مسلسل انتهاك الاحتلال لقوانين ومعاهدات حقوق الإنسان عرض مستمر فى غزة.. جرائم الإبادة الجماعية لا تنقطع واتفاقية جينيف الرابعة فى خبر كان.. لكلِّ فرد الحقُّ فى الحياة والحرِّية أبجديات لا تعرفها العقلية المحتلة

فى ظل ما يشهده العالم من دعوات لحماية حقوق الإنسان واحترام القوانين الدولية، يواصل الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته الصارخة لكافة المواثيق والمعاهدات التى تضمن كرامة الإنسان وحقه فى الحياة الآمنة، فمن القصف العشوائى والتدمير الممنهج للمنازل، إلى الحصار الخانق ومنع المساعدات، مرورًا بالاعتقال التعسفى والتنكيل بالأسرى، ترتكب إسرائيل سلسلة من الجرائم التى لا تسقط بالتقادم، وسط صمت دولى مريب.
هذه الانتهاكات لم تعد مجرد أحداثا متفرقة، بل نهج مستمر يضرب بعرض الحائط كل المبادئ التى تأسس عليها القانون الدولى الإنسانى، وفى السطور التالية نلقى الضوء على بعض القوانين والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التى ينتهكها الاحتلال الإسرائيلى يوميا فى حق أشقائنا فى غزة.
كيف يرتكب الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية فى حق أهل غزة؟
ولعل أبرز جرائم الاحتلال فى حق الشعب الفلسطينى وخاصة أهل قطاع غزة هى جريمة الإبادة الجماعية، وهى أول معاهدة لحقوق الإنسان اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، أبرمت عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وتشير الاتفاقية إلى التزام المجتمع الدولى بألا تتكرر فظائع الإبادة أبدا، كما تتيح كذلك أول تعريف قانونى دولى لمصطلح "الإبادة الجماعية"، وهى تنص أيضا على واجب الدول الأطراف فى منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وتتكون الاتفاقية من 19 مادة.
وفقا للمادة الثانية من الاتفاقية، تعنى الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلى أو الجزئى لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
(أ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدى أو روحى خطير بأعضاء من الجماعة.
(ج) إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادى كليا أو جزئيا.
(د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
(هـ) نقل أطفال من الجماعة عنوة، إلى جماعة أخرى.
وفقا للمادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، يعاقب على الأفعال التالية:
(أ) الإبادة الجماعية.
(ب) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية.
(ج) التحريض المباشر والعلنى على ارتكاب الإبادة الجماعية.
(د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.
(هـ) الاشتراك فى الإبادة الجماعية.
لا يتمتع أى شخص بحصانة ضد تهمة الإبادة الجماعية، فوفقا للمادة الرابعة، يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أى من الأفعال الأخرى المذكورة فى المادة الثالثة، سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو أفرادا.
ووفقا للمادة الخامسة، يتعهد الأطراف المتعاقدون بأن يتخذوا، كلٌ طبقا لدستوره، التدابير التشريعية اللازمة لضمان إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية، وعلى وجه الخصوص النص على عقوبات جنائية ناجعة تنزل بمرتكبى الإبادة الجماعية أو أى من الأفعال الأخرى المذكورة فى المادة الثالثة.
وفقا للمادة السادسة، تتم محاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب الإبادة الجماعية أو أى من الأفعال الأخرى المذكورة فى المادة الثالثة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التى ارتكب الفعل على أرضها، أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من الأطراف المتعاقدة قد اعترف بولايتها.
تنص المادة التاسعة من الاتفاقية على أنه "تعرض على محكمة العدل الدولية، بناء على طلب أى من الأطراف المتنازعة، النزاعات التى تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما فى ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أى من الأفعال الأخرى المذكورة فى المادة الثالثة".
انتهاك الاحتلال للعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسيةانتهك الاحتلال العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو العهد الذى اعتمد بقرار الجمعية العامة 2200 ألف (د - 21) والتى صدقت عليه إسرائيل والمؤرخ 16 ديسمبر 1966 على أن يكون تاريخ بدء النفاذ: 23 مارس 1976.
وترى الدول الأطراف فى هذا العهد، أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل، وفقا للمبادئ المعلنة فى ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلام فى العالم، وإذ تقر بأن هذه الحقوق تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه، وإذ تدرك أن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل، وفقا للإعلان العالمى لحقوق الإنسان، فى أن يكون البشر أحرارا، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وكذلك بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإذ تضع فى اعتبارها ما على الدول، بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة، من الالتزام بتعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان وحرياته، وإذ تدرك أن على الفرد، الذى تترتب عليه واجبات إزاء الأفراد الآخرين وإزاء الجماعة التى ينتمى إليها، مسئولية السعى إلى تعزيز ومراعاة الحقوق المعترف بها فى هذا العهد.
