سفير الهند لـ"اليوم السابع": تعامل مصر مع غزة وأزمات المنطقة محل تقدير كبير

• سوريش .كى ريدى لـ"اليوم السابع": مراسلات سعد زغلول وغاندى دليل على عمق علاقتنا .. ونقدر بشدة جهود القاهرة لإحلال السلام

• 8 مليارات دولار استثمارات هندية قريبة في الهيدروجين الأخضر.. ونرى في مصر مركزاً للتصنيع يلبي احتياجات المنطقة بأكملها

• أعشق الأكلات المصرية وصوت أم كلثوم .. وحريص على زيارة الأهرامات والمتحف المصرى الكبير

علاقات متعددة المجالات ليست وليدة اليوم، وإنما تضرب جذوراً فى عمق التاريخ لعصور ما قبل الاستقلال فى مصر والهند، فما بين البلدين من تعاون فى السياسة والفن والاقتصاد والتراث يجعل من تطابق الرؤى فى غالبية الملفات أمراً منطقياً، ويجعل ما هو محتمل من تباين خلافاً لا يفسد للود قضية.

تاريخ علاقات البلدين وآفاق التعاون كانا محورا لحديث مطول للسفير الهندى لدى القاهرة السفير سوريش .كى ريدى مع "اليوم السابع"، تطرق خلاله إلى المراسلات المتبادلة بين زعيم حزب الوفد سعد زغلول، والمهاتما غاندي، وصولاً إلى الشراكة الاستراتيجية الاستثنائية بين البلدين تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودي.

وخلال حواره، تحدث "ريدي" عن مهمته الأساسية، بتوجيه من القيادة الهندية، للارتقاء بالعلاقات إلى مستوى أعلى فى جميع المجالات، معرباً عن سعادته بتوليه منصبه، خاصة وأنه درس فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة قبل ثلاثين عامًا، وتعلم من شوارع مصر وأصدقائه المصريين الكثير والكثير.

وقال السفير: لدى الكثير من الذكريات الجميلة عن مصر.. "عارفين المثل اللى بيقول إن اللى يشرب من مياه النيل، يعود إليه مرة أخرى وأنا شربت كثيرًا ولذلك عدت سفيرًا".

وخلال الحوار، تطرق السفير الهندى لدى القاهرة للعديد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الأهمية، وبمقدمتها حرب غزة، مؤكداً انحياز بلاده للقضية الفلسطينية، مشيداً فى الوقت نفسه بالدور الذى تلعبه الدولة المصرية فى هذا الشأن.

 وعلق السفير على امتناع بلاده عن التصويت لصالح قرار وقف إطلاق النار فى غزة خلال إحدى جلسات الأمم المتحدة، قائلاً: "موقفنا جاء لاختلافات فى صياغات القرار".

وشدد على أن الهند كانت وستظل داعمًا كبيرًا لفلسطين، موضحًا أن بلاده كانت من أوائل الدول التى اعترفت بفلسطين عام 1988، وتقدم دعمًا ماديًا متواصلاً، وأشار إلى أن الهند قدمت تمويلاً إلى الأونروا فى وقت أوقفت فيه دول أخرى مساعداتها، مع تخصيص ميزانية سنوية لدعم الشعب الفلسطيني.

وأوضح أن الدعم الهندى يشمل تدريب أكثر من ألفى فلسطيني، وتقديم 200 منحة دراسية سنويًا للطلاب، وعلاج عدد كبير من الفلسطينيين فى الهند، إضافة إلى مشروع لبناء مستشفى كبير فى الأراضى الفلسطينية.

وأثنى السفير على الجهود المصرية الدبلوماسية فى إيجاد حل للصراع فى غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، قائلاً: نقدر جهود القاهرة وما تحاول تحقيقه، ونقدر وندعم جهودها فى إحلال السلام.

وقال ريدى إن مصر تواجه تحديات على كل الجبهات قائلًا: نحن معجبون بقدرة القيادة المصرية على التعامل مع كل هذه الأزمات فى وقت واحد، وما تفعله محل تقدير كبير، كما نقدرأيضا دبلوماسية مصر وجهودها فى تقديم المساعدات الإنسانية لغزة.

وأشار السفير إلى أن بلاده تقدر الدور القيادى الذى تلعبه مصر فى البحث عن حل للصراع فى غزة، وجهودها الكبيرة فى إدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وكشف أن الهند شاركت فى جهود الإغاثة، حيث أرسلت العام الماضى عددًا من الطائرات المحملة بالمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.

وحول التعاون فى مكافحة الإرهاب، قال السفير أن البلدين شريكان نشطان للغاية فى هذا المجال، معتبرًا أن الإرهاب لا يجب التسامح معه، خاصة من قبل الدول التى عانت ويلاته، وكشف عن وجود فريق عمل مشترك يجتمع سنويًا أو عند الحاجة، لوضع خطط محددة لمواجهة هذا التحدى، مشددًا على ضرورة تعزيز التعاون واتخاذ إجراءات ضد المؤسسات التى تدعم الإرهاب.

كما أعرب السفير الهندى عن سعادته بانضمام القاهرة إلى البريكس، مؤكدًا أن مصر عضو مهم فى المجتمع الدولي، وانضمامها يضيف قيمة كبيرة للمجموعة ومناقشاتها.

وقال السفير: كنا سعداء جدًا بدعم عضوية مصر، وهى الآن تساهم بنشاط فى مناقشات المجموعة حول قضايا عالمية مثل تغير المناخ، والتخفيف من حدة الفقر، وقضايا الديون، والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى قضايا السلام والأمن الإقليمي، وشدد على أن مصر، بصفتها دولة كبيرة وقائدًا فى المنطقة، تلعب دورًا محوريًا فى مواجهة هذه التحديات.

