غزة بين الجوع والنار..أجساد منهكة وعظام بارزة.. شهادات من داخل القطاع توثق الكارثة.. عدى ومحمد شقيقان يفارقان الحياة بسبب المجاعة.. فادي النجار مات بعد فقد 50% من وزنه..أم تعرض ألعاب أطفالها للبيع مقابل الدقيق

الوضع في غزة
الوضع في غزة
أعد الملف - أحمد جمال الدين - أحمد عرفة

أجساد منهكة، وعظام بارزة، وأعين غائرة، ووجوه شاحبة، وعضلات واهنة وبطون خاوية، هذا هو حال أهل غزة بسبب حرب التجويع والحصار بهدف تركيع أهل غزة.

ووفق ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية عبر بيان لها: «وصلت حصيلة ضحايا الجوع وسوء التغذية فى قطاع غزة إلى 269 شهيدا، منهم 112 طفلا.
وقالت منظمة «اليونيسيف»، إن 470 ألف شخص فى غزة يواجهون جوعا كارثيا كما يؤكد البرنامج الدولى أن 71 ألف طفل من قطاع غزة يعانون سوء التغذية.

وأوضح «تيد شيبان» نائب المدير التنفيذى لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» أن هناك مؤشرات واضحة على أن الوضع الإنسانى فى غزة قد دخل ما بعد عتبة المجاعة.

وأشار شيبان إلى أن واحدا من كل 3 أشخاص فى القطاع يقضى أياما كاملة من دون طعام فى ظل استمرار حرب التجويع الإسرائيلية بحق الفلسطينيين على مرأى ومسمع من العالم أجمع.

عدى ومحمد.. «عدى ومحمد» شقيقان أكبرهما لم يتجاوز العشر سنوات ولولا الحرب لكان بإمكانهما اللعب والمرح والتمتع بطفولتهما، ولكن لأنهما من قطاع غزة فقد فارقا الحياة فى هذه السن الصغيرة نتيجة المعاناة من الجوع الشديد الذى أنهك جسديهما وغير ملامحهما.

عدي ومحمد
عدي ومحمد

 

على مدار أيام متتالية لم يكفا عن الصراخ وطلب الطعام دون جدوى، حتى توقفت أنفاسهما وصعدت روحاهما إلى ربهما دون أن يتحقق حلمهما بالحصول على ما يسد جوعهما كما تقول والدتهما التى تتنظر ولادة طفل آخر تخشى عليه من مصير شقيقيه فى ظل غياب من يتكفل بالبحث عن الطعام أو الانتظار فى طابور المساعدات، حيث يعانى زوجها من عجز الحركة بعد بتر قدميه فى قصف صهيونى استهدف مخيمهم.

وتقول الأم: نحن ننتظر الموت فى كل لحظة بسبب نقص الغذاء وعدم توافر الرعاية الصحية.

فادى النجار، اسم لم تمر خمس سنوات على تسجيله فى دفتر المواليد حتى انتقل إلى دفتر الوفيات، بسبب سوء التغذية الحاد وفقدانه نحو 50% من وزنه.
عانى فادى منذ ولادته من ضمور وتشوهات خلقية، بسبب سوء التغذية ونقص العلاجات الخاصة به ما أدى إلى تدهور حالته الصحية بشكل كبير وتحول جسده إلى هيكل عظمى قبل أن يفارق الحياة.

ورود تذبل.. وردة تذبل وتتساقط أرواقها.. هذه هى مريم دواس 9 أعوام، وكانت منذ سنوات ليست بعيدة، تمرح وتلهو بألعابها بين أصدقائها تعيش حياة هانئة فى رعاية والديها فالصغيرة لا تعى شيئا فى حياتها سوى الابتسامة واللهو البرئ فقط ولكنها الآن انقلبت حياتها رأسا على عقب فقاست العديد من الأهوال فجسدها واهن ضعيف لا تقوى الأقدام على حملة وتبدلت الابتسامة إلى حزن ودموع لا تتوقف بسبب الجوع والحاجة الماسة إلى الطعام والذى تحول إلى مطلب عزيز المنال نتيجة الحصار.

المجاعة في غزة
المجاعة في غزة

 

الطفلة الفلسطينية التى كانت تزن 25 كيلو تآكل جسدها نتيجة الجوع والحصار إلى 9 كيلو فقط.

«مريم» لم ترتكب جرما ولا تعانى أى أمراض ولكنها كطفلة فلسطينية فرض عليها الاحتلال الصهيونى تلك المعاناة بحرمانها من الطعام وتعانى من سوء التغذية الحاد الذى يوشك أن يودى بحياتها.

