سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 أغسطس 1882.. ديليسيبس يخدع أحمد عرابى ويقدم التسهيلات إلى القوات الإنجليزية لاستخدام القناة فى احتلال السويس والإسماعيلية ضمن مخطط احتلال مصر

احمد عرابي
احمد عرابي

كان عدد من الأوروبيين بمدينة الإسماعيلية يسهرون ليلة راقصة بمنزل «المسيو بواليرى» ليلة 19 أغسطس، مثل هذا اليوم، عام 1882، حسبما يذكر أحمد عرابى فى مذكراته، مضيفا: «كان الوقت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، إذا بحركة فى طرق المدينة تصم الآذان، فمن إطلاق بنادق وسوق عساكر وجر مدافع إلى غير ذلك مما كان حدوثه غير منتظر، وكان أصحاب تلك الحركة هم الإنجليز الذين أخذوا يخرجون إلى المدينة غير مبالين بذعر السكان وقتلهم فى الطرق بنار البنادق».

وقع هذا العدوان من الإنجليز تمهيدا لقيامهم باحتلال الإسماعيلية ضمن خطتهم باحتلال مدن القناة استعدادا لاحتلال مصر كلها، وتحقق ذلك بهزيمة أحمد عرابى أمام القوات الإنجليزية فى «التل الكبير» يوم 13 سبتمبر 1882، لتزحف هذه القوات بعدها إلى القاهرة واحتلالها بخيانة من الخديو توفيق.

فى قصة احتلال الإنجليز لمدن القناة «السويس والاسماعيلية وبورسعيد»، واستخدام قناة السويس فى هذا الأمر درس تاريخى مهم وعميق فى مسألة تبعية شركة القناة للسيادة المصرية، والخطر الذى كان يهدد أمن مصر من خضوعها للسيطرة الأجنبية، وعلى هذه القاعدة فإن الدراسات التاريخية حول قرار جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس يوم 26 يوليو 1956، تستدعى قصة استخدامها فى هزيمة الثورة العرابية واحتلال الإنجليز لمصر.

يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى»: «عقد عرابى مجلسا عسكريا فى أواخر يوليو 1882 للنظر فى أمر القناة، فأجمع رأى المجلس على وجوب تعطيلها بحيث لا يستطيع الجيش الإنجليزى اجتيازها والوصول إلى الشاطئ الغربى منها وخاصة الإسماعيلية، فلما علم ديليسيبس بذلك، أرسل إلى عرابى أن يمتنع عن قطع القناة، وأكد له كذبا أن الإنجليز يستحيل أن يدخلوها، فانخدع عرابى بهذا التلغراف رغم تحذير إخوانه له ونصحهم بألا يصغى إلى نصيحة ديليسيبس، واستمر على خداعه حتى وصلت البوارج الإنجليزية إلى بورسعيد لاحتلال القناة، فأرسل إلى عرابى تلغرافا آخر يقول فيه: لا تعمل عملا ما لسد قناتى، فإنى هنا، ولا تخش شيئا من هذه الناحية، إذ لا ينزل جندى إنجليزى واحد إلا وبصحبته جندى فرنسى، وأنا المسؤول عن ذلك».

كان ديليسيبس يكذب ويخدع عرابى، وحسب الرافعى فإنه فى ظهر يوم 19 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1882، أقلع الأسطول الإنجليزى من الإسكندرية بقيادة الأميرال «سيمور»، وكان مؤلفا من ثمانى مدرعات، وثمانى عشرة باخرة من بواخر النقل تقل معظم الجيش الإنجليزى بقيادة الجنرال «ولسلى» واتجه إلى «أبوقير»، وفى الليل استأنف سيره».

يذكر عرابى: «ورد تلغراف من محافظة السويس بأن الإنجليز أطلقوا مدافعهم على المدينة، ولما لم يجاوبهم أحد خرجوا إلى البر، واحتلوا المدينة فى نفس اليوم، 19 أغسطس 1882»، ويضيف الرافعى: «بعد احتلال السويس قصدت سفن الأسطول الإنجليزى بورسعيد فوصلتها صباح 20 أغسطس 1882، وأخذت السفن الحربية تقتحم القناة، ونزلت كتيبة من جنود الأسطول إلى بورسعيد، واحتلوا المدينة دون مقاومة، وكذلك احتل الإنجليز القنطرة والإسماعيلية فى هذا اليوم».

