بودكاست " أرض النار" يحاور سمير راغب.. نتنياهو يعد شعبه بإمبراطورية وهمية بعنوان "إسرائيل الكبرى".. إسرائيل تكبدت خسائر بشرية ومادية واضحة فى الحرب مع إيران.. وحرب تل أبيب فى غزة فضيحة استخبارية غير مسبوقة

فى أولى حلقات بودكاست أرض النار، على تليفزيون اليوم السابع، استضاف الزميل زكى القاضي، مدير تحرير اليوم السابع، ومسئول الشئون العسكرية باليوم السابع، الخبير الاستراتيجى سمير راغب، والذى كشف عن عدد من الملاحظات الجوهرية فى الحرب بقطاع غزة، وكذلك المحاور المرتبطة بها.
وأكد العميد الدكتور سمير راغب، الخبير الاستراتيجى، أن المشهد في غزة لا يزال معقدًا، حيث تتشابك الحسابات الإسرائيلية مع المقاومة الفلسطينية في ظل ضغوط دولية متزايدة، وإسرائيل تجد نفسها بين خيارين أحلاهما مُرّ: إما استمرار العمليات العسكرية، بما يحمله من خسائر بشرية واقتصادية، أو القبول بوقف إطلاق نار يعكس صورة «التراجع» أمام الرأي العام الداخلي، مشيرا إلى أن المقاومة الفلسطينية استطاعت حتى الآن أن تحافظ على قدرتها على المناورة وإيلام الجيش الإسرائيلي، بما يجعل أي عملية برية واسعة النطاق مكلفة للغاية، كما أن احتمالات التهدئة تظل مرتبطة بقدرة الأطراف الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة ومصر وقطر، على صياغة تسوية مؤقتة تحفظ ماء وجه جميع الأطراف.
الزميل زكى القاضى
الضغوط الداخلية فى إسرائيل
وحول الداخل الإسرائيلى، أوضح الخبير الاستراتيجي أن حكومة نتنياهو تواجه أزمة ثقة متصاعدة، إذ يرى كثيرون أن استمرار العمليات دون تحقيق أهداف حاسمة يضعف الجبهة الداخلية، كما أن المؤسسة العسكرية نفسها باتت تضغط لإعادة تقييم الاستراتيجية، خصوصا فى ظل الخسائر المتزايدة ومحاولات فصائل المقاومة فتح أكثر من جبهة في وقت واحد، مشيرا إلى أن هذه الأزمة السياسية الداخلية قد تفتح الباب أمام احتمالات إعادة تشكيل المشهد الإسرائيلى، سواء عبر انتخابات مبكرة أو تبديل في التحالفات، وهو ما ينعكس بدوره على مسار الصراع مع غزة.
الجبهات السبع.. بين الواقع والدعاية
وأوضح العميد الدكتور سمير راغب، أن إسرائيل تحاول توظيف الحديث عن «سبع جبهات مفتوحة» لصالحها، معتبرة أنها دولة صغيرة محاطة بأعداء متعددين، غير أن تقييم نتائج هذه الجبهات يظهر محدودية التهديد، فالهجمات الحوثية – على سبيل المثال – تصل في معدلها إلى صاروخ واحد كل شهر تقريبًا، مع إصابات طفيفة أو منعدمة، بينما الطائرات المسيرة القادمة من جماعات بالعراق تسقط غالبًا فوق الأراضي الأردنية قبل أن تبلغ أهدافها.
وأكد راغب أن الجبهة الوحيدة التي كانت تمثل ثقلًا استراتيجيًا حقيقيًا هى جبهة حزب الله، لكن إسرائيل نجحت في تحييدها نسبيًا، وبهذا، يظل القرار الإسرائيلي محصورًا في التعامل مع جبهة واحدة نشطة، بينما يجرى تسويق بقية الجبهات كأوراق ضغط أكثر من كونها تهديدات فعلية.