 

رؤى أمين.. ولم تكن الطفلة «رؤى أمين» أفضل حالا من أقرانها، فالطفلة التى لم يبلغ عمرها عامين ونصف العام، تحولت إلى رقم فى سجل الضحايا الذى يتساقطون فى غزة بسبب الجوع والحصار، فبداخل خيمة فى فى منطقة المواصى بخان يونس مكونة من قماش بالى لا يحجب شمسا ولا يحمى من البرد قضت الطفلة «رؤى» أيامها الأخيرة وهى تصارع الجوع بصرخات مجنونة ثم سكتت إلى الأبد.

حنين القصاص.. «الطفلة حنين القصاص» ولدت بضمور فى المخ، بجانب هشاشة حادة فى العظام، ومع استمرار الحرب على قطاع غزة، تفاقمت أعراض مرضها بسرعة كبيرة دون أن يستطيع الأطباء السيطرة على المرض بسبب سوء التغذية الذى تتعرض له.

خضعت حنين القصاص لعملية طارئة فى عينها، بعد أن تسبب الورم المتضخم فى تمزق جفن العين وانقطاع مجرى الدمع، حيث أصبحت تعانى من التهابات حادة بدأت تنتشر فى أذنها، ما أثر سلبا على سمعها بجانب بصرها.

أصبحت حالة الطفلة بالغة الخطورة، فى ظل غياب العلاجات الخاصة وعدم قدرة الأطباء على إجراء العمليات اللازمة بسبب نقص المعدات الطبية والعلاجية، وجاءت المجاعة لتجعل المرض أشد ألما عليها.

الطفلة حنين القصاص
الطفلة حنين القصاص

 

وتقول والدة حنين القصاص، إن حالة ابنتها صعبة للغاية، فمنذ ولادتها وهى مريضة بضمور فى المخ حتى الآن بجانب سوء تغذية والآن أصبح عمرها عام ونصف العام حيث ولدت خلال الحرب، ولكنها لا تمشى ولا تتكلم.

وتضيف فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن ابنتها بحاجة إلى الحليب والبامبرز والطعام الصحى، كما أنها تحتاج إلى السفر إلى الخارج للعلاج، خاصة أنه بدأ يظهر عليها هشاشة عظام زجاجى ونقص فى الفيتامينات والكالسيوم وضعف فى المناعة، بجانب تورم فى العينين والأذن والفم وبقع زرقاء فى الجسم وسخونة مستمرة.

وأوضح المكتب الإعلامى الحكومى، أنه فى ظل استمرار الحصار المشدد وإغلاق المعابر المحكم ومنع الاحتلال «الإسرائيلى» دخول الغذاء والدواء، تشهد المستشفيات والمراكز الصحية فى القطاع كارثة إنسانية غير مسبوقة نتيجة تفاقم المجاعة وسوء التغذية بين أكثر من 2.4 مليون إنسان من السكان المدنيين، بينهم أكثر من 1.2 مليون طفل.

رحلات خطرة للبحث عن الطعام.. وتؤكد علا العاصى، الباحثة الإعلامية لدى المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان، أن نساء غزة يقضين لياليهن بين أنياب القلق والخوف من المجهول، ولكن هذه الليالى تكون أشد وطأة على النساء اللواتى ذهب رجالهن للحصول على فتات المساعدات ليسدوا به رمق أطفالهن الجياع، حيث يقضّ الخوف مضاجعهن على مصير أزواجهن الذين يخاطرون بحياتهم على طرق شاحنات المساعدات القليلة، ومراكز التوزيع الأمريكية، التى فرضتها إسرائيل.

وتضيف علا عبر تقرير المرصد الأورومتوسطى أن مراكز التوزيع هذه تستمر بالعمل للشهر الثالث على التوالى،مع ذلك، فإن آثار التجويع فى قطاع غزة آخذة بالازدياد منذ فرضها، فيما يظهر سوء التغذية كل يوم أكثر وضوحا على أجساد السكان، خاصة الأطفال وكبار السن منهم.

