمقصد منها هو تجميع المسلمين في التأخي والتكافل والاتحاد، كتبت كل ذلك ونشرت تصحيح لفكرهم الخطأ، عرفت أن الدين هو الانتماء للوطن، هو تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة؛ فقد كتبت نصًا" أنتم تسيرون على خطى الخوارج"، حينها وضعوها تحت المتابعة وتلقت تهديدات من "داعش" فإنها منشقة من الجماعة الأصلية للإخوان كى تصمت ولكنها صمدت.
حنان شاهدة عيان على فض اعتصام رابعة
أمسكت " حنان" بالحقيقة وعرضت أحداث إعتصام رابعة بمنتهى الشفافية رصدت" نداءات الجيش بالإخلاء، أعلام مصرية تتساقط عليهم لتطمئنهم أنهم جزء من الوطن، منشورات تطمئن غير المتورطين في قضايا أخرى، قلوب حمرا في السماء دليل على الإنتماء للوطن، ولكنهم كانو يتشدقون في الإعلام بخطابات دموية وإرهابية، حتى جاء يوم 13 أغسطس وتعالت النداءات للخروج من الإعتصام وعمل ممر خاص للعزل للخروج منه وبالعفل خرج الكثير، حتى كانت أول طلقة رصاص من جانب الجماعة الإرهابية وسقوط ضباط شرطة شهداء، حينها كان لابد وأن الأمر يتخذ مسلك أخر، وهذا كان بشهادة أحد صحفيين الجزيرة الذى قال" إن الإخوان هم اللذين بدوا بإطلاق النار وأن هناك شهداء من الشرطة وقعوا، الإخوان يصور أن الشرطة دخلت على غفلة وهذا خطأ، ما حدث هو كان هناك مكبرات صوت وممر أمن خرج منه الكثير "
عاشت المرأة فترة طويل من التناقضات بسبب إنضمامها للجماعة، ولكنها اختارت أن تبدأ رحلة جديدة مع الله تحمل تجربة شخصية أعمق، ورسالة تقوم على الفهم المتوازن للدين، واضعة تجربتها السابقة أمام الآخرين كدليل على أن التغيير ممكن، "حنان" قصتها تستحق أن تُروى بإنصاف

Trending Plus