إسرائيل تشرع في تنفيذ مشروع استيطاني جديد بالضفة لمنع قيام الدولة الفلسطينية

تكثّف إسرائيل تنفيذ سياسات الاستيطان في الضفة الغربية ضمن خطة شاملة لفرض وقائع ديموغرافية وجغرافية جديدة على الأرض، بما يرسّخ السيطرة الإسرائيلية على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، ويقوّض فعليًا أي إمكانية حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن إطلاق مشروع استيطاني ضخم في منطقة "E1" شرق القدس، باعتباره أحد أخطر مكونات خطتها الاستيطانية، نظرًا لما يمثله من تأثير مباشر على وحدة الضفة الغربية وتواصلها الجغرافي، وذلك في إطار تنفيذ مخططها الهادف إلى توسيع المستوطنات، وبناء مستوطنات جديدة، وشق طرق التفافية لمنع قيام دولة فلسطينية.
وأكدت مصر رفضها القاطع لمخططات التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، محذرة من خطورة المشروع الجديد على استقرار المنطقة ومستقبل عملية السلام.
وشددت القاهرة على أن استمرار هذه السياسات ينسف أسس حل الدولتين ويقوض أي جهود لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما دعت مصر المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والسياسية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وضرورة تفعيل القرارات الأممية ذات الصلة لحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأثار مشروع "E1" موجة واسعة من التحذيرات الدولية، إذ اعتبرته أطراف عدة تهديدًا مباشرًا لفرص تحقيق السلام وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، في وقت تصاعدت فيه الإدانات العربية والإسلامية والدولية ضد المصادقة الإسرائيلية على المشروع.
وقد أصدرت مساء اليوم 22 دولة أوروبية بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن إدانتها الشديدة لمصادقة إسرائيل على المشروع الاستيطاني الجديد في منطقة "E1" شرق القدس، معتبرة أن القرار يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي ويهدد فرص السلام.
ودعت الدول إسرائيل إلى التراجع الفوري عن هذا القرار، محذّرة من أن التوسع الاستيطاني في المنطقة من شأنه أن يغذي دوامة العنف ويزيد من تعقيد الأوضاع الميدانية.
وأكد البيان أن الإجراءات الأحادية التي تتخذها إسرائيل تقوّض التطلعات نحو تحقيق الأمن والازدهار في الشرق الأوسط، مشددًا على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية.
وأعلنت كندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا في بيانات منفصلة تتبنى نفس الموقف الأوربي، وأدانوا التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، واعتبروه عقبة أمام حل الدولتين.
كما أدانت ٥٧ دولة عربية وإسلامية في بيانات منفصلة هذا المخطط الإسرائيلي وأكدت رفضها القاطع له، معتبرة أن أي خطوات استيطانية جديدة تقوّض فرص السلام وتخرق القانون الدولي. وشددت هذه الدول على ضرورة حماية القدس الشرقية ووقف جميع أشكال التوسع الاستيطاني.
وتقع منطقة "E1" شرق القدس المحتلة وتربطها بمستوطنة معاليه أدوميم، وتبلغ مساحتها نحو ١٢ كيلومترًا مربعًا، ويتضمن المشروع بناء آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية وشق طرق التفافية تربط الكتل الاستيطانية بشرق القدس، بما يؤدي إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وعزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني.
كما يهدد المشروع بتفريغ تجمعات بدوية فلسطينية في محيط المنطقة، وعلى رأسها خان الأحمر، عبر التهجير القسري لصالح المستوطنات.
وتُظهر أحدث التقديرات أن عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بلغ بحلول عام ٢٠٢٥ نحو ٤٥٠ ألف مستوطن (باستثناء القدس الشرقية)، فيما يعيش أكثر من ٢٢٠ ألف مستوطن في القدس الشرقية وحدها، ليصل إجمالي عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى ما يزيد على ٦٧٠ ألف مستوطن.
وتشير البيانات إلى أن الاستيطان شهد زيادة غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع عدد البؤر الاستيطانية العشوائية بنسبة ٤٠٪ في فترة الحكومة الحالية، كما تمت الموافقة على أكثر من ٤١ ألف وحدة سكنية استيطانية جديدة في عام ٢٠٢٥، وهو أعلى رقم قياسي منذ بدء الاحتلال عام ١٩٦٧.
ويُعد مشروع "E1" جزءًا من هذه السياسة الإسرائيلية الرامية إلى توسيع الكتل الاستيطانية الكبرى وربطها ببعضها البعض عبر شبكة واسعة من الطرق الالتفافية، بما يخلق واقعًا عمرانيًا متصلًا من القدس المحتلة إلى عمق المستوطنات المحيطة، ويحوّل المدن والقرى الفلسطينية إلى كانتونات معزولة.
هذا الواقع يهدد عمليًا إمكان قيام دولة فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيًا، ويضع القدس الشرقية خارج أي ترتيبات سياسية مستقبلية.
وعلى الرغم من الإدانات الواسعة من المجتمع الدولي والهيئات الأممية، فإن إسرائيل ماضية في سياساتها، معتمدة على تكثيف الاستيطان كأداة أساسية لفرض حل أحادي الجانب على الأرض، وتحويل مشروع إقامة الدولة الفلسطينية إلى واقع شبه مستحيل.
وتبقى منطقة "E1" بمثابة النقطة المفصلية في هذه الاستراتيجية؛ فالمضي في تنفيذ المشروع سيؤدي إلى شطر الضفة الغربية وفرض طوق استيطاني كامل حول القدس، بما يجعل أي حل سياسي قائم على حدود عام ١٩٦٧ أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.

Trending Plus