محتوى البلوجر للبيع.. والحياء في المزاد

بينما يلهث البعض خلف ضوء الكاميرا الزائف، يسقطون في ظلام المحتوى الرخيص. على منصات التواصل، لم يعد المطلوب موهبة ولا فكرة، بل مجرد جرأة تتجاوز حدود الأخلاق، وألفاظ تخدش الحياء وتخترق جدران البيوت، بحثًا عن مشاهدات ترتفع، ودولارات تهطل من خوارزميات لا تفرّق بين القبيح والجميل.
في زحام هذا الصخب، تطل وجوه اعتادت أن تُهين الذوق العام، لا لشيء إلا لجذب جمهور سريع الانبهار. بلوجر يتحدث عن "الثراء السريع"، وآخر يروج لوهم "المال السهل"، وثالثة تتباهى بعدد المشاهدات بينما تنهار القيم جملة وتفصيلاً. كلمات نابية، وسلوكيات منحطة، وشاشات تزرع في عقول المراهقين أن النجاح لا يمر بالتعليم ولا بالاجتهاد، بل بكاميرا وهاتف وجرأة على هدم كل ما هو جميل.
هنا، يأتي دور الدولة في إعادة ضبط البوصلة. وزارة الداخلية، بحزم واحتراف، وجّهت ضربات متتالية لهؤلاء الذين تخففوا من كل مسؤولية، وقرروا أن يصنعوا "محتوى" يليق بسوق لا يحكمه ضمير. بلاغات من المواطنين، شكاوى من محامين، ومتابعة دقيقة من الأجهزة المعنية، كلها أفضت إلى القبض على عدد من هؤلاء، ممن اعتادوا تقديم فيديوهات خادشة تخالف كل ما تربى عليه المجتمع المصري.
الداخلية لا تصادر حرية التعبير، بل تحمي حريتنا من أن تُختطف على يد من يحوّلون السوشيال ميديا إلى مسرح للابتذال، ومحطة لتدمير أحلام الطلاب الذين يُلقنون بأن التعليم طريق طويل، بينما المحتوى المنحرف أقصر الطرق للثراء. وهكذا يتحطم الطموح، وتضعف الإرادة، ويظن الشاب أن الكاميرا بديل عن الكتاب، وأن "الترند" أهم من النجاح الحقيقي.
الرد الأمني كان حاسمًا، والمجتمع تنفس الصعداء. فحين تتقدم الدولة بخطوات سريعة نحو تنظيف الفضاء الإلكتروني من شوائب المحتوى المؤذي، فإنها بذلك لا تحمي القانون فحسب، بل تحمي المستقبل، وتحافظ على الوعي الجمعي من التآكل.

Trending Plus