العميد سمير راغب
إيران وإسرائيل.. خسائر متبادلة
وحول الحديث عن احتمالات تجدد المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، يرى راغب أن الخسائر ستكون مشتركة، فقد تمكنت إيران، خلال الجولة الأخيرة من التصعيد، من إلحاق أضرار ملموسة بالجانب الإسرائيلي، رافضا بذلك الروايات التي تزعم وجود «تواطؤ» أو «اتفاق ضمني» بين الطرفين.
وأكد راغب أن إسرائيل تكبدت خسائر بشرية ومادية واضحة، بعضها معلن وبعضها غير معلن، وصلت إلى حد تدمير أحياء سكنية وتعطيل جزئي للاقتصاد، وهو ما جعل المقارنة أقرب إلى مشاهد الخراب في رفح وخان يونس.
الردع الإيرانى.. من الصواريخ إلى النووى
وشدد راغب على أن إيران أثبتت قدرتها على الردع رغم افتقارها لمنظومات دفاع جوي متطورة أو قوات جوية تقليدية، فقد أظهرت الصواريخ الإيرانية دقة عالية وقوة تفجيرية ملحوظة، فيما أعلن رسميًا أقل مما تحقق فعليًا، لكن الأخطر – بحسبه – أن إيران أصبحت "دولة على العتبة النووية"، وذلك لأن إيران تجاوزت نسبة تخصيب اليورانيوم 60%، وهو ما يكفي لإنتاج سلاح نووي.
وأضاف أن تدمير منشآت مثل فوردو وأصفهان لم يؤثر عمليًا، لأن المادة المخصبة يمكن نقلها وتصنيعها في مواقع أخرى، ولذلك فإيران تقترب من المرحلة الأخيرة التي تتيح لها مواءمة الرؤوس النووية مع الصواريخ الباليستية، لتعلن – على غرار باكستان والهند – امتلاكها «سلاحًا قادرًا على الردع» حتى لو لم تُقدم على استخدامه.
احترام دولي متزايد لإيران بعد الحرب
وبحسب الخبير الاستراتيجي سمير راغب، فإن أسلوب الولايات المتحدة وإسرائيل في التعامل مع إيران تغيّر بوضوح بعد جولات التصعيد الأخيرة، وخاصة خلال حرب غزة، فقد باتت طهران تُعامَل بقدر أكبر من «الاحترام والحذر»، بعدما أثبتت أنها لم تعد إيران «التي يمكن استضعافها»، بل قوة تمتلك أوراق ضغط متعددة من الصواريخ الدقيقة إلى البرنامج النووي المتقدم.
المكاسب الإيرانية من الحرب
وأكد راغب أن إيران خرجت مستفيدة من المواجهة الأخيرة، إذ أثبتت قدرتها على القتال «بالأصالة» لا عبر الوكلاء فقط، ففي جولة يونيو الماضي، أعلنت طهران أنها تخوض المواجهة بنفسها وأمرت وكلاءها بعدم التدخل، كما تمكنت من تطوير قدرات صاروخية نوعية، قادرة على إصابة أهداف محددة بدقة، وهو ما يشكل نقلة نوعية مقارنة بمحاولات سابقة كانت تنتهي بانحراف الصواريخ وسقوطها في أراضٍ ثالثة.
واعتبر أن هذه القدرة على «إيصال الصاروخ إلى الهدف المحدد» تمثل إنجازًا يفوق حتى السلاح النووي، لأنها تمنح إيران قوة ردع عملية على الأرض، وأوضح أن المنظومات الصاروخية مثل «خيبر» و«الفاتح» باتت جاهزة لحمل رؤوس نووية بمجرد استكمال المراحل النهائية للتخصيب.
إسرائيل عاجزة عن مواجهة 7 كيلومترات.. وتوهم شعبها بإمبراطورية وهمية
وقال العميد الدكتور سمير راغب، إن إسرائيل تضع إيران في قلب أهدافها الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن إسقاط طهران يمثل في العقل الإسرائيلي محاولة لفتح بوابة فوضى تمتد حتى حدود باكستان، وهناك تقديرات تربط بين أي استهداف لإيران وبين تهديد مباشر لأمن باكستان، خاصة مع تلويح بعض الدوائر هناك باستخدام الردع النووي ضد إسرائيل، في ظل محاولاتها السابقة لإجهاض البرنامج النووي الباكستاني.
