وثيقة تاريخية عمرها 78 عاما تكشف أساليب حسن البنا الإرهابية.. رفيق المرشد الأول: قطع ما أمر الله أن يوصل.. أحمد السكرى عضو تأسيسية الجماعة: البنا استعان بالخارج وتلقى تمويلات ومارس الديكتاتورية باسم الإسلام

منذ عام 1928، استطاعت جماعة الإخوان الإرهابية، صناعة هالة ممتدة حول مؤسس التنظيم ومرشدها الأول حسن البنا، وسعت عبر التاريخ إلى إلصاق مجموعة كبيرة من المصطلحات لتكريس تلك الهالة، حتى يظل اسم المرشد الأول حاضرا بقوة في دائرة الضوء.
ومن بين هذه الألقاب ما أطلقت عليه من أوصاف مثل: الإمام الشهيد والداعية والإمام المجدد، وغيرها من المسميات التي توحي لمن يسمعها بأنه أمام عالم كبير أفنى عمره في خدمة الدين، لكن بالعودة إلى الوثائق، وشهادات من عاصروا حسن البنا، تكشف أن الواقع كان على النقيض تماما، وتتأكد أنك أمام رجل مارس الديكتاتورية باسم الإسلام وظف الدين لتحقيق مكاسب دنيوية.
ليس هذا فسحب بل أطلق السنة الزور ضد خصومة وأشعل النيران والحروب داخل الوطن لإرضاء قوى أجنبية، كل هذا وغيرها من الممارسات غير الأخلاقية مارسها حسن البنا ولسنا نحن أصحاب تلك الروايات، بل وثقها أحمد السكرى، عضو باللجنة التأسيسية لجماعة الإخوان والذ وكان معروفا بأنه "رفيق حسن البنا" فهو مؤسس الجماعة مثله مثل حسن البنا، لكنه اكتشف حقيقتها مبكرا، وكان أول من كتب عن انحرافاتها، وأصدر شهادات تاريخية في مقالات له فضلا عن كتاب يحتوى على أسرار التنظيم الحقيقية.

احمد السكرى
هذه الشهادة أهميتها من أهمية شخص السكرى نفسه، فهو رجل أسس جماعة ثم فضح انحرافاتها وكتب شهادته عنها، وكشف كل هذا فى مقال له فى 11 أكتوبر عام 1947 جرائم حسن البنا، وتواصله مع قوى أجنبية، حيث قال فى المقال الذى وجهه لحسن البنا: استعنت بك أول الدعوة المباركة حتى إذا ما صلب عودك وأكملت دراستك وزاولت عملك فى الإسماعيلية وأنشأت شعبة أخرى، وفتح الله لك القلوب، وتعددت فروع الجماعة، آثرتك على نفسى وبايعتك، وطلبت من الناس أن يبايعوك، ولقد حددت بخطابك أسباب فصلى وهى، كما تقول: الاختلاف فى أسلوب التفكير وتقدير الظروف والأشخاص والأحوال، والاختلاف فى الشعور نحو الأشخاص، فإذا بك تقطع ما أمر الله به أن يوصل.
كما "كشف" السكرى" في مقاله الذي يعد وثيقة تاريخية، منهجية الجماعة في فكرة تشوية الخصوم بالزور والبهتان عندما وقع بينه وبين حسن البنا خلافا ، قائلا :"لعل الناس عندما يطلع عليهم هذا النبأ، ولعل الإخوان حين يفجعون بهذا الخبر، لا يدرك أكثرهم السر فى اختيارك هذا الظرف بالذات لهذا الإجراء الشاذ الأليم، وإنه ليعز على ويؤسفنى الرد عليك بعدما فشلت جهود وسطاء الخير بيننا من خيرة الرجال وكرام الإخوان حتى مساء أمس، بسبب تمسكك بموقفك ورفضك انتهاج ما يصلح ذات بيننا، ثم تماديك إطلاق ألسنة السوء لتشويه سُمعتى والحط من كرامتى زورا وبهتانا.