واعتبر السفير أن مصر هى "بوابة رائعة" للشركات الهندية للوصول إلى الأسواق الإفريقية والأوروبية، مؤكدًا على الموقع الاستراتيجى لمصر.

ومن الناحية الاقتصادية، كشف السفير أنه حين زار مصر عام 1992، كانت هناك شركة هندية واحدة فقط، أما اليوم فهناك أكثر من 55 شركة باستثمارات تتجاوز 5 مليارات دولار، توفر وظائف مباشرة لأكثر من 45 ألف مصرى وغير مباشرة لـ50 ألف آخرين.

وأوضح أن الأيام الماضية شهدت وضع حجر الأساس لمصنعين جديدين، وهناك ثلاثة مشاريع قادمة، منها مصنع أسمدة بـ500 مليون دولار ومشروعان للطاقة المتجددة بقيمة مماثلة لكل منهما، لتصل قيمة الاستثمارات الجديدة إلى أكثر من 5 مليارات دولار.

وأشار إلى أن الشركات الهندية ترى فى مصر مركزًا للتصنيع ليس فقط للسوق المحلية، بل للمنطقة بأكملها، بفضل موقعها الاستراتيجى واستقرارها السياسى والاقتصادي.

وأكد السفير أن السوق الهندية ضخمة، وتكاليف الشحن من مصر إلى الهند منخفضة، لافتًا إلى أن مصر تصدر الحمضيات والفراولة، متمنيًا رؤية الرمان الأسيوطى فى الأسواق الهندية قريبًا، وأضاف أن الأسمدة تعد من أبرز صادرات مصر للهند، مع فرص لزيادة الصادرات فى منتجات أخرى.

كما أشار إلى أهمية موقع مصر للتجارة الهندية البالغة قيمتها 1.5 تريليون دولار سنويًا، وكونها بوابة للأسواق الأفريقية والأوروبية.

وأوضح السفير أن أول مصنع هندى فى المنطقة الاقتصادية بالإسماعيلية سيكون لشركة هندية، مشيرًا إلى استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار يعد الأكبر فى قطاع التصنيع بمصر، وكشف عن مفاوضات لمشاريع هيدروجين أخضر بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار مع شركتين هنديتين، مؤكدًا أن الهند رائدة عالميًا فى الطاقة المتجددة.

وأعلن السفير عن مناقشات بين الجانبين فى مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، مشيرًا إلى استضافة الهند قمة عالمية للذكاء الاصطناعى فى فبراير المقبل، كما أبدى اهتمام بلاده بجلب شركات التكنولوجيا والتصنيع للعمل فى مصر.

كما تحدث السفير عن لقائه بمفتى الجمهورية لمناقشة مكافحة التطرف، مشيدًا بدور الأزهر أيضًا، وكشف عن مركز تميز لتكنولوجيا المعلومات بجامعة الأزهر، درب أكثر من 2600 طالب منذ إنشائه.

من ناحية أخرى، استعرض السفير سوريش كى ريدى، أنشطة المركز الثقافى الهندى بالقاهرة، وإقبال المصريين على تعلم اللغة الهندية، مشيرًا إلى تسجيل 91 طالبًا مؤخرًا، وأكد أن الأفلام الهندية كانت ومازالت حلقة وصل بين الشعبين، مع إعجابه بالسينما المصرية وأداء عادل إمام فى فيلم الإرهاب والكباب.

كما أشار إلى فكرة إنشاء مدرسة لليوجا فى شرم الشيخ، لافتًا إلى تزايد الإقبال عليها عالميًا بعد جائحة كورونا، وأكد أنه ناقش هذا الاقتراح مع محافظ جنوب سيناء، مشيرًا إلى أن اليوجا أصبحت اليوم مهمة جدًا وحركة عالمية كبيرة بعد جائحة كورونا.

وقال السفير: بعد كوفيد، بدأ الناس يدركون أن الأدوية تساعد، ولكن الأهم هو أن تساعد نفسك قبلها، وأضاف أن اليوجا هى طريقة سهلة جدًا لتكون لائقًا وصحيًا، كما أنها ليست باهظة الثمن لأنها لا تتطلب إنفاق المال، ويمكن ممارستها فى أى وقت ومكان، موضحًا أن اليوجا مناسبة للجميع، بغض النظر عن العمر.

وأوضح السفير أن اليوجا تساعد فى التعامل مع ضغوط الحياة الحديثة، قائلًا: تساعدك على التعامل مع التوتر، وتساعدك على تهدئة عقلك وإزالة كل التوتر والضغوط، ولهذا، أصبحت أكثر شعبية.

وعبر السفير عن إعجابه باهتمام المصريين باليوجا، قائلًا: نحتفل سنويًا باليوم العالمى لليوجا فى العديد من الأماكن وكان لدينا عدد كبير جدًا من المصريين الذين انضموا للاحتفال.

وكشف السفير عن عشقه للأكلات المصرية مثل المحشى والملوخية والبامية، وحرصه على زيارة الأهرامات وأبو الهول والمتحف المصرى الكبير مع أى زائر هندى، وأشاد بصوت أم كلثوم، واصفًا المصريين بأنهم أصحاب قلوب دافئة وحب للحياة، ومرحبين بالضيوف.

واختتم السفير حديثه قائلاً: من المميز جدًا أن تكون فى مصر وتعيش مع شعبها، مصر صاحبة حضارة عظيمة.