هذه نتيجة متوقعة لآلية مساعدات صُممت لا لإغاثة السكان، ولكن لتبييض جريمة التجويع وإدارتها على نحو يضمن استمرارها مع احتواء الغضب الدولى.
واستشهد التقرير بحالة «رامز جندية» الذى أخبر زوجته بنيّته التوجه للمرة الرابعة أو الخامسة إلى مركز المساعدات الأمريكية وسط قطاع غزة، فى محاولة للحصول على الغذاء بعد أن نفد طعامهم تماما، فلم يتبق فى بيت «جندية» حتى كسرة خبز واحدة ليقتات عليها مع زوجته وأطفاله الخمسة، الذين أهلكهم النزوح المتكرر على مدار نحو 22 شهرا، حتى انتهى بهم المطاف فى خيمة بملعب «فلسطين» غربى مدينة غزة.

«رامز جندية»، الأب الذى نفدت أمامه كل الحلول، لم يجد خيارا سوى أن يخاطر بحياته ويذهب لما أصبح معروفا باسم «مصائد الموت»، فى محاولة للحصول على لقمة يسد بها جوع أطفاله، وغادر «رامز» منزله للمرة الأخيرة على أمل العودة ببعض الطعام بعد عدة محاولات سابقة باءت بالفشل.

تعلم زوجته أنّه قد يذهب بلا عودة، لكنّها فى الوقت ذاته لا تستطيع أن تمنعه، فالجوع نخر عظام أطفالهما وأهلك أجسادهم.

ومرّت ساعات طويلة على ذهاب «جندية» لمركز المساعدات ولم يعد إلى البيت أو يتواصل مع زوجته التى حاولت الوصول إليه عبر التواصل مع بعض أصدقائه الذين تركوا بيوتهم وأطفالهم وزوجاتهم لنفس السبب.

بينما يجافى النوم جفونها ليومين كاملين، لا أحد حولها يستطيع أن يطمئنها عن زوجها الغائب، ومع كل دقيقة تمر، يزداد لديها القلق، وخصوصا بعد أن علمت بمقتل العشرات من طالبى المساعدات بعدما فتح الجيش الإسرائيلى النار عليهم قرب نقاط التوزيع الأمريكية، فيما تمر الساعات بطيئة، ولا خبر يصل عن «جندية»، ولم يتبق خيار آخر سوى الذهاب للبحث عنه، وتوجه عدد من الأقارب للبحث عنه قرب نقطة توزيع المساعدات الأمريكية وسط قطاع غزة فى رحلة طويلة شاقة يضطرون فيها للمبيت قرب الموقع خارج مدينة غزة، ليتمكنوا من البحث عنه فى صباح اليوم التالى.

وتوزّع أقاربه قرب الموقع الذى يعتقدون أنّه ذهب إليه، وأخذوا يسألون الجميع هناك عنه، ويعرضون صورته عليهم، علّ أحدهم صادفه أو يتذكّر ملامحه، وبعد رحلة بحث مضنية، صادف أقاربه رجلا من العارفين بالمنطقة، فأخبرهم أنّه رأى خمس جثث ملقاة على الأرض أسفل جسر «وادى غزة»، ولم يستطع أحد الوصول إليها لشدة خطورة المكان.

وألح أقارب «جندية» على الرجل، وعرضوا عليه مبلغا من المال لإقناعه بالذهاب لتفقد الجثث على أمل أن تكون جثته بينهم، نجحت أخيرا محاولات الإقناع، ووافق الرجل على المخاطرة بحياته وتفقد الجثث، قبل أن يذهب، عرض أقارب «جندية» صورته على الرجل للتعرف على ملامحه وهيئته فى حال وصل إلى جثته.

وخلع الرجل ملابسه عدا الداخلية، ورفع يديه لأعلى خشية الاستهداف من مسيّرات «كوادكابتر» الإسرائيلية التى لا تفارق المكان، بعد وقت قصير، وجد الرجل جثة «جندية»، وتمكن من سحبها وتسليمها لأقاربه، حيث بدا أنّ الجانب الأيسر من وجهه اختفى تماما نتيجة طلق متفجر، وكانت هناك ثغرة كبيرة فى رأسه من الخلف، وفى اليوم الذى قُتل فيه «جندية» السبت 14 يونيو، كان قد استشهد معه 66 مجُوّعا آخرين قرب نقاط توزيع المساعدات فى قطاع غزة.

وتحدث «أحمد جندية»، خلال تقرير المرصد الأورومتوسطى، عن أسباب رفضه للتوجه لمراكز التوزيع الأمريكية للحصول على المساعدات الغذائية، قائلا: «لا أذهب لتلك النقاط أبدا، لانها أولا بعيدة جدا، أحتاج لمشى مسافة تزيد على 10 كيلومترات حتى أصل إلى هناك، وليست لدى القوة أو الطاقة لذلك بفعل الجوع.