وتنص المادة الأولى على أنه:
1- تملك جميع الشعوب حق تقرير مصيرها، وتملك بمقتضى هذا الحق حرية تقرير مركزها السياسى وحرية تأمين نمائها الاقتصادى والاجتماعى والثقافي.
2- يجوز الجميع الشعوب، تحقيقًا لغاياتها، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دون الإخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادى الدولى القائم على مبدأ الفائدة المتبادلة وعن القانون الدولى، ولا يجوز بتاتًا حرمان أى شعب من أسباب عيشه الخاصة.
3- تقوم الدول الأطراف فى هذا العهد بما فيها الدول التى تقع على عاتقها مسؤولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتى والأقاليم المشمولة بالوصاية، بتعزيز تحقيق حق تقرير المصير وباحترام هذا الحق، وفقًا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
لكلِّ فرد الحقُّ فى الحياة والحرِّية.. الاحتلال يواصل انتهاكه للإعلان العالمى لحقوق الإنسانيعد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وثيقة تاريخية هامة فى تاريخ حقوق الإنسان، صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى باريس فى 10 ديسمبر 1948 بموجب القرار 217 ألف بوصفه أنه المعيار المشترك الذى ينبغى أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم. وهو يحدد، وللمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التى يتعين حمايتها عالميا.
وترجمت تلك الحقوق إلى 500 لغة من لغات العالم، ومن المعترف به على نطاق واسع أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان قد ألهم ومهد الطريق لاعتماد أكثر من سبعين معاهدة لحقوق الإنسان، مطبقة اليوم على أساس دائم على المستويين العالمى والإقليمى.
وجاءت الديباجة كالتالى:
لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة فى جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام فى العالم، فى حين أن تناسى حقوق الإنسان قد أدى إلى أعمال همجية أثارت غضب ضمير البشرية، وظهور عالم يتمتع فيه البشر بحرية الكلام والمعتقد والتحرر من الخوف والعوز قد أعلن أنه أعلى تطلعات من عامة الناس.
ولما كان من الضرورى أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم، ولما كان من الجوهرى تعزيز تنمية العلاقات الودية بين الدول.
ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت فى الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقى الاجتماعى قدمًا وأن ترفع مستوى الحياة فى جو من الحرية أفسح، ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها، ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد.
فالآن، الجمعية العامة، تنادى بهذا الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذى ينبغى أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة فى المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطاتها.
وتنص المادة 1 منه على أن يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين فى الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضًا بروح الإخاء.
فيما نصت المادة 2 على أنه لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة فى هذا الإعلان، دونما تمييز من أى نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأى سياسيًّا وغير سياسى، أو الأصل الوطنى أو الاجتماعى، أو الثروة، أو المولد، أو أى وضع آخر.
وفضلًا عن ذلك لا يجوز التمييزُ على أساس الوضع السياسى أو القانونى أو الدولى للبلد أو الإقليم الذى ينتمى إليه الشخص، سواء أكان مستقلًا أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتى أم خاضعًا لأى قيد آخر على سيادته.
ونصت المادة 3 على أنه لكلِّ فرد الحقُّ فى الحياة والحرِّية وفى الأمان على شخصه.
الاحتلال يواصل الإطاحة باتفاقية جينيف الرابعة بجرائمه فى غزة
ويواصل الاحتلال الإسرائيلى جرائمه تجاه الشعب الفلسطينى وأهل غزة بالأخص حيث نصت المادة 49 من اتفاقية جينيف الرابعة، على أنه يحظر النقل الجبرى الجماعى أو الفردى للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضى المحتلة إلى أراضى دولة الاحتلال أو إلى أراضى أى دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أيًا كانت دواعيه.
ومع ذلك، يجوز الدولة الاحتلال أن تقوم بإخلاء كلى أو جزئى لمنطقة محتلة معينة، إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية. ولا يجوز أن يترتب على عمليات الإخلاء نزوح الأشخاص المحميين إلا فى إطار حدود الأراضى المحتلة، ما لم يتعذر ذلك من الناحية المادية ويجب إعادة السكان المنقولين على هذا النحو إلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية فى هذا القطاع.
- وعلى دولة الاحتلال التى تقوم بعمليات النقل أو الإخلاء هذه أن تتحقق إلى أقصى حد ممكن من توفير أماكن الإقامة المناسبة لاستقبال الأشخاص المحميين، ومن أن الانتقالات تجرى فى ظروف مرضية من وجهة السلامة والشروط الصحية والأمن والتغذية، ومن عدم تفريق أفراد العائلة الواحدة.
- ويجب إخطار الدولة الحامية بعمليات النقل والإخلاء بمجرد حدوثها.
- لا يجوز لدولة الاحتلال أن تحجز الأشخاص المحميين فى منطقة معرضة بشكل خاص الأخطار الحرب، إلا إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية.
- لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءًا من سكانها المدنيين إلى الأراضى التى تحتلها.

Trending Plus