احمد السكرى ومع حسن البنا في احد اللقاءات
وواصل أحمد السكرى حديثه لحسن البنا قائلا: كنت أفهم يا أخى أن يقضى هذا خلاف بالرأى إلى أن نحتكم إلى إخواننا فى الله، ليقضوا بيننا بروح الإسلام ومنهاج القرآن، أما أنك تستبد وحدك بالأمر، وتنزع ممن حضر من إخوان الهيئة التأسيسية يوم 9 يوليو الماضى تفويضا بإقصاء من تشاء وفصل من تشاء هربا من التحكيم، وفرارا من مواجهة الموقف، ودون تمكين من تتهمه أو يتهمك من إبداء رأيه والدفاع عن نفسه فإن هذه ديكتاتورية يأباها الإسلام وتاباها الشرائع والقوانين وتتنافى مع المنطق.
واستطرد أحمد السكرى: «وما كان من سخط الناس علينا واشتباكنا بعد ذلك مع الوفديين ببورسعيد وغيرها، ثم طلبك بإلحاح أن أسافر إلى الإسكندرية للتفاهم مع الوفديين وذهابك بنفسك مع أحد الإخوان إلى منزل أحد أقطابهم ليلا تعرض عليه التعاون معهم لكف حملاتهم، ثم تغلب العناصر النفعية عليك ثانية لنقض هذا التفاهم وإشعال نار الفتنة والحرب الأهلية بيننا وبين الوفد لإرضاء الحكومة، ثم وشاعت الشائعات باتصالك بفئة معينة من رجال السياسة ومساومتهم لك على إخراجى من الدعوة ليصفو لهم الجو، واعترافك إلى بذلك فى المستشفى، ففى الرابع من يناير عام 1947 طلبت منى التنحى عن جريدتنا، وعن وكالة الإخوان، وكذا عن نشاطى فى الدعوة، وقلت بالحرف الواحد إن هذا بناء على طلب من رجال السياسة والذين أحتفظ بذكر أسمائهم الآن، ولما عاتبتك بشدة على سماحك أن يتدخلوا فى شؤوننا أصررت وقلت إنك توافقهم على ذلك».
واعترف السكرى باتصالات حسن البنا بالقوى الأجنبية والمصرية العميلة، قائلا: وقفت أمنعك من هذا التصرف المشين، حتى اكتشافى عن طريق الصدفة، اتصالاتك ببعض الشخصيات الأجنبية.
من الأمور الهامة التي يجب ذكرها، هي أن اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، رصد فى مذكراته «الإخوان وأنا» تفاصيل حول شهادة أحمد السكرى، قائلا «مؤسس الجماعة الحقيقى هو أحمد السكرى سنة 1920 فى«المحمودية» بمحافظة «البحيرة» مسقط رأسه، وكان معه حامد عسكرية وعلى عبيد.. وبحكم زمالة حسن البنا لعلى عبيد دعاه الأخير لمشاركتهم فى اجتماعات الشعبة، التى انضم إليها كثير من أبناء المحمودية، وعين «السكرى» رئيسا للشعبة وحسن البنا مساعدا»، والحقيقة الثانية: «كان «البنا» عمره 14 سنة والسكرى 20 سنة، وتكونت بينهما صداقة قوية، وكان السكرى وراء استكمال البنا لدراسته، حيث اعتزم الأخير على التوقف عن الدراسة فى المرحلة الأولى، وأقنعه السكرى بالاستمرار حتى دخل كلية دار العلوم».. الحقيقة الثالثة: «بعد أن أتم البنا دراسته تم تعيينه مدرسا إلزاميا بمدينة الإسماعيلية، وحشد عددا كبيرا من عمال القناة الذين كانوا يعملون بالمعسكرات البريطانية، وأسس معهم أول فرع لشعبة الإخوان فى المدينة سنة 1928، ونشط بعد ذلك وأنشأ فروعا للجماعة فى بعض المدن، إلى أن انتقل للقاهرة سنة 1932، ومع عمق العلاقة بالسكرى ظلا يجوبان مصر لإقناع الناس بدخول الجماعة، وعندما أثيرت فكرة البيعة وتعيين مرشد فضل السكرى البنا على نفسه، وقدمه للناس، وطالبهم بمبايعته مرشدا، وعين السكرى وكيلا».
اللواء فؤاد علام
شهادة اللواء فؤاد علام تؤكد أن أحمد السكري كان يعد قيادة تاريخية لتنظيم بل يعد هو المؤسس الحقيقي للجماعة وبالتالي فإن ما قاله عن حسن البنا ووثقه يعد شهادة تاريخية يجب أن يتم وضعها في الحسبان، ما أكد الباحث في شؤون الجماعة المتأسلمة هشام النجار، مضيفا أن وثيقة أحمد السكري تمثل أهمية استثنائية، لكونها صادرة عن أحد أبرز مؤسسي الجماعة، بل وصاحب الفكرة الأولى قبل حسن البنا نفسه، مشيرًا إلى أن البنا لم يكن سوى شخص استولى على الكيان وانفرد بإدارته، رافضًا أي شكل من أشكال الشورى أو الشراكة أو المراقبة، وهو ما دفع السكري في النهاية إلى الاستقالة طوعًا بعد أن تم إقصاؤه من الجماعة.
وأوضح النجار أن أسباب الخلاف بين أحمد السكري وحسن البنا كانت جوهرية، وكشفتها وثائق الصحف آنذاك، حين قرر السكري ــ الذي شغل منصب وكيل الجماعة ــ فضح ممارسات التنظيم. وكانت القضية الأولى متعلقة بملف الرقابة المالية، حيث اكتشف السكري وجود تلاعب في أموال الجماعة وميزانيتها، وخلطًا واضحًا بين المال الشخصي ومال التنظيم، وقد وثّق هذه التجاوزات في مقاله الشهير الذي أبان فيه عن حالات اختلاس واستغلال للتبرعات وأموال الجماعة من قِبل البنا والدائرة المقربة منه لتحقيق مصالح شخصية، وحين طالب السكري بفرض رقابة مالية قوبل طلبه بالرفض، ليؤكد بعد استقالته ضرورة إحالة ملف الجماعة برمته إلى أجهزة الدولة الرقابية.
وأضاف النجار أن المحور الثاني للخلاف ارتبط بملف صهر حسن البنا، عبد الحكيم عابدين، الذي عُرف داخل الأوساط الإخوانية بلقب "راسبوتين الجماعة"، موضحًا أن رفض السكري لما جرى عقب تورط عابدين في جريمة تحرش، وثبوت إدانته بتحقيق داخلي، كان سببًا آخر في تصاعد الأزمة. فبدلًا من اتخاذ موقف حاسم، قام حسن البنا ـ بحسب السكري ـ بالتغطية على جريمة صهره والدفاع عنه، الأمر الذي اعتبره السكري انحيازًا فاضحًا للأقارب والأصهار على حساب المبادئ التي يدّعي التنظيم التمسك بها.
وأشار النجار إلى أن وثيقة السكري تضمنت تفاصيل كثيرة حول هذه الوقائع، وكشفت الغطاء عن طبيعة الممارسات الداخلية للجماعة التي اعتادت التستر على الفساد والانحرافات، في الوقت الذي يظهر فيه قادتها أمام الرأي العام بمظهر الطهر والنقاء والأمانة.

Trending Plus