بعد تهديدات بتعويضات نصف مليار جنيه.. كيف أجبرت القضايا نقيب المهندسين على التراجع لإنهاء أزمة قيد الدبلومات الفنية 3 سنوات؟.. خريجون: النقيب دعانا لاجتماع وتسلمنا كارنيهات.. والدورة التدريبية لحفظ ماء الوجه

-
النقيب يتحدى: لن يحصل خريج واحد على 10 جنيهات تعويضا
بعد أشهر من التصعيد والنزاعات القضائية التى حبست أنفاس آلاف الخريجين، انتهت أزمة قيد خريجى المعاهد الهندسية من حملة الدبلومات الفنية (3 سنوات) بـ نقابة المهندسين بحصولهم أخيرا على "الكارنيه"، نهاية جاءت بعد تراجع مفاجئ لنقيب المهندسين، المهندس طارق النبراوى، عن قراره الصارم بمنع قيدهم، وهو تراجع يصفه الخريجون بـ"الاضطراري" نتيجة ضغط القضايا وخطر التعويضات المالية الباهظة، بينما يصفه النقيب ب"الخطوة التكتيكية" التى جاءت بعد تحقيق الهدف الأسمى بإصلاح منظومة التعليم الهندسي.
يكمن جوهر الأزمة فى تعارض قرار النقابة مع القانون الحاكم لها، رقم 66 لسنة 1974، والذى لم يتم تعديله حتى اليوم، يضع شرطا واحدا وواضحا للقيد فى جداول النقابة، وهو ما نصت عليه المادة الثالثة: "أن يكون الخريج حاصلا على بكالوريوس الهندسة من إحدى الجامعات المصرية أو على درجة علمية يعتبرها المجلس الأعلى للجامعات معادلة"، القانون لم يميز بين الحاصل على الثانوية العامة أو الدبلوم الفنى، بل ألزم المعاهد بإخطار النقابة بأسماء خريجيها المعترف بهم من المجلس الأعلى للجامعات، ومن هنا، اعتبر الخريجون أن قرار النقيب بوضع شروط إضافية هو مخالفة صريحة لنص قانونى سار.
ليست هذه المرة الأولى التى يثير فيها المهندس طارق النبراوى أزمة قيد خريجى المعاهد، حيث سبق وأن أثارها فى فترته النقابية الأولى عام 2015، ورغم ذلك تم قيد كافة الدفعات اللاحقة دون ضجيج، مما يطرح تساؤلا حول سبب إعادة إثارة الأزمة مجددا.
ففى 24 أغسطس 2024: أصدر النقيب بيانا يؤكد أنه لن يتم قيد أى خريج من الحاصلين على الدبلومات الفنية (ثلاث سنوات) إلا بعد اجتيازهم اختبارات مؤهلة، وهو القرار الذى فجر الأزمة ودفع الخريجين إلى التظاهر أمام مكتبه بمقر النقابة واللجوء للقضاء، فى يناير الماضى، وأمام حشود الطلاب، ألقى النقيب بالكرة فى ملعب وزير التعليم العالى، مطالبا الخريجين بمقاضاة الوزير.
أما فى 25 يونيو 2025: فى تحول كامل للمشهد، أعلن النبراوى عن بدء تسجيل نفس الخريجين الذين منعوا سابقا، شريطة اجتياز "دورة هندسية مجانية دون إجراء أية اختبارات لقياس مستوى الخريجين"، وهو ما اعتبره الخريجون تراجعا مباشرا لحفظ ماء وجه النقيب.
ويكشف أحد خريجى دفعة 2024، فى تصريحاته لـ"اليوم السابع"، عن كواليس ما دار خلف الأبواب المغلقة، يقول: "تراجع النقيب لم يكن عن قناعة، بل جاء تحت ضغط هائل، قضايانا كانت قد حجزت للحكم، وكنا على وشك الحصول على أحكام لصالحنا، وبعدها كنا سنطالبه بتعويضات ضخمة، كل خريج كان سيطالب بمبلغ لا يقل عن 100 ألف جنيه، مما كان سيكلف صندوق النقابة ما لا يقل عن 500 مليون جنيه".
ويضيف: "عندما شعر النقيب بأن الخسارة وشيكة والتكلفة المالية ستكون كارثية، تغير موقفه 180 درجة، بعد أن كنا نطارده لشهور من أجل عقد اجتماع ويرفض، هو من بادر بإرسال طلب لعقد لقاء ودى لحل الأزمة وإنهاء القضايا قبل صدور الأحكام".
أما عن الدورة التدريبية، فيصفها الخريج ب"المسرحية الهزلية": "إنها مجرد إجراء شكلى، لا توجد بها اختبارات حقيقية، المحاضرات تتضمن قانون النقابة ومواد نظرية يمكن وصفها بالإنشا، وتسلمنا الكارنيهات فى نفس يوم انتهاء الدورة، إنها مجرد وسيلة ليقول أنه لم يسجلنا مباشرة، بل أخضعنا لإجراء ما، واختتم حديثه بتحد واضح: "إذا كان يشكك فى كفاءتنا، فليعقد امتحانا موحدا لجميع الخريجين من كافة المسارات التعليمية، لكن استهداف فئة بعينها أمر غير مقبول".
ولم يقتصر تحليل الخريجين على الجانب القانونى فقط، بل امتد ليشمل بعدا انتخابيا، حيث أكد الخريجين أن هذا التحول المفاجئ فى موقف النقيب ودعوته لعقد لقاء "ودي" جاء بالتزامن مع اقتراب موعد انتخابات النقابة، المزمع إجراؤها فى فبراير المقبل، واعتبروا أن سعى النقيب لتسوية الأزمة كان يهدف فى المقام الأول إلى تجنب أى تأثير سلبى على شعبيته وموقفه الانتخابى، وتفادى خسارة القضايا التى كانت ستؤثر حتما على حملته الانتخابية المقبلة.
على الجانب الآخر، أكد المهندس طارق النبراوى نقيب المهندسين، أن قراره لم يكن تراجعا، بل "تصويبا للأوضاع"، وأضاف لـ"اليوم السابع": "نجحنا فى إنهاء عوار استمر لمدة 35 عاما من التساهل فى معايير الالتحاق بالتعليم الهندسى، بعدما أصدرت وزارة التعليم العالى قرارا تاريخيا فى 7 مارس 2025 بإلزام المتقدمين الجدد من حملة الدبلومات بالحصول على شهادة معادلة".
وحول التعويضات التى هدد بها الخريجون، قال النبراوى: "أؤكد أن أحدا لن يحصل على تعويض بقيمة 10 جنيهات من النقابة، لأننا مارسنا حقنا القانونى فى الحفاظ على قيمة مهنة الهندسة، وموقفنا قانونى".

Trending Plus