وحول تصريحات بنيامين نتنياهو بشأن “إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات”، اعتبر راغب أن هذه مجرد شعارات للاستهلاك المحلي وتغذية التيارات المتطرفة داخل المجتمع الإسرائيلي، وأن الواقع يكشف التناقض الصارخ: فإسرائيل التي تحارب منذ 22 شهرًا في قطاع لا يتجاوز متوسط عرضه 10 كيلومترات، وتعجز عن الحسم في مساحة 7 كيلومترات، لا يمكنها أن تحلم بالتمدد على مساحة عرضها 2100 كيلومتر.
بلاغ عمليات: 20% من القتلى بنيران صديقة
وكشف العميد راغب عن “بلاغ عمليات” سجّله على مدار عامين من متابعة الحرب في غزة، موضحًا أن 20% من قتلى الجيش الإسرائيلي سقطوا بنيران صديقة، وهو ما يعكس ضعف التدريب، وانعدام التنسيق، وانخفاض الروح المعنوية بين الجنود.
وأشار إلى أن هناك فضيحة استخبارية غير مسبوقة، حيث أصبح حجم المعلومات المتاحة عن الجيش الإسرائيلي عبر الإعلام يفوق قدرة المحللين على استيعابها، لدرجة أن المتابعين باتوا يعرفون تفاصيل دقيقة عن القادة والوحدات أكثر مما يُعرف عن جيوشهم الوطنية، واعتبر أن استثمار هذا التعري الاستخباري في الإعلام جزء من الردع الاستراتيجي ضد إسرائيل.
فشل المنظومات الدفاعية
وأكد الخبير الاستراتيجي أن الضربات التي وجهتها إيران أظهرت عجز منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية مثل “ثاد”، و”مقلاع داوود”، و”القبة الحديدية”، مشيرًا إلى أن صواريخ انطلقت من اليمن وصلت إلى مطار بن غوريون رغم مرورها عبر هذه الشبكات الدفاعية.
وأوضح أن البرامج الصاروخية الإيرانية مبنية على أصول روسية وكورية شمالية، لكنها شهدت تطورًا كبيرًا أتاح لها تقنيات متقدمة مثل الرؤوس المتعددة ، التي تنقسم إلى عدة صواريخ قبل إصابة الهدف، ما يجعل اعتراضها مهمة شبه مستحيلة.
حصان طروادة.. اختراق أمني خطير
وتوقف العميد راغب أمام قضية “حصان طروادة” المرتبطة باختراق هواتف قيادات حزب الله عبر أجهزة مفخخة، مشيرًا إلى أن ما جرى ليس عبقرية من جهاز الموساد أو رئيسه ديفيد برنياغ، بل نتاج عمل استمر لسنوات، معتمدًا على أساليب الاختراق عبر برمجيات خبيثة تفعّل بروتوكولات تؤدي إلى تفجير الأجهزة، مشددا على أن هذه القضية تكشف ضعف إجراءات التأمين الفني والمعلوماتي لدى الأطراف المستهدفة، داعيًا إلى مراجعة أساليب التعاقد والشراء، واعتماد فحوص تقنية متقدمة لأي أجهزة أو وسائط يتم الحصول عليها عبر أطراف ثالثة.
يذكر أن بودكاست أرض النار، تقديم الكاتب الصحفى زكى القاضي، ويعتمد فيه على شرح فلسفة الصراعات في العالم، وكذلك المواجهات الاستخبارية والأمنية بين الدول والجيوش، ويسلط الضوء فيه على الأسلحة والمعدات، وكواليس المعارك النوعية، وكذلك النتائج المترتبة على تلك المواجهات.
كما يقدم الكاتب الصحفى زكى القاضي برنامج مسرح العمليات، على تلفزيون اليوم السابع، والذى قدم فيه مئات الحلقات على مدار العامين الماضيين.

Trending Plus