فى مشهد يعيد "العفاريت" للواقع.. الداخلية تداهم الثقب الأسود.. ضبط وكر للتسول بالأطفال على طريقة الكتعة.. الجناة هاربون من أحكام جنائية ويعتدون على الأطفال.. وإشادة بسرعة تحرك الشرطة.. فيديو

في واحدة من أبرز الضربات الأمنية التي تستهدف أوكار الجريمة المنظمة، نجحت وزارة الداخلية في إحباط نشاط عصابة خطيرة كانت تستغل الأطفال في أعمال التسول تحت أحد الكباري بمحافظة الجيزة، في منطقة وصفتها المصادر بـ"الثقب الأسود" بسبب ما يدور بداخلها من ممارسات خارجة عن القانون.
القصة بدأت عندما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية صورًا ومقاطع فيديو توثق وجود فتحة أسفل أحد الكباري، يظهر فيها تجمع لعدد من الأطفال والنساء والشباب، في مشهد أعاد للأذهان مشاهد من فيلم "العفاريت"، حيث كان الأطفال يُستغلّون بطريقة مشابهة للتسول وبيع السلع بشكل إلحاحي.
ومع تزايد الضجة حول هذه الصور، وسرعة انتشارها على منصات التواصل، بدأت الأصوات تتعالى مطالبة بتدخل عاجل من الجهات الأمنية، قبل أن يتفاقم الوضع وتتحول تلك المنطقة إلى بؤرة إجرامية يصعب السيطرة عليها لاحقًا.
لم تمر ساعات حتى تحركت الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وتمكنت من تحديد موقع الفتحة المشتبه بها، والتي تقع تحديدًا في دائرة قسم شرطة الأهرام بمحافظة الجيزة.
وبعد إجراء التحريات اللازمة، تم تنفيذ مداهمة أمنية محكمة، أسفرت عن ضبط عشرين شخصًا، بينهم سبع متهمين لديهم سوابق جنائية، بالإضافة إلى ثماني سيدات وخمسة أطفال. وخلال التفتيش، عُثر بحوزة تسعة من المتهمين على أسلحة بيضاء، وهو ما يرجح تورطهم في أعمال عنف أو تهديد خلال ممارستهم أنشطة التسول.
التحقيقات الأولية كشفت عن استخدام هؤلاء الأطفال بشكل منظم في عمليات التسول بالشوارع المحيطة بموقع التجمع، حيث كانوا يُدفعون لاستعطاف المارة وبيع بعض السلع بشكل إجباري، في محاولة لاستنزاف أكبر قدر من الأموال من المواطنين، مستخدمين في ذلك أساليب ضغط نفسي وعاطفي.
وأشارت المعلومات إلى أن هذه العصابة اتخذت من تلك الفتحة وكرًا لا يقتصر على التسول فقط، بل كان يُستخدم أيضًا كملاذ للهروب من أعين الأمن، مما زاد من خطورة الوضع في تلك المنطقة.
وقد باشرت جهات التحقيق تحقيقاتها مع المتهمين، فيما تم التنسيق مع الجهات المعنية لإغلاق الفتحة التي كانت تستخدم كمخبأ، منعًا لتكرار مثل هذه الوقائع مستقبلًا. كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المقبوض عليهم، وتقرر إيداع الأطفال الخمسة المضبوطين إحدى دور الرعاية الاجتماعية، لحمايتهم من أي استغلال مستقبلي، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لهم.
وفي تعليق خاص لـ"اليوم السابع"، أشاد اللواء الدكتور علاء الدين، الخبير الأمني، بسرعة استجابة وزارة الداخلية وتحركها الفوري عقب تداول هذه الصور والفيديوهات، مؤكدًا أن هذه التحركات السريعة من شأنها أن تعزز الثقة بين المواطن والأجهزة الأمنية، وتحد من انتشار الجريمة في المناطق العشوائية.
وأوضح اللواء أن المتهمين في هذه القضية استخدموا الأطفال كوسيلة للربح السريع، ولم يترددوا في ممارسة العنف ضدهم لإجبارهم على التسول، وهو ما يسلط الضوء على حجم المعاناة التي يعيشها بعض الأطفال في الشوارع، في ظل غياب الرقابة الأسرية وافتقار بعض المناطق للمتابعة المجتمعية.
الواقعة تعيد إلى الأذهان خطورة إهمال أوكار الجريمة الصغيرة التي قد تتطور بمرور الوقت إلى شبكات منظمة تهدد أمن المجتمع، خاصة عندما يكون ضحاياها من الأطفال، الذين يُفترض أن تتكاتف الدولة والمجتمع لحمايتهم من كل صور الاستغلال.
وتُعد هذه الحملة نموذجًا لنجاح التعاون بين المواطنين والجهات الأمنية، حيث كانت البداية من بلاغات المواطنين ومنشورات على مواقع التواصل، انتهت بتحرك عاجل وضبط الجناة وتفكيك وكر استغلال الأطفال.
تظل قضايا التسول واستغلال القُصّر واحدة من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي قد تدفع بعض الأُسر أو العصابات إلى استخدام الأطفال كأداة لجمع المال.
ومع كل عملية ضبط، تتجدد الحاجة إلى تفعيل آليات الردع، ليس فقط بالعقاب، بل عبر برامج وقