الجيل الثانى لمنظومة الرى المصرية 2.0.. القاهرة تتصدر المشهد الإقليمى فى معالجة المياه لتعظيم الاستفادة من كل قطرة.. 3 مشروعات عملاقة لمعالجة الصرف الزراعى.. الاستراتيجية تساهم فى إنجاز 4.8 مليار م³ طاقة معالجة

فى إطار سعيها الدؤوب لتحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة، تشهد مصر اليوم إنجازات غير مسبوقة فى مجال معالجة وإعادة استخدام المياه، لتتربع على القمة فى الدول الرائدة فى هذا المجال الحيوى، وزارة الموارد المائية والرى، لم تكتفِ بتلبية الاحتياجات المائية المتزايدة فحسب، بل أرست دعائم مستقبل مائى أكثر استقرارًا ومرونة من خلال مشروعات عملاقة تجاوزت كل التوقعات.
تندرج هذه الإنجازات ضمن رؤية استراتيجية شاملة تُعرف بـ "الجيل الثانى لمنظومة الرى المصرية 2.0"، هذه المنظومة تعكس وعيًا عميقًا بالتحديات المائية العالمية والمحلية، وتضع خططًا واضحة لتحويل هذه التحديات إلى فرص، معالجة وإعادة استخدام المياه تمثل الركيزة الأولى والأكثر أهمية فى هذه المنظومة، لما لها من تأثير مباشر فى تعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه.
إحتياجات مصر المائية حوالى 114 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، فى حين تقدر موارد مصر المائية بحوالى 59.60 مليار متر مكعب سنويًا “ 55.50 مليار من مياه نهر النيل – 1.30 مليار من مياه الأمطار – 2.40 مليار من المياه الجوفية العميقة الغير متجددة – ٠.40 مليار من تحلية مياه البحر “، مع إعادة إستخدام 20.90 مليار متر مكعب سنويًا من المياه، وإستيراد محاصيل زراعية من الخارج تقابل إستهلاك مائى يُقدر بحوالى 33.50 مليار متر مكعب سنويًا من المياه.
ودفعت هذه التحديات الدولة المصرية للبحث عن حلول على أرض مصر للتعامل الفعال مع هذه التحديات وتقليل فاتورة الإستيراد من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى مجال إعادة إستخدام مياه الصرف الزراعى كلفتها مليارات الجنيهات فى ضوء ما نعانيه من الشح المائى، عبر المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعى، فلم يعد الحديث عن معالجة المياه مجرد طموح، بل أصبح واقعًا ملموسًا بأرقام قياسية، فإجمالى طاقة المعالجة للمياه فى مصر قد وصل إلى 4.80 مليار متر مكعب سنويًا، هذا الرقم لم يتحقق إلا بفضل تنفيذ مشروعات كبرى ذات أبعاد استراتيجية وغير مسبوقة.
محطة بحر البقر لمعالجة المياه: هذه المحطة بقدرة معالجة يومية تصل إلى 5.60 مليون متر مكعب، ومساهمتها تساهم فى استصلاح ما يقرب من 456 ألف فدان من الأراضى الزراعية، دافعةً بذلك عجلة الإنتاج الزراعى والأمن الغذائي.
محطة الدلتا الجديدة: بطاقة معالجة هائلة تبلغ 7.50 مليون متر مكعب يوميًا، تلعب هذه المحطة دورًا محوريًا فى توفير المياه اللازمة لاستصلاح 362 ألف فدان ضمن مشروع الدلتا الجديدة العملاق، الذى يهدف إلى توسيع الرقعة الزراعية بشكل كبير.
محطة المحسمة: بقدرة 1 مليون متر مكعب يوميًا، استطاعت هذه المحطة أن تساهم بفاعلية فى استصلاح 50 ألف فدان، لتضيف بذلك مساحات جديدة من الأراضى المنتجة للخريطة الزراعية المصرية.
هذه المحطات، إلى جانب جهود مستمرة فى إدارة الموارد، سمحت بإعادة استخدام 21 مليار متر مكعب سنويًا من المياه، مما يعكس كفاءة غير مسبوقة فى الاستغلال الأمثل للموارد المائية المتاحة.
تتجاوز أهمية هذه المشروعات مجرد توفير المياه، إنها تمثل عصب التنمية الشاملة التى تسعى إليها مصر فى مجالات عدة، حيث أن توفير كميات من المياه المعالجة يفتح آفاقًا جديدة لاستصلاح الأراضى الصحراوية، مما يعزز قدرة مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء ويقلل من فاتورة الاستيراد.
كما أن المياه المعالجة تعد موردًا قيمًا لدعم القطاعات الصناعية والمشروعات العمرانية الجديدة، مما يقلل الضغط على الموارد المائية العذبة التقليدية، مع تزايد تحديات ندرة المياه والتغيرات المناخية.
لا تتوقف طموحات وزارة الموارد المائية والرى عند هذا الحد، فالوزارة تدرس بجدية التوجه نحو تحلية مياه البحر للإنتاج الكثيف للغذاء، كأحد الحلول المستقبلية لمواجهة تحديات المياه والغذاء المتنامية. هذه الخطوة تعكس رؤية استشرافية تهدف إلى تنويع مصادر المياه، وتوفير احتياجات مصر المستقبلية من المياه اللازمة للزراعة والصناعة والتوسع العمراني.
إن الإنجازات المحققة فى مجال معالجة وإعادة استخدام المياه ليست مجرد مشاريع، بل هى شهادة على إرادة قوية ورؤية واضحة لمستقبل مائى آمن ومزدهر لمصر، يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية كدولة تستثمر فى حلول مبتكرة لمواجهة تحديات العصر.

Trending Plus