الشرطة فى خدمة الذوق العام.. الداخلية تضبط صانعى محتوى لبثهم ألفاظا خادشة للحياء.. خبراء لليوم السابع: ينشرون فيديوهات تضرب قيم المجتمع.. ويؤكدون: هدفهم تحقيق مشاهدات مرتفعة وأرباح كبيرة.. ويواجهون عقوبات رادعة

كثفت وزارة الداخلية من جهودها في مواجهة بعض ممارسات ما يُعرف بصناعة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تنحرف في بعض الحالات عن الإطار الأخلاقي والقانوني، مستهدفة بث مقاطع تتضمن ألفاظًا خادشة للحياء ومشاهد تتنافى مع قيم وتقاليد المجتمع، بهدف كسب نسب مشاهدة مرتفعة وتحقيق أرباح مالية على حساب الذوق العام والنظام العام.
في أحدث تحرك أمني، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط سيدتين نشرتا مقاطع فيديو تتضمن محتوى خادشًا للحياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تلقي عدد من البلاغات من المواطنين ومحامين أفادوا بأن هذا النوع من المحتوى يمثل خرقًا للآداب العامة، ويُعد إساءة صريحة لاستخدام المنصات الرقمية.
أوضحت التحريات أن المتهمتين، وهما ربتا منزل من محافظتي القاهرة والقليوبية، نشرتا عن عمد هذه المقاطع بهدف رفع نسب المشاهدة وزيادة العوائد المادية.

المتهمة أم سجدة
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، تم القبض على المتهمتين، حيث أقرتا خلال التحقيقات بما نسب إليهما من اتهامات، معترفتين بأن الهدف الرئيسي من نشر هذا النوع من المقاطع هو السعي وراء الشهرة السريعة، وتحقيق أرباح كبيرة من منصات الفيديو المختلفة.
وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن المتهمتين استغلتا ثغرات في الفضاء الإلكتروني في تمرير محتوى غير لائق، مدفوعتين بحالة من التنافس غير المنضبط المنتشر بين صناع المحتوى.
وأشاد مواطنون بجهود وزارة الداخلية في التصدي لهذا النوع من المخالفات التي لا تمس فقط القانون، بل تضرب في الصميم القيم الأخلاقية والثقافية التي يقوم عليها المجتمع المصري.
وأكد عدد من المواطنين، في تصريحات متفرقة، أن التحرك السريع والحاسم من جانب الجهات الأمنية هو ما ينتظره الرأي العام دومًا، للحفاظ على ثوابت المجتمع، ومنع تحول المنصات الرقمية إلى بيئة غير آمنة، خاصة في ظل استخدام هذه الوسائل من قِبل الأطفال والمراهقين.
من جانبه، أكد اللواء أحمد جمال، الخبير الأمني، أن وزارة الداخلية ترصد أي تجاوزات على منصات التواصل الاجتماعي، وتتحرك فورًا بالتنسيق مع الجهات القضائية لضبط المخالفين، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة لم تعد عفوية أو فردية، بل باتت تشكل نمطًا متكررًا يتطلب الردع القانوني السريع.
وقال إن الوزارة تتعامل مع بلاغات متزايدة من محامين ومواطنين بشأن محتوى غير لائق، ما يعكس حجم القلق المجتمعي من هذه التصرفات التي تشكل خطورة على البناء القيمي.

المتهمة أم مكة
وأضاف أن بعض صانعي المحتوى لا يعون خطورة ما ينشرونه، خاصة أن هذه المقاطع تنتشر بين شرائح عمرية مختلفة، وتساهم في تطبيع سلوكيات تتعارض مع التربية السليمة، فضلًا عن كونها تؤثر سلبًا على صورة المجتمع المصري أمام العالم.
وشدد على أن القانون يجب أن يطبق بحزم على من يستغل وسائل الإعلام الحديثة لتحقيق مكاسب شخصية على حساب القيم العامة.
أما اللواء الدكتور أحمد كساب، فقد أشار إلى أن فيديوهات من هذا النوع تمثل خطرًا حقيقيًا على المجتمع، وخصوصًا على الأجيال الشابة التي قد تتأثر سلبيًا بمضامين لا تخضع لأي رقابة أو ضوابط مهنية.
وأشاد "كساب"، بسرعة تدخل وزارة الداخلية، واصفًا الإجراءات المتخذة بأنها نموذج للاستجابة الفعالة والسريعة في حفظ الأمن القيمي، مضيفا أن الداخلية لا تتحرك فقط بعد وقوع المخالفات، بل تتابع المشهد الرقمي لحظة بلحظة وتجمع المعلومات قبل اتخاذ أي إجراء، وهو ما يعزز من فعالية الردع ويمنح الثقة للمجتمع.
من الناحية القانونية، يوضح الخبير القانوني علي الطباخ أن العقوبات المقررة على مثل هذه الأفعال واضحة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقانون العقوبات المصري، والتي تتضمن الحبس والغرامة، فضلًا عن إمكانية غلق الصفحات أو القنوات المستخدمة في بث المحتوى المخالف.
وأشار إلى أن المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تعاقب كل من ينتهك حرمة الحياة الخاصة أو ينشر محتوى مخلًا بالحياء، كما يتيح القانون للنيابة العامة اتخاذ إجراءات صارمة تجاه المحتوى الضار بالقيم.

المتهمتان أم مكة وأم سجدة
وأكد أن التوسع في نشر مثل هذه الفيديوهات يؤدي إلى تطبيع محتوى غير لائق، ما يستدعي تدخلًا تشريعيًا مكمّلًا يفرض مزيدًا من القيود على المنصات التي تتربح من وراء هذا النوع من المحتوى، مشيرا إلى ضرورة أن يتحمل مقدمو الخدمة الرقمية مسؤوليتهم في الرقابة المسبقة والحذف الفوري لأي مواد مخالفة، بالتعاون مع الجهات المعنية.
تعكس هذه الواقعة التحديات المتنامية في التعامل مع الفضاء الإلكتروني، خاصة في ظل تصاعد ظاهرة "الترند"، التي تدفع البعض إلى تجاوز الخطوط الحمراء بغرض الظهور السريع والربح السهل، غير مدركين لما يترتب على ذلك من تبعات قانونية واجتماعية.
ويبقى الرهان على وعي المجتمع وقدرة مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها وزارة الداخلية، على فرض الانضباط في هذا الفضاء المفتوح الذي بات يشكل ساحة صراع بين حرية التعبير، وبين الحفاظ على ثوابت المجتمع.

Trending Plus