الأمم المتحدة تطرح خارطة طريق جديدة لحل الأزمة الليبية.. تيتية: الخطة تستند على ثلاثة ركائز أساسية أبرزها الاستناد على إطار انتخابي سليم.. التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة موحدة وحوار سياسي يتيح معالجة قضايا مهمة

كشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مساء الخميس، عن خارطة طريق جديدة لحل الأزمة اسياسية الليبية بعد مشاورات استمرت لعدة أشهر مع كافة المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد، وذلك بهدف الدفع نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أقرب وقت ممكن، جاء ذلك في إحاطة للمبعوثة الأممية لدى ليبيا هانا تيتية أمام مجلس الأمن الدولي.
أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا أن التوصل إلى قناعة بأن العملية السياسية يجب أن تركز على ضمان إحراء انتخابات عامة وتوحيد المؤسسات من خلال نهج متسلسل ، وذلك بناءا على توصيات اللجنة الاستشارية والملاحظات التي تلقتها البعثة من الشعب الليبي، وكذلك الدروس المستفادة من فشل الجهود السابقة لإجراء الانتخابات في عام 2021 .
وأوضحت " تيتة " أن الرسالة الواضحة التي وصلت إلى البعثة من خلال - المشاورات الموسعة في عموم البلاد حول النتائج التي خلصت إليها اللجنة الاستشارية واللقاءات بالسلطات البلدية ، والاجتماعات مع شرائح واسعة من مختلف المشارب ، والاستطلاع عبر الإنترنت - هي الشعور بالإحباط إزاء التطورات السياسية التي شهدتها السنوات القليلة الأخيرة، والرغبة في إيقاف دوامة المراحل الانتقالية المتكررة والحفاظ على وحدة البلاد ومؤسساتها وتعزيزها وتجديد الشرعية عبر انتخابات رئاسية وتشريعية وإنهاء التدخل الأجنبي الذي تجري الإشارة إليه بشكل متكرر ، والمطالبة بصوت أقوى عبر العملية السياسية للوصول إلى حكم رشيد مسؤول مرتكز على دستور دائم.
ركائز أساسية لخارطة الطريق
وطرحت " تيتة " أمام مجلس الأمن مقترح خارطة طريق مبنية على ثلاثة ركائز أساسية تقضي بتنفيذ إطار انتخابي سليم فنياً وقابل للتطبيق سياسياً يهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية - توحيد المؤسسات من خلال حكومة جديدة موحدة - حوار مهيكل يتيح المشاركة الواسعة لليبيين لمعالجة القضايا بالغة الأهمية التي يتعين التعامل معها من أجل إيجاد بيئة مواتية للانتخابات وصياغة رؤية مشتركة والتصدي لدوافع الصراع القائمة منذ زمن طويل مع دعم بذل الجهود على المدى القصير لتوحيد المؤسسات وتعزيز الحكم الرشيد في القطاعات الرئيسية.
وأوضحت " تيتة " أن الخطة المقترحة ستُنفذ تدريجياً وكحزمة واحدة ، مع التركيز على إجراء عملية متسلسلة ذات مراحل رئيسية، بحيث تُسهّل كل خطوة تنفيذ خارطة الطريق بنجاح من أجل تنظيم الانتخابات الوطنية، لافتة إلى أنها لن أضع جداول زمنية افتراضية، ولكنها ترى أن الإطار الزمني الإجمالي المطلوب لإتمام خارطة الطريق التي ستؤدي إلى الانتخابات الوطنية بنجاح يتراوح بين 12 و18 شهراً.
وحددت " تيتة " الخطوات التي يتطلب اتباعها لتنفيذ خارطة الطريق وهى ( تعزيز قدرة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بإعادة تشكيل مجلس إدارتها لملء المناصب الشاغرة الحالية وضمان استقلالها المالي لتنظيم الانتخابات ، فيما يتم بالتوازي مع ذلك، تعديل الأطر القانونية والدستورية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بغية معالجة المسائل الرئيسية التي من شأنها تسهيل إجراء العمليتين الانتخابيتين ومعالجة المشاكل التي ساهمت في عدم إجراء الانتخابات عام 2021 ).
تشكيل حكومة موحدة
وأضافت قائلة ( بعد هاتين الخطوتين المسبقتين، واللتين يمكن الانتهاء منهما خلال الشهرين المقبلين على أقصى تقدير إذا توافرت الإرادة السياسية للقيام بذلك، ينبغي أن يكون هناك اتفاق على حكومة موحدة جديدة قادرة على تهيئة بيئة مواتية لإجراء انتخابات ذات مصداقية مع إدارة مهام الحكم الرئيسية بفعالية ، فيما سيصاحب ذلك تنفيذ إجراءات حاسمة لدعم الجاهزية التشغيلية للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومعالجة القضايا الرئيسية المتعلقة بالأمن والحكم الرشيد والإدارة الاقتصادية والمصالحة لتسهيل إجراء الانتخابات، وسيتيح ذلك متابعة التقدم الذي تحرزه الأطراف والمؤسسات، بما في ذلك المفوضية والمؤسسات الأمنية.
وحسب الخارطة ستنظم بعثة الأمم المتحدة بالتوازي حواراً مهيكلاً، تشارك فيه الجهات السياسية والأمنية ، والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمكونات الثقافية والنساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، وممثلين عن مؤسسات الحكم، يهدف لاستكشاف حلول ملموسة لتحديات الحكم المستمرة والقضايا التي قد تعيق العملية الانتخابية، ولإرساء أسس رؤية وطنية تُشكل مساراً نحو استقرار طويل الأمد، والخروج بتوصياتٍ لصياغة تغييرات سياسية فورية في قطاع الأمن والإصلاحات الاقتصادية والمصالحة، والاسهام في العملية الدستورية فيما يتعلق بقضايا الحكم التي حددها الليبيون خلال المشاورات المتواصلة على أنها بالغة الأهمية وطال انتظار معالجتها.
وأشارت " تيتة " إلى أنه ستُدمج ضمانات في خارطة الطريق، بحيث يُمكن البحث عن بدائل في حال عملت الأطراف على تأخير إحراز تقدم ، لافتة إلى ما حدث من عرقلة مع الانتخابات البلدية، فثمة خطر من أن أطراف الوضع القائم ربما تنتهز أي فرصة لتأخير أو عرقلة إعمال الحقوق الديمقراطية للشعب الليبي، موضحة أنه يمكن للبعثة الأممية أن تتخذ تدابير ضرورية ضد أي طرف معرقل.
ورأت " تيتة " في احاطتها أنها تتفق مع تقييم اللجنة الاستشارية بأن الإطار الانتخابي والدستوري الحالي يتطلب تعديلات محدودة ولكن جوهرية من جانب مجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، وذلك وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي الليبي.
وأوضحت المبعوثة الأممية أنه من خلال التواصل مع الجمهور واللقاءات المباشرة والمشاركات عبر الإنترنت واستطلاعات الرأي، حثّ العديد من الليبيين بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على اعتماد الخيار الرابع من تقرير اللجنة الاستشارية، والذي يتجاوز في جوهره المؤسسات القائمة ويدعو إلى تشكيل مجلس تأسيسي جديد، وهو تعبير عن حالة الغضب والإحباط وانعدام الثقة في رغبة قادتهم ومؤسساتهم في إنهاء الأزمات المتتالية في ليبيا، والناجمة عن أحد عشر عاماً من غياب الانتخابات الوطنية التي تُحمّل شاغلي المناصب السياسية المسؤولية أمام الشعب الليبي، من خلال منحهم فرصة التصويت والتعبير بشكل ملموس عن تقييمهم لأدائهم.
ولفتت أن خارطة الطريق المقدمة أسرع طريق ممكن لإجراء الانتخابات وسوف يتيح الحوار المهيكل الذي نقترحه الفرصة لإعادة الشعب الليبي إلى صميم هذه العملية.
بدوره، رحب رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح بإحاطة المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا - ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا " هانا تيتية " أمام مجلس الأمن الدولي، مثمنا دعوتها الواضحة إلى تشكيل حكومة موحدة جديدة خلال شهرين، تتولى الإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة باعتبار ذلك خطوة أساسية نحو توحيد السلطة التنفيذية وتعزيز وحدة الصف الليبي.
وأكد " عقيلة " في بيان له دعمه الكامل لدعوة البعثة الأممية، بما يضمن توحيد مؤسسات الدولة، وصون السيادة الوطنية، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الأمن والتنمية والازدهار، مشددا على أن الحكومة التي تعمل حالياً هي الحكومة الشرعية المنبثقة عن مجلس النواب الليبي، التي نالت ثقته برئاسة أسامة حماد.

Trending Plus