أوروبا تحترق.. صيف كارثى يجمع بين حرائق الغابات المدمرة وارتفاع حرارة البحار لمستويات غير مسبوقة.. خسائر بشرية وبيئية جسيمة.. وتداعيات اقتصادية بمليارات اليوروهات تهدد مستقبل القارة العجوز.. فيديو

تشهد أوروبا صيفًا غير مسبوق يجمع بين حرائق الغابات المدمرة وارتفاع حرارة البحار إلى مستويات قياسية، ما يضع القارة العجوز أمام كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية متشابكة، فبينما تلتهم النيران آلاف الهكتارات من الغابات في البرتغال وإسبانيا واليونان وتركيا، تسجّل البحار الأوروبية، وفي مقدمتها البحر الأبيض المتوسط، أرقامًا قياسية في الحرارة، مهددة الحياة البحرية والتنوع البيولوجي.
هذه الأحداث المناخية المتطرفة لا تقف عند حدود البيئة، بل تمتد لتطال النمو الاقتصادي، قطاع الصيد، السياحة الساحلية، وحتى سبل العيش اليومية لملايين المواطنين.
حرائق الغابات.. جبهات ملتهبة من الأطلسي إلى المتوسط
يكافح أكثر من 5000 رجل إطفاء عشرات الحرائق النشطة، خاصة في مناطق الشمال والوسط من البرتغال ، وتعد منطقة جواردا الأكثر تضررًا، حيث يستعر حريق ترانكوسو منذ أكثر من أسبوع، ليصبح الأطول هذا الصيف، وسُجّلت أول وفاة مؤكدة، إضافةً إلى إصابات بين رجال الإطفاء، فيما أعلنت السلطات القبض على مشتبه بهم بإشعال الحرائق عمدًا.
أما إسبانيا فإنها تمر بموسم تاريخى يعتبر الأسوأ فى تاريخها ، حيث بلغت درجات الحرارة 44 درجة مئوية ، مما أجج حرائق ضخمة التهمت عشرات آلاف الهكتارات. في زامورا، دمّر الحريق الأكبر في تاريخ البلاد 31,700 هكتار وأودى بحياة شخصين. وفي جاليسيا، حريق آخر دمّر 16 ألف هكتار، ما دفع الحكومة لنشر وحدات عسكرية للمساعدة في الإطفاء.
وفى اليونان، خلال شهرين فقط، أتت الحرائق على أكثر من 43 ألف هكتار. في إقليم آخايا شمال البيلوبونيز، شارك عشرات رجال الإطفاء وتسع طائرات، فيما صدرت تحذيرات لسكان القرى المهددة.
كما هو الحال فى تركيا ، حيث اندلع حريق واسع في محافظة مرسين أتلف 1500 هكتار وأجبر 1800 شخص على النزوح، وكشفت التحقيقات أن أعمال لحام وراء الحريق، وتم اعتقال عدد من المسؤولين، وأعلنت وزارة الزراعة والغابات أن البلاد سجلت هذا العام أكثر من 5100 حريق، 96% منها بفعل النشاط البشري، مع تفاقم المخاطر بسبب تغير المناخ.
البحار الأوروبية تغلي.. أرقام قياسية تهدد التوازن البيئي
شهدت البحار الأوروبية تسجيل 13.73 درجة مئوية كمتوسط لحرارة سطح البحار الأوروبية وهو الأعلى منذ بدء القياسات عام 1979.
وبلغ البحر الأبيض المتوسط في أغسطس 2024 حرارة 28.7°م، متجاوزًا كل الأرقام السابقة، وحمل يوليو 2025 أقوى موجة حرارة بحرية في تاريخ المتوسط، حيث كانت 63% من مساحته أعلى من المعدل بـ1 درجات مئوية ، و40% أعلى بـ2°م.
وأشارت الصحيفة إلى أن مياه بريطانيا وإيرلندا سجلت حتى 4°م فوق المعدلات المعتادة، في موجة وصفت بأنها الأطول والأكثر ضررًا، وهذه الظاهرة تؤدي إلى نفوق جماعي للكائنات البحرية، تدمير الشعاب المرجانية، اضطراب التوازن البيوكيميائي، كما تزيد من قوة العواصف والأمطار الغزيرة التي تشهدها أوروبا.
الكارثة الاقتصادية.. فواتير بمليارات اليوروهات
وفى السياق نفسه، فقد قالت التقارير الأخيرة إلى أن نمو الناتج المحلى الأوروبى تراجع ب، 0.5% فى 2025 ، وتصل إلى 1.4% نقطة فى إسبانيا و0.1 % فى ألمانيا.
وكلفت موجات الحر السابقة (2003–2018) أوروبا بين 0.3 – 0.5% من الناتج المحلي، والتوقعات المستقبلية ، وخسائر تفوق 1% سنويًا بحلول 2060، خاصة في جنوب أوروبا.
كما شهد قطاع الصيد انهيار ، تقرير JRC: انخفاض إنتاجية المتوسط بـ 10% وتراجع الكتلة السمكية بـ 6%، أي خسائر بنحو 4.7 مليار يورو سنويًا.
وتقدر موارد المتوسط الطبيعية بـ 400 مليار يورو سنويًا، مهددة بسبب تراجع الزوار، اختفاء مواطن الحياة البحرية، وارتفاع الحرارة.
أوروبا تحت وطأة الجفاف.. أزمة مائية تهدد الزراعة والاقتصاد والبيئة
وشهدت أجزاء واسعة من أوروبا في مايو 2025 أقسى حالات الجفاف منذ بدء المراقبة في 2012، حيث تأثّرت بنسبة 53% من أراضي القارة وحوض البحر المتوسط.
وترافقت هذه الظروف مع تسجيل مايو ثاني أحر شهر على مستوى العالم، وارتفاع متوسط درجات الحرارة فوق المستويات المتوسطة لفترة ما قبل الثورة الصناعية بـ1.4 درجة حرارة .
في ألمانيا، سجلت الفترة من فبراير إلى منتصف أبريل جفافًا غير مسبوق منذ عام 1931، مع تراجع في هطول الأمطار بنسبة 68% عن المعدلات الطبيعية.
وحذر البنك المركزي الأوروبي من أن الجفاف "قد يهدّد نحو 15% من الناتج الاقتصادي لدول منطقة اليورو"، لا سيما في قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة.
في صربيا وسلوفينيا وعدة دول بالبلقان، أدى الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة إلى نفوق المواشي وفقدان المحاصيل، مع تعاظم الحاجة إلى شاحنات نقل المياه.

Trending Plus