قفزة أسعار القهوة والكاكاو عالميًا.. ضغوط مزدوجة على الأسواق والمستهلكين.. رسوم الرئيس الأمريكى الجمركية تهدد البن البرازيلى.. أزمات مناخية تعصف بدول إنتاج الكاكاو.. وتراجع حاد فى مخزونات البورصات العالمية

مع تصاعد الأزمات الاقتصادية والمناخية عالميًا، تواجه أسواق القهوة والكاكاو موجة غير مسبوقة من الارتفاعات فى الأسعار، ما يُنذر بأزمة مزدوجة تُثقل كاهل المستهلكين وتضغط على الشركات المنتجة. فبينما تهدد الرسوم الجمركية التى أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مستقبل تجارة البن البرازيلى، تعانى دول إنتاج الكاكاو فى غرب أفريقيا من تداعيات التغير المناخي ونقص المعروض، فى وقت يتراجع فيه المخزون فى مستودعات البورصات العالمية، الأمر الذى يزيد الضغوط على الأسواق ويغذى حالة عدم اليقين.
ويتحول فنجان القهوة وقطعة الشوكولاتة إلى رفاهية مهددة بفعل الأزمات المتشابكة. وبينما يسعى المنتجون لموازنة خسائرهم فى مواجهة التغير المناخى والضرائب التجارية، يجد المستهلكون أنفسهم أمام زيادات متتالية تثقل ميزانياتهم. ومع استمرار تراجع المخزونات وتنامى الضغوط الجيوسياسية، تبقى الأسواق رهينة لتقلبات قد تُعيد رسم خريطة تجارة البن والكاكاو عالميًا فى السنوات المقبلة.
البن فى البرازيل
تواجه صناعة البن فى البرازيل، أكبر منتج عالمى لهذه السلعة الحيوية، أزمة مزدوجة مع استمرار اضطرابات المناخ وتهديدات جديدة بفرض رسوم جمركية من جانب الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، وفقا لصحيفة التيمبو التشيلية.
ففى الوقت الذى تكافح فيه المزارع البرازيلية تداعيات التغير المناخى الذى أثر على المحاصيل ورفع الأسعار، جاء خطر الرسوم الأمريكية ليزيد من القلق بشأن سلسلة الإنتاج والتصدير، هذه الرسوم، إذا ما فُرضت، قد تُفضى إلى ارتفاع إضافى فى الأسعار، وتحرم المستهلكين من مشروبهم اليومى وتضغط بشدة على الأسواق العالمية.
قفزات غير مسبوقة للأسعار
وقالت صحيفة لا انفوباى الارجنتينية فى تقرير لها أن أسعار قهوة الروبوستا فى بورصة لندن ارتفاعًا بنسبة 2.3% لتصل إلى 4044 دولارًا للطن، فى حين ارتفعت أسعار قهوة الأرابيكا فى نيويورك بنسبة 3.8% إلى 3.3085 دولارًا للرطل، وتُعد هذه المكاسب الأكبر منذ عام 2008، مدفوعة بمخاوف نقص المعروض من البرازيل وفيتنام، أكبر مُنتجى البن عالميًا.
ويؤكد المحللون أن فيتنام دخلت موسم الإنتاج المنخفض، مما قلل من حجم المعروض فى السوق، بينما يواصل المزارعون البرازيليون الاحتفاظ بمخزوناتهم للوفاء بالتزامات العقود الآجلة.
ضغوط إضافية
تراجع المخزون فى مستودعات البورصات العالمية، إلى جانب موجة البرد الأخيرة فى البرازيل، أسهما فى إبقاء الأسعار مرتفعة. ويُشير خبراء من شركة "ADM لخدمات المستثمرين" إلى أن استمرار هذه العوامل مع احتمال فرض الرسوم الجمركية الأمريكية قد يُفاقم تقلبات السوق ويُعرض تجارة البن العالمية لهزة قوية.
الكاكاو: أزمات إنتاج فى غرب أفريقيا
وفى المقابل، يعانى قطاع الكاكاو من أزمة ممتدة فى غانا وساحل العاج، اللتين تسيطران على نحو ثلثى الإنتاج العالمي. وتسببت الأمراض الزراعية والتغيرات المناخية فى تراجع الإنتاج، ما أدى إلى قفزات قياسية فى الأسعار خلال الموسم الأخير. وزاد الوضع سوءًا بسبب عمليات تهريب واسعة واحتجاجات من مزارعين يطالبون برفع الأسعار المحلية.
تأثير الأزمة على أوروبا
فى أوروبا، التى تُعد من أكبر مستهلكى القهوة والشوكولاتة، تنعكس هذه الأزمة بشكل مباشر على أسعار التجزئة، حيث بدأت المقاهى وسلاسل المتاجر الكبرى فى رفع أسعار منتجاتها، ما يفاقم الضغوط التضخمية على الأسر.
توقعات الخبراء
ويرجح خبراء أن تستمر حالة عدم الاستقرار فى أسعار البن والكاكاو خلال الأشهر المقبلة، فى ظل استمرار الضغوط المناخية والتجارية، ما قد يدفع الأسواق إلى مزيد من الارتفاع قبل أن تعود إلى مستويات أكثر توازنا.
ويرى محللون فى شركات استثمارية دولية مثل ADM إنفستور سيرفيسز وإكواتوريال تريدرز أن موجة ارتفاع الأسعار لم تصل بعد إلى ذروتها، إذ من المرجح أن تستمر الضغوط خلال الربع الأخير من العام.
ويُتوقع أن تظل أسعار الروبوستا فوق حاجز 4000 دولار للطن فى لندن، بينما قد تواصل الأرابيكا تحقيق مكاسب إضافية إذا استمر انخفاض المخزونات فى مستودعات البورصات الأمريكية.
أما بالنسبة للكاكاو، فإن التوقعات أكثر قتامة، حيث تشير تقديرات منظمة الكاكاو الدولية (ICCO) إلى احتمال تسجيل عجز فى المعروض للعام الثالث على التوالى، بسبب استمرار موجات الجفاف والفيضانات فى غرب أفريقيا، ما قد يدفع الأسعار إلى مستويات تاريخية جديدة.
فى المقابل، يتوقع خبراء فى قطاع تجارة التجزئة أن تشهد الأسواق الأوروبية والأمريكية زيادات إضافية فى أسعار الشوكولاتة والقهوة تصل إلى 10 – 15% مع حلول موسم الأعياد فى نهاية العام، وهو ما يضع المستهلك أمام خيارين: إما تقليص استهلاكه، أو التكيف مع تحول هذه المنتجات اليومية إلى "سلع كمالية" فى بعض الأسواق.

Trending Plus