يؤكد الرافعى: «جعل الإنجليز من القناة قاعدة حربية سهلت لهم مهمة الزحف على مصر، ولولاها ما استطاعوا أن يصلوا إلى الإسماعيلية بحرا، ويزحفوا منها إلى العاصمة من طريق التل الكبير والزقازيق، فوصول البوارج الإنجليزية إلى الإسماعيلية واتخاذهم إياها قاعدة زحفهم ما كان ليحدث لو لم تكن قناة السويس موجودة»، ويعلق الرافعى: «كذلك كانت القناة شؤما على مصر فى جميع أدوارها».

هكذا لعب ديليسيبس لعبته مع الإنجليز، وجعل القناة معبرا للقوات الإنجليزية لاحتلال مصر بتشجيع من الخديو توفيق، ويشرح عرابى ما حدث ليلة 19 أغسطس فى الإسماعيلية حين خرجت القوات الإنجليزية فى طرقات المدينة الساعة الثانية بعد منتصف الليل، قائلا فى مذكراته: «بعد خروج الإنجليز بقليل دوت أصوات المدافع، وذلك بأن أخذت السفينة «أوريون» والسفينة «كاوليفور» فى إطلاق مدافعها على «نفيشة» التى تبعد عن الإسماعيلية مسافة ثلاثة كيلومترات، ثم استمر إطلاق البنادق متتاليا متتابعا فى شوارع المدينة، وعند بزوغ الفجر انقطع اندفاع رصاص البنادق فى حارة الأوروبيين، وأصيب به رجل هولندى الأصل يدعى المسيو «برونيس»، وبعد شروق الشمس انطلق الملاحون الإنجليز إلى قرية العرب، وأخذوا يطلقون النار على النساء والأطفال فكانوا يفرون من وجوههم إلى الصحراء ويملأون بصراخهم الفضاء، وقد أسروا بعض رجال البوليس من غير أن يبدى أحد منهم أدنى مقاومة، ولكن قتل أحدهم أثناء محاولته الفرار مع عائلته».

يؤكد عرابى، أنه بعد نزول الإنجليز إلى البر قطعوا الأسلاك التلغرافية المتصلة بالسويس وبورسعيد، ويضيف: «تم الحجر على زوارقنا، وأصبحت الإسماعيلية ضمن حصار مخيف».

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بعد تعيينه رئيسا تنفيذيا لوكالة الفضاء.. السيرة الذاتية للدكتور ماجد إسماعيل

حصاد المحترفين فى أوروبا هذا الأسبوع.. محمد صلاح ملك الإبداع

هدير عبد الرازق تعلق على فيديوهاتها المتداولة عبر مواقع التواصل

إصابة علي معلول تثير قلق جماهير الصفاقسي التونسي

الأهلى يعلن تفاصيل إصابة ياسين مرعى ومحمد شكرى قبل مواجهة المحلة


نتيجة تقليل الاغتراب.. مكتب التنسيق: تطبيق الـ10% لقبول تحويلات المتقدمين

كييزا يغلق باب الرحيل ويتمسك بالبقاء مع ليفربول

أوس أوس ضيف برنامج فضفضت أوى على watch it غداً الأربعاء

موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص

التحقيق مع التيك توكر بطة ضياء بتهمة نشر محتوي خادش للحياء


نتيجة تقليل الاغتراب.. رابط موقع التنسيق للحصول على النتيجة فور اعتمادها

طلبة علمى هيدرسوا تاريخ.. المواد الدراسية للصف الثانى الثانوى العام 2026

أكرم القصاص يكتب: انتفاضة مصرية من معبر رفح ضد التهجير والجرائم والمناورات الصهيونية

تقليل الاغتراب.. موقع التنسيق يواصل إتاحة التسجيل رغم انتهاء الموعد المقرر

الزمالك يتفق مع حسام عبد المجيد على تمديد العقد

كيف سيتم تحديد زيادة الأجرة بقانون الإيجار القديم؟ .. اعرف التفاصيل

منتخب مصر يبحث عن حلول لأزمة الدفاع قبل مباراتىّ إثيوبيا وبوركينا

ريبيرو يدرس تثبيت تشكيل الأهلي فى مباراة غزل المحلة

صراع سداسي.. محمد صلاح ينافس على جائزة جديدة فى إنجلترا اليوم

جدول مباريات كأس السوبر السعودى 2025 والقنوات الناقلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى