قمة ألاسكا.. ترامب أراد الصورة وبوتين خرج من العُزلة

ثلاث ساعات من المحادثات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والوفدين الأمريكي والروسي، انتهت دون إعلان اتفاق، وإنما اكتفى الرئيسان بوصف القمة بأنها كانت بناءة ومثمرة، وأن المحادثات جرت في جو إيجابي، وأدلي الرئيسيان بتصريحات مُعدة سلفاً وغادرا القاعة دون فتح الباب أمام أسئلة الصحفيين، ما يعنى أنه ما حدث هو طرح أسئلة أكثر من تقديم إجابات، وبالتالي ساد تصور أن انعقاد قمة ألاسكا كان في حد ذاته انتصاراً لبوتين، خاصة فى ظل الترحيب الذى تجاوز أحلام الكرملين، بعد أن تحول بوتين من منبوذ في نظر الغرب إلى موضع ترحيب على الأراضي الأمريكية بوصفه شريكاً وصديقاً.
لكن يجب الانتباه، أن ترامب يُدرك أن أولويات بوتين لا تتوافق تماماً مع أولويات أوروبا وحاجات أوكرانيا، وبالتالي ما أراده هو الصورة لا أكثر..
وما يؤكد أن ترامب كان يريد الصورة، هو تراجعه عن فكرته التقليدية بضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف النار في أوكرانيا، وبات يطرح على مسامع الغرب فكرة بوتين حول السلام الذي لا يُخفي فيه ضرورة إنهاء الجذور الأصلية للنزاع، منتقلاً بذلك مرة واحدة ليتبنى قناعة بوتين حول آليات التسوية المحتملة.
واللافت.. تركيز الإعلام العربى وتضخيمه من صورة الاستقبال الرسمي الفخم لـ"بوتين" على السجادة الحمراء وعن رمزية القوة والهيبة، وكذلك التضخيم من الحضور الإعلامى للرئيس الروسى، وأنه ظهر بمظهر القائد الممسك بخيوط المشهد كله.
صحيح، بوتين خرج بنصر سياسي ومعنوي رغم انعدام المكاسب الملموسة على الورق لك حضوره في قمة ألاسكا يبقى الحضور العالمي الأهم منذ ٢٠٢٢ والندية التي كان يريدها.
وصحيح أيضا، قمة ألاسكا، فتحت قنوات الحوار بعد سنوات من التوتر والقطيعة، لكنها كشفت بوضوح أن المصالح الشخصية للدولتين فوق أي اعتبار.
لذلك، علينا، أن نعى أن تنافس القوى العظمى لا يصب إلا في مصالح تلك القوى، ولا ننسى أن كلاهما برع في صناعة الأزمات أكثر مما التزم بحلها، والشعوب ليست سوى أرقامًا على جداول حساباتهم الكبرى للهيمنة والنفوذ، وأن السلام بالنسبة لهما يظل مجرد كلمة جميلة تُستحضر في المؤتمرات وتُدفن في أرض الواقع، فالتعويل الحقيقى على الشعوب، بإعلاء الوحدة الوطنية والعمل وفق فلك المصالح الوطنية والقومية لمواجهة أي أزمات ولإنهاء أي صراعات..

Trending Plus