الكنيسة القبطية تستعد لعيد العذراء مريم في 22 أغسطس.. فرح روحى وطقوس مميزة واستعدادات مبكرة في الكنائس والأديرة.. الأديرة محطات حج روحي.. وقداسات على مدار اليوم مراعاة للموظفين والأسر والأطفال

تستعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذه الأيام للاحتفال بعيد السيدة العذراء مريم، الذي يوافق الثاني والعشرين من أغسطس من كل عام، في ختام صوم العذراء الذي استمر خمسة عشر يومًا، وتزينت الكنائس بالمصابيح والأنوار، بينما امتلأت الأديرة بالمصلين والزائرين، الذين يتوافدون من مختلف المحافظات ليشاركوا في أجواء روحية فريدة تكرس فيها الكنيسة مكانة العذراء كأم ومثال للإيمان والطهارة.
وذكرت مصادر كنسية أن هناك إيبارشيات عديدة أصدرت توجيهات وبيانات لتنظيم مواعيد القداسات والاحتفالات، مؤكدة على مراعاة الإجراءات التنظيمية داخل الكنائس، مع توفير أماكن خاصة للسيدات والأطفال، إلى جانب تخصيص لجان لخدمة الزوار، خاصة في الأديرة الكبرى التي تشهد توافدًا كثيفًا في هذه المناسبة.
طقوس اليوم المقدس
ويبدأ الاحتفال بعيد العذراء بصلاة القداس الإلهي في ساعات الصباح الأولى، حيث ترتفع الترانيم الخاصة بالعذراء ومنها "تي شورى" و"شيري ني ماريا"، بينما تقرأ الكنيسة فصولاً من الإنجيل تركز على بشارة الملاك جبرائيل للعذراء وتجسد الكلمة. وتتميز الصلوات في هذا اليوم بروح الفرح، إذ تحتفل الكنيسة بعيد ميلاد السماء للأم العذراء، وتقدم القرابين والذبائح شكرًا لله.
وتقام الزفة بالصور والأيقونات في بعض الكنائس، ويشارك فيها الشمامسة بالملابس البيضاء ويحملون الصلبان والشموع، فيما تصدح أصوات المصلين بالتراتيل التي تمجد العذراء وتدعو المؤمنين للاقتداء بفضائلها.
الأديرة محطات حج روحي
وتعد الأديرة المكرسة للعذراء مريم أبرز محطات الاحتفال، إذ تشهد إقبالًا واسعًا من الأقباط، خاصة دير السيدة العذراء بجبل الطير في المنيا، ودير المحرق بأسيوط، ودير درنكة، ودير العذراء بالبرموس في وادي النطرون، إضافة إلى كنائسها التاريخية في القاهرة مثل كنيسة العذراء بحارة زويلة وكنيسة مسطرد وكنيسة الزيتون.
وتحرص هذه الأديرة على استقبال الزائرين منذ أيام الصوم، حيث تُقام النهضات الروحية اليومية التي تشمل التسبحة والقداسات والعظات الروحية. وفي ليلة العيد، يشارك الآلاف في السهرات الروحية حتى فجر يوم 22 أغسطس، مرددين التماجيد التي تفيض بالحب للعذراء.
فرحة الأقباط بالعيد
ويمثل عيد العذراء مريم للأقباط يومًا استثنائيًا يحمل أبعادًا روحية وإنسانية، فهو عيد للأمهات وللأسرة المصرية كلها. إذ يتوافد الأبناء مع ذويهم إلى الكنائس حاملين الزهور والشموع، ويشارك الأطفال في ترديد الترانيم، بينما تتزين الشرفات والبيوت بصور العذراء وأيقوناتها.
ويعتبر الكثير من الأقباط أن هذا اليوم فرصة لتجديد العهود الروحية وطلب شفاعة العذراء في حياتهم اليومية، سواء بالصلاة من أجل شفاء المرضى أو بركة البيوت أو تحقيق الأمنيات. وتنعكس الفرحة أيضًا في الطقوس الاجتماعية حيث تُقام الموائد العائلية بعد القداسات، وتبادل الزيارات بين الأسر.
مواعيد القداسات والأجواء الاحتفالية
أعلنت الكنائس عن تنظيم قداسات صباحية مبكرة تبدأ في السادسة أو السابعة صباحًا في معظم الإيبارشيات، فيما تقام قداسات إضافية مساءً لإتاحة الفرصة أمام العاملين والطلاب. كما خصصت بعض الكنائس قداسات للأطفال والشباب تتخللها مسابقات دينية عن حياة العذراء.
وفي محيط الأديرة الكبرى، تُقام معارض للكتب الدينية والهدايا الروحية، فضلًا عن بازارات خيرية لدعم الأسر البسيطة. كما تقدم فرق الكشافة الكنسية عروضًا موسيقية واحتفالية عند مداخل الكنائس، لإضفاء أجواء البهجة والتنظيم في آن واحد.
عيد العذراء.. روحانية تتجدد
يأتي عيد العذراء مريم ليجدد مكانة "أم النور" في قلوب الأقباط، الذين يرون فيها شفيعة قوية وأمًا رحيمة ترافقهم في دروب الحياة. ومع ختام صومها المحبوب، يعيش الأقباط أجواء مفعمة بالإيمان والرجاء، ممتزجة بالفرح الأسري والطقس الروحي الفريد.
ويؤكد كهنة الكنيسة أن عيد العذراء ليس مجرد مناسبة طقسية، بل هو مدرسة إيمانية يتعلم منها المؤمنون الصبر والتواضع والخدمة، وهو ما يجعل 22 أغسطس من كل عام يومًا مضيئًا في الذاكرة القبطية والوجدان المصري العام.

Trending Plus