حكاية قصر عائلة "أجيون" فى الإسكندرية.. تحفة معمارية بشارع فؤاد من القرن التاسع عشر.. صممه أنطوان لاشياك عام 1882.. وسليم وبشارة تقلا اشتريا المبنى ليصبح مقرا لجريدة الأهرام.. وخبير: مزيح من الفن الإيطالى.. صور

قصر عائلة " أجيون" بشارع فؤاد بالإسكندرية

الإسكندرية أسماء على بدر

السبت، 02 أغسطس 2025 09:00 ص

هناك العديد من المباني التراثية بمحافظة الإسكندرية، التي بمجرد مشاهدتها تسرد لك تفاصيل وحكايات الماضي، وتعيدك بالزمن لعقود طويلة، خاصة مباني شارع فؤاد العريقة، ومنها قصر عائلة "أجيون"، أقدم مبنى في الشارع، والذي يحمل بين جدرانه تاريخًا معماريًا وثقافيًا ثريًا.

القصر في الأصل

القصر كان مقرًا لعائلة "أجيون"، وهي من أغنى وأشهر العائلات اليهودية في مصر، التي عملت في تجارة وتصدير القطن، وكانت تمتلك العديد من العقارات والشركات والبنوك. وقد عُرفت العائلة بثروتها الكبيرة ونفوذها الواسع في الأوساط الاقتصادية.

تاريخ البناء

يرجع تاريخ بناء قصر "أجيون"، المعروف حاليًا بمبنى جريدة "الأهرام" بشارع فؤاد، إلى الفترة من 1885 إلى 1887، بعد أن تعرضت العائلة لأضرار جسيمة نتيجة قصف الأسطول البريطاني للإسكندرية عام 1882. وقد تهدمت منشآت تابعة لها، لكنها استطاعت الحصول على تعويضات كبيرة من الحكومة، مكّنتها من بناء مقر جديد للإقامة، هو المبنى الذي أصبح لاحقًا مقرًا لجريدة الأهرام.

التصميم المعماري

يقول محمد سعيد، الخبير الأثري، إن المبنى يُعد مزيجًا فنيًا بين الطراز الإيطالي واللمسات اليونانية. وقد صمّمه المهندس الإيطالي الشهير "أنطوان لاشياك"، الذي عُين لاحقًا مهندسًا للقصور الخديوية في عهد الخديوي توفيق. بُني القصر على طراز الباروك الإيطالي، وتميز بتصميمات فريدة مثل رؤوس الأفيال التي تحمل الأسقف.

أما التنفيذ فكان على يد المقاول اليوناني البارز "جورج زورو"، الذي شارك في إعادة إعمار الإسكندرية بعد القصف، وتعاون مع لاشياك في تنفيذ عدة مشروعات تابعة للشركة العقارية المصرية، خاصة في منطقتي المنشية وشارع شريف باشا.

انتقال الملكية

انتقلت ملكية القصر من عائلة "أجيون" بعد أن جاء الأخوان سليم وبشارة تقلا إلى مصر، وتمكّنا من تأسيس جريدة "الأهرام" بشارع البورصة المتفرع من ميدان القناصل (المنشية حاليًا). وبعد سنوات من القصف، اشتريا المبنى من العائلة، ليصبح مقرًا للجريدة، وأجريا تعديلات داخلية عليه، من بينها ديكورات وأبواب تحمل شعار "الأهرام" من الحديد المشغول، وتم تخصيصه كمقر دائم للصحفيين حتى الآن.

شارع فؤاد.. أقدم شوارع العالم

شارع فؤاد هو أحد أقدم الشوارع في الإسكندرية ومصر والعالم، حيث يعود تاريخه إلى عام 331 قبل الميلاد في عهد البطالمة. كان يُعرف بـ"الطريق الكانوبى"، وكانت تصطف على جانبيه الأعمدة الرخامية. تغيّر اسمه لاحقًا إلى "طريق رشيد" بعد الفتح الإسلامي، ثم أصبح "شارع فؤاد" نسبة إلى الملك فؤاد، ويُعرف اليوم أيضًا باسم "طريق الحرية" أو "شارع جمال عبد الناصر"، حيث يُعد امتدادًا لشارع أبو قير.

تتميز مباني الشارع بطابع معماري فريد، يجمع بين الطراز اليوناني والفن الإيطالي الفلورنسي، إلى جانب الطراز الفرنسي والإنجليزي. وقد تنافس فنانون عالميون ومصريون في تصميم منازله، ما جعلها تعيش لأكثر من قرن، وكأنها شُيّدت بالأمس.

يضم الشارع أكثر من 50 مبنى تاريخيًا، من بينها مبنيان حازا جائزة "أفضل تصميم للواجهة" من المجلس البلدي، هما عمارة "تراسك باس"، وعمارة "فومارولي"، اللتان أسسهما مستثمرون يونانيون في القرن الماضي.

معالم شارع فؤاد

يقع شارع فؤاد في منطقة محطة الرمل بوسط الإسكندرية، ويبدأ بقسم شرطة العطارين، الذي كان يمثل مركز الحراسة البريطانية في الإسكندرية، ويجاوره معبد صغير لـ"سيرابيس"، ومبنى نادي "محمد علي" – الذي أصبح لاحقًا مركز الحرية والإبداع – وكان أكبر نوادي الإسكندرية في أوائل القرن التاسع عشر.

كما يضم الشارع مقر الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة، التي أُنشئت بموجب القرار الجمهوري رقم 691 لسنة 1957 والمعدل بالقرار رقم 191 لسنة 1959. ويتقاطع الشارع مع شارع النبي دانيال، وهو التقاطع الرئيسي لشبكة طرق المدينة القديمة التي وضعها المهندس الإغريقي "دينوقراطيس".