وثانيا، لأن من يذهب إلى هناك يُحتمل بشكل كبير ألا يعود أبدا»، مضيفا : «إنها مراكز إعدام جماعى وليست نقاط توزيع مساعدات».

كما تحدث «أحمد جندية» عن محاولاته انتظار شاحنات المساعدات التى تسمح السلطات الإسرائيلية بدخولها بشكل محدود إلى قطاع غزة عبر معبر «زيكيم» شمالى غربى غزة، فيقول: «ذهبت لانتظار شاحنات المساعدات التى تدخل عبر معبر زكيم بأمل الحصول على الطحين لعائلتى، ولكن لا أستطيع أن أصف المشهد، بمجرد أن دخلت المساعدات، تجمع آلاف المُجوَّعين حولها، لتبدأ القوارب الحربية الإسرائيلية بإطلاق النار على الحشود بشكل مباشر وكثيف، عشرات الشبان قُتلوا على الفور، أما أنا، فلم أستطع التحرك من الخوف، تجمدت ساقاى فى مكانهما».

وأضاف: «لا أعلم كيف استطعت الفرار والخروج حيّا من ذلك المكان، وصلت إلى مدرسة الإيواء التى أنزح فيها مع عائلتى حيّا وأقسمت أنى لن أعود إلى ذلك المكان حتى لو تضورت جوعا، كنت على وشك ان أفقد حياتى مقابل كيس من طحين يُقدر هذه الأيام بما يقارب 500 دولار».

شهادة الدكتور هيثم اللوح.. فى شهادة وثقها الدكتور هيثم اللوح عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، تحدث فيها عن المجاعة فى غزة قائلا: «لم أجرب الذهاب إلى مراكز توزيع المساعدات - مصائد الموت - من قبل، ولا لحقت الشاحنات ونهبتها كما يفعل الناهبون، وكنا نقول للشباب لا تذهبوا، لأن فى هذا إلقاء بالنفس إلى التهلكة، وأخذا لحق غيرك من الطعام، ولكن الواقع فرض معادلة صعبة».

شهادة الدكتور هيثم اللوح
شهادة الدكتور هيثم اللوح

 

وأضاف: «إن تورعت عن الذهاب وامتنعت ركبك وعيالك الجوع، وإن أنت ذهبت فاحتمالية رجوعك إلى أهلك سالما غانما تعادل احتمالية عدم الرجوع، فصرت أنت فى حيص بيص، لا أنت قادر على الذهاب، ولا أنت تستطيع البقاء جالسا فى بيته وهو يرى الجوع ينهش عياله وأطفاله، ولا أنت الذى تستطيع شراء المعروض فى السوق من البضائع التى جىء بها من تلك المناطق أو نهبت من الشاحنات».

أكل الفئران.. شهادة الكاتب الفلسطينى هانى السالمى، هى الأصعب، بعدما وصلت المجاعة إلى حد تناول الفئران كسبيل وحيد للحياة، حيث قال عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: «الفئران وجبة للجوع، فى البداية، رفضت، قلت لنفسى: لا أريد أن أضيف إلى ذاكرتى جرحا آخر، لا أريد أن أرى عيونا أخرى يعلوها الغبار والجوع، لكن شيئا فى داخلى كان يلح علىّ: اذهب.. ربما ستجد الكلمات التى طالما خانتك أمام هذا الألم».

وأضاف السالمى: «ذهبت، وبرفقتى بعض الداعمين النفسيين، لكنى شعرت أن لا أحد فينا قادر على احتواء هذا الخراب، دخلت خيمة مهترئة، رائحتها خليط من الدخان والعفن والدموع، هناك، جلست عائلة حول قدر يغلى فوق حجارة، وقفت أنظر، ثم سألتهم بصوت مرتجف: كيف طعم الفئران؟

وقال: «نظر الأب إليّ بعينين مطفأتين، وقال: «الفأر لا يُشبع، لكنه أفضل من أن ترى أطفالك يموتون جوعا»، وكانت الأم تمزق لحم الفأر بأسنانها، والطفلة الصغيرة تمسك بذيل فأر آخر، كأنها تلعب، كأنها لا تعرف أن هذا هو عشاؤها، شعرت حينها أن اللغة عاجزة، وأن القصيدة التى كنت أبحث عنها طوال عمرى، هى هنا، لكنها مكتوبة بالدم والعرق والخوف، وخرجت من الخيمة مثقلا بالخزى، أفكر: هل سأكتب عنهم؟ أم سأصمت وأترك العالم يبتلعهم كما ابتلع كل المجاعات السابقة؟

