البابا تواضروس يدعو إلى الحوار والتفاهم بمقال فى "الكرازة المرقسية"

نشر قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مقالًا هامًا في مجلة "الكرازة"، تناول فيه مفهوم "العالم المتصل" (Connected World) وأهمية الحوار والتفاهم في ظل التحديات المعاصرة. ويسلط المقال الضوء على دعوة قداسته إلى استثمار التكنولوجيا في بناء جسور إنسانية متينة تقوم على المحبة والاحترام المتبادل، بدلاً من الانعزال والتنافر.
الحوار كضرورة إنسانية في عالم رقمي
وأوضح قداسة البابا فى مقاله أن التقدم التكنولوجي الهائل، وخصوصًا شبكات التواصل الاجتماعي، قد حوّل العالم إلى قرية صغيرة، حيث أصبح التواصل أسهل وأسرع. ومع ذلك، شدد قداسته على أن هذا الاتصال الظاهري لا يجب أن يغني عن الحوار الإنساني الحقيقي، بل يجعله أكثر أهمية وضرورة. وأكد أن التفاعل الإيجابي هو ما يضمن تجاوز الاختلافات الثقافية والدينية والسياسية، والوصول إلى فهم مشترك يحقق التعايش السلمي.

مقال قداسة البابا
أنواع الحوار: من الذات إلى العالم
قدم البابا تواضروس رؤية شاملة لأنواع الحوار، مؤكدًا أن الحوار يبدأ من الداخل لينطلق إلى الخارج. فبدأ بالحديث عن الحوار الروحي الذي يربط الإنسان بخالقه، والحوار الذاتي الذي يساعد على فهم النفس وتطويرها، وصولًا إلى الحوار الأسري الذي يعزز الروابط بين أفراد الأسرة. وتوسع قداسته ليشمل الحوار الكنسي لتعميق الوحدة الروحية، والحوار الوطني من أجل بناء مستقبل مشترك، وأخيرًا الحوار العالمي الذي يهدف إلى تحقيق السلام بين الشعوب كافة.
التفاعل المثمر: أساس بناء العلاقات
لم يقتصر المقال على الدعوة إلى الحوار، بل تجاوزها إلى التأكيد على أهمية "التفاعل المثمر". وأشار قداسته إلى أن هذا التفاعل يجب أن يرتكز على قيم المحبة والقبول، بعيدًا عن أي أحكام مسبقة أو صراعات. ودعا إلى استخدام التكنولوجيا كوسيلة لتبادل الخبرات والمعارف، والعمل معًا من أجل الخير العام، مؤكدًا أن الهدف من الحوار ليس بالضرورة الاتفاق على كل شيء، بل هو إقامة جسور من التفاهم والاحترام.
تحذيرات وتحديات العصر الرقمي
وفي سياق متصل، حذر قداسة البابا من التحديات المصاحبة للعصر الرقمي، مثل الانعزال الاجتماعي رغم الاتصال الدائم، وانتشار المعلومات المضللة، وتزايد خطابات الكراهية والتطرف. ودعا إلى الحذر في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتوظيفها بشكل بناء يخدم العلاقات الإنسانية ويعمقها، بدلاً من أن تصبح سببًا في الانقسام والفرقة.
رسالة ختامية المحبة أساس التعايش
واختتم البابا تواضروس مقاله برسالة قوية، مفادها أن المحبة هي القيمة الأساسية التي يجب أن تحكم العلاقات الإنسانية في هذا العالم المتصل. ودعا قداسته الجميع إلى العودة إلى هذه القيم، وإعادة بناء علاقات إنسانية حقيقية تقوم على الاحترام المتبادل، مؤكدًا أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال حوار بناء وتفاعل إيجابي يعترف بالآخر ويقبله.

Trending Plus