حمزة أبوسلطان .. نلحس الرمل..  خلال فيديو انتشر على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعى، يظهر فيه الطفل حمزة أبوسلطان الذى يكشف فيه معاناته من أجل جلب الأرز لأسرته، حيث يقول خلال الفيديو: «والدى استشهد منذ ستة أشهر، ذهبت إلى مركز المساعدات كى أحضر طعاما لأخواتى، لا يوجد أحد يبحث عنا، بصعوبة أخذت كيس أرز 5 كيلو وقاطعو الطرق ضربونى وأخذوا الكيس وعدت للأسرة ولا يوجد شىء أحضره لأخواتى وأصبحنا بدون شىء، نلحس الرمل».

جوع الأطقم الطبية.. شهادة الصحفى الفلسطينى عمرو طبش، تكشف معاناة الأطقم الطبية داخل المستشفيات من الجوع، وهو ما يؤكده عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، خلال تجوله لمستشفى ناصر، حيث يقول: «كنت داخل أحد أقسام مجمع ناصر الطبى، أراقب تفاصيل العمل وسط الحصار، والوجع، ونقص كل شىء، وحينها سمعت ما لن أنساه ما حييت، أحد مشرفى التمريض قالها بصوتٍ مختنق، فيه من الكرامة بقدر ما فيه من الألم: «والله معظم طاقم التمريض بيجوا على الشغل بدون أكل، هزيلة أجسادهم، بياخدوا محاليل يوميا علشان يقدروا يكملوا دوامهم».

وفى هذا السياق، أكد المدير العام لوزارة الصحة فى غزة منير البرش فى بيان له، أن أطباء غزة لا يستطيعون العمل 24 ساعة نتيجة سوء التغذية وبعضهم سقطوا فى أثناء إجراء العمليات الجراحية، متابعا: «نحن على أعتاب مرحلة استشهاد 500 شخص يوميا إذا استمرت المجاعة».

الطفلة الرضيعة وتين الندى، لم تكمل عامها الأول، ولدت فى قلب الحرب بعد استشهاد والدها فى قصف إسرائيلى،وتكابد اليوم مرارة الجوع فى حضن أم عاجزة عن إطعامها، وسط حصار خانق وتجويع متعمد يفتك بأهالى غزة.

أصيبت وتين بسوء تغذية خطير نتيجة عجز والدتها عن توفير الطعام لها ولأشقائها الخمسة، رغم أنها لا تعانى من أى أمراض مزمنة، بينما حذر الأطباء من أن جسدها الصغير مهدد بالتحول إلى هيكل عظمى إن استمر نقص الحليب والغذاء والعلاج.

صراخ «أنس».. صوت صراخه من الألم يكاد يخلع القلوب، أنس أبوالسعيد، طفل فلسطينى يعيش داخل قطاع غزة، ولد منذ أشهر مصابا بثقب فى القلب، ومع الظروف الكارثية الذى يعيشها القطاع زادت آلامه بشكل غير مسبوق ولم تعد المستشفيات قادرة على علاجه فى ظل انهيار المنظومة الصحية.

«أنس أبوالسعيد»، ابن الـ9 أشهر، قلبه الصغير مثقوب ويحتاج لعملية قلب مفتوح، إلا أن نقص المستلزمات الطبية، وعدم توافر غرف عناية مركزة بشكل كبير جعل فرص إجراء هذه العملية صعبة للغاية.

أنس أبو السعيد ووالدته
أنس أبو السعيد ووالدته

 

وزن «أنس» لا يتجاوز خمسة كيلوجرامات بينما الوزن الطبيعى لهذا السن يجب أن يصل لـ10 كيلو، إلا أن سوء التغذية الحاد الذى يضرب غزة تسبب فى نقصان شديد لوزنه، كما أنه يعانى من درجة حرارة مرتفعة بشكل مستمر، دقات قلب سريعة، وصعوبة فى التنفس، وجسده يزرق من شدة التعب.

وتؤكد والدة أنس أبوالسعيد، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن ابنها لم يتناول الحليب منذ فترة، ما جعله يعانى من سوء تغذية حاد وانخفاض شديد فى الوزن، ما يشكل خطورة كبيرة على حياته.

وتوضح والدة الطفل الفلسطينى، أن ابنها يحتاج لسرعة السفر للعلاج خارج القطاع فى ظل عدم وجود إمكانات طبية بغزة بفعل استمرار الحرب، مشيرة إلى أن أنس لديه ثقبا كبيرا فى البطينين بالقلب، وهو ما يستدعى سرعة علاجه وفى ظل نقص الأدوية والمعدات الطبية يجعل كل يوم يمر عليه أصعب من السابق.

 

 

إضراب صحفيين عن الطعام بسبب المجاعة
 

وأعلن صحفيون فلسطينيون، الإضراب عن الطعام تضامنا مع أطفال غزة بعد تزايد عدد الوفيات بسبب سوء التغذية داخل القطاع، نتيجة التعنت الإسرائيلي في منع وصول المساعدات للفلسطينيين.

وقال وديع أبو السعود، الصحفي الفلسطيني، :"اتخذت أنا وزملائي الصحفيين قرار الإضراب المفتوح عن الطعام، لأننا مش قادرين نكمل نأكل ونتجاهل أطفال بتموت من الجوع قدام عيوننا في ناس بتقول شو رح تستفيد بجاوب  بكفيني ألقى الله وضميري مرتاح ما سكتت ما خذلت كنت صوت المظلومين وصوت الجوعى إما أن يصل صوتنا ويهتز له العالم أو نموت معهم بكرامة".

وفي تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، قال وديع أبو السعود :" دخلنا أنا وبعض زملائي الصحفيين في إضراب مفتوح عن الطعام حتى يأكل أصغر طفل في غزة، لعلنا نستطيع أن نوصل صوتنا للعالم يمكن تستيقظ الضمائر الحية حول العالم"، وأضاف الصحفي الفلسطيني :"الإضراب مفتوح حتى يأكل اخر طفل بغزة أو نموت مرتاحين الضمير".

وأكدت وكالة الأونروا، في بيان لها في 16 أغسطس، أن من أسباب المجاعة في غزة محاولات الاستعاضة عن نظام المساعدات الأممي بمؤسسة غزة ذات الدوافع السياسية، موضحة أن نظام المساعدات الإسرائيلي الأمريكي في غزة ينزع الإنسانية ويجلب الفوضى والموت، ويجب أن نعود إلى نظام تنسيق وتوزيع موحد في غزة بقيادة الأمم المتحدة على أساس القانون الإنساني الدولي.

 

فيما أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في 17 أغسطس، أن سلطات الاحتلال يواصل تنفيذ سياسة ممنهجة تقوم على هندسة التجويع والقتل البطيء بحق أكثر من 2.4 مليون إنسان، بينهم أكثر من 1.2 مليون طفل فلسطيني، لافتة إلى أن الأخطر في هذه الجريمة المتواصلة أن ضحاياها الرئيسيين هم الأطفال والمرضى، حيث إن أكثر من 40,000 طفل رضيع (أقل من عام واحد) مصابون بسوء تغذية حاد وحياتهم مهددة بالموت تدريجياً، ويُسجَّل يومياً سقوط شهداء من هؤلاء الأطفال والمرضى بسبب سوء التغذية والجوع، تُوثّق صورهم ومشاهد وداعهم المأساوي أمام العالم أجمع بالصوت والصورة، فيما يعاني أكثر من 100,000 من الأطفال والمرضى على وجه الخصوص من نقص غذائي خطير يُنذر بكارثة إنسانية واسعة النطاق.

 

وأضاف أنه رغم التحذيرات المتكررة التي أطلقتها كل المنظمات الدولية والأممية والإنسانية والدول المختلفة الذين اجتمعوا على تجريم ما تقوم بها سلطات الاحتلال؛ إلا أنها تواصل منع إدخال حليب الأطفال، والمكملات الغذائية، ومئات الأصناف الأساسية الأخرى، بينها اللحوم المجمدة بنوعيها الحمراء والبيضاء، والأسماك، والأجبان، ومشتقات الألبان، والفواكه والخضروات المثلجة بأنواعها، وحتى إن دخلت بعض الشاحنات القليلة بكميات محدودة جداً؛ وتتعمد إسرائيل ترك هذه الشاحنات عرضة للنهب من جهات تابعة له، ويمنع تأمين وصولها الآمن لمستحقيها، بل ويقتل كل من يحاول تأمين هذه الشاحنات.

 

 

أم تعرض ألعاب أطفالها للبيع
 

من جانبها عرضت أريج الأقرع مواطن فلسطينية، قصة عرض أم ألعاب أطفالها للبيع قائلة :"ألعاب مقابل الطحين"، حيث قالت عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" :"في زقاق ضيّق يملؤه الغبار وتغشاه رائحة الجوع، عرضت أمٌّ شابة على بساطٍ قديم، تفرش أمامها ألعابًا صغيرة باهتة الألوان، كانت يومًا ملكًا لطفلها الوحيد، لم تكن هذه الأشياء معروضة للبيع لترفٍ أو رغبة في التخلّص منها، بل كانت وسيلة يائسة لتأمين كيلو طحين، يُبقي الجوع بعيدًا ليومٍ آخر".

فلسطينية تعرض ألعاب أطفالها للبيع مقابل كيس طحين
فلسطينية تعرض ألعاب أطفالها للبيع مقابل كيس طحين

 

وأضافت عبر منشورها :"تحبس الأم دموعها وتنظر إلى الألعاب بشغف، وتمرّ في ذهنها صور ابنها وهو يلعب ويبتسم. "كان يضحك وهو يركب المكعبات، وفي ظلّ المجاعة التي أكلت أحلام الناس وأحالت الكرامة إلى رفاهية، لم يعد السؤال "ما الذي يمكننا أن نأكله؟" بل "ما الذي يمكننا أن نضحّي به لأجل لقمة تسند أجسادنا؟".

 

وقالت أريج الأقرع :" وفي هذا الوقت ، بقيت الأم تراقب لعلى يريد أحداً يبادلها كيلو طحين ، وعلى بساطها ألعابٌ تبكي غياب الطفولة، تنتظر من يشتريها، لا للعب، بل لإنقاذ روحٍ من الجوع".

 

وفي 14 أغسطس وجهت جمعية العودة الصحية والمجتمعية نداءا طارئا لإنقاذ ما تبقى من الحياة في قطاع غزة في ظل الكارثة الغذائية المتفاقمة، مؤكدة أن الأطفال والنساء، يواجهون كارثة غذائية غير مسبوقة تهدد حياتهم وتترك آثارًا كارثية على صحتهم الجسدية والنفسية، حيث تحوّل الجوع إلى مشهد يومي يخيّم على كل بيت في غزة، حيث لم تعد المعاناة مقتصرة على انعدام الأمن الغذائي، بل تعدّتها إلى تسجيل وفيات مأساوية بسبب الجوع وسوء التغذية والجفاف.

 

وأكدت أن مراكز جمعية العودة الصحية والمجتمعية، تشهد منذ أسابيع، توافد أعداد متزايدة من الأطفال في حالة هزال شديد وضعف عام مرعب، وسجّلت عيادة التغذية التابعة لمستشفى العودة في مخيم النصيرات ارتفاعًا حادًا في عدد الحالات التي تحتاج متابعة غذائية خاصة، إذ بلغ عدد الأطفال الذين تلقوا خدمات المتابعة خلال الفترة من يناير حتى منتصف مارس 2025 نحو 7052 حالة، في حين قفز هذا الرقم ليصل إلى 20,870 حالة جديدة خلال الفترة من منتصف مارس حتى نهاية يونيو، أي بزيادة تقارب 195% خلال ثلاثة أشهر فقط، بعد إحكام الحصار وإغلاق المعابر بشكل مشدد.

 

وأشارت إلى أن معظم هؤلاء الأطفال يعانون من نقص حاد في العناصر الغذائية الأساسية، وقد أصبح العلاج الغذائي التكميلي، الذي كان شحيحًا في الأصل، يوشك على النفاد التام، ويُستخدم حاليًا فقط للحالات الأشد خطرًا، لافتة إلى أن التقارير الأممية وشهادات المنظمات الإنسانية تؤكد هذه الصورة القاتمة، حيث وُثق إصابة أكثر 900 ألف طفل يعانون من درجات متفاوتة من سوء التغذية، من بينهم أكثر من 17 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، وهو رقم مرعب يسجل ارتفاعًا مستمرًا.

 

 

معاناة غزة مع التجويع عبر السنوات
 

وعلى الرغم من استخدام صلاح التجويع من قبل الاحتلال الصهيونى أثار انتقادات وموجة غضب كبرى  إلا إنه بالتتبع والتقصى لأحداث التاريخ يتبين أن سلاح التجويع لم يكن بدعة صهيونية فقط بل استخدم ضد أهالى غزة عدة مرات خلال السنوات السابقة لكسر شوكتهم وإنهاء مقاومتهم للاحتلال وعلى سبيل المثال

 

الحرب العالمية الأولى
 

 خلال الحرب العالمية الاولى  شهدت فلسطين وتحديدا قطاع غزة  عانى سكان القثطاع من الحصار والتجويع وعجز فى المواد الغذائية خلال الصراع  بين الأمبراطورية العثمانية، وبريطانيا  فكانت غزة هى الضحية الواقعة بين المطرقة والسندان سواء من خلال الحصار الذى فرضه القوات البريطانية ومصادرة العثمانيين للمحاصيل الزراعية تساقط على أثرة العشرات من ضحايا الجوع خلال الحرب وكان من نتائج هذه المجاعة انخفاض  سكان  غزة من 40 ألفًا إلى 18 ألفًا.

كما تسببت الحروب العربية الإسرائيلية  فى لجوء قوات الاحتلال إلى فرض الحصار على  فلسطين ومنع وصول المواد الغذائية ولكن نجحت التدخلات المصرية والمنظامات الدولية ومنها "الأنروا" فى منع ظهور المجاعات وانهاء الحصار ووصل الطعام إلى أهالى وسكان فلسطين.

ومع مرور الأعوام  تكررت هذه المأساة مرة أخرى وتحديدا فى عام  2007  خلال تولى "حماس" مسئولية إدارة قطاع غزة  مما أثار غضب قوات الاحتلال ففرضت حصارا على أهل القطاع  منعت من خلاله امدادات المواد الغذائية  

 وفى عام  2012 أعلنت منظمة الأمم المتحدة وصنفت قطاع غزة بأنه "غير صالحة للحياة بحلول 2020"  وكانت هناك بعض المحاولات الدولية على استحياء لكسر ذلك الحصار ومنها "قافلة أسطول الحرية" عام 2010.

 

 

 

 

 

 
1010
 

 

dims.apnews
 

الوضع في غزة

 
أنس-أبو-السعيد
أنس أبو السعيد

 

مريم-دواس
مريم دواس

 

9ef71ff1-ab0c-4179-9ae0-7f3e9470cc2b
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المصريون في ألمانيا يوجهون رسالة دعم للبعثات الدبلوماسية من أمام سفارتنا ببرلين.. فيديو

محامي شيرين يطالب وزير الثقافة ونقابة الموسيقيين بإنقاذها بعد أنباء عودتها لحسام حبيب

هل سلمت الفصائل الفلسطينية فى لبنان سلاحها للجيش؟.. تعرف على التفاصيل

موعد مباراة الزمالك القادمة فى الدوري أمام فاركو والقناة الناقلة

التحريات: تاجر مخدرات وراء قتل طفل والتخلص من جثته فى منطقة كرداسة


خلال بث مباشر.. سقوط تاجر المخدرات حازم العركى بقنا وبحوزته 50 كجم شابو بقيمة 30 مليون جنيه وذهب وأموال وسلاح وذخيرة.. ادعى فى لايف إعلانه التبرع بـ10 ملايين للأعمال الخيرية والغارمات.. والغرض كسب التعاطف

ألفينا ومصطفى شلبي يدعمان "تشكيل الجولة" بالدوري المصري في غياب الأهلي

تعرف على شروط الترشح لمجالس الأندية بعد تعديل قانون الرياضة

حقيقة "الثقب الأسود" فى الهرم.. مصدر بـ"محافظة الجيزة" يكشف تفاصيل جديدة

زى النهارده.. الزمالك يتوج بلقب الدورى المصري للمرة الرابعة عشر فى تاريخه


الزمالك يزاحم المصري بالقمة.. اعرف ترتيب دوري نايل بعد نهاية الجولة الثالثة

الحزن لا يفارق محمد الشناوى فى مران الأهلي.. صور

كوكا يغيب عن افتتاح الدوري السعودي لأسباب غير فنية.. تعرف عليها

تنسيق الشهادات المعادلة.. 95% حدا أدنى لإبداء رغبة الالتحاق بكليات الطب

برشلونة واثق من تسجيل جميع لاعبيه قبل 30 أغسطس

أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وتحذر من الرطوبة

بيراميدز يفقد 4 نقاط في 3 مباريات في انطلاقة الدوري.. تعادلان وفوز

القاهرة تدرس غلق شوارع بوسط البلد ومصر الجديدة وتخصيصها للمشاة فقط.. المحافظ: شارع إبراهيم باشا بالكوربة الأبرز وإنشاء اتحاد شاغلى الشوارع للحفاظ على العقارات التراثية.. و"الخديوية" تشهد تكرار نماذج شارع الألفى

لايبزيج فى ضيافة بايرن ميونخ فى افتتاح الدوري الألماني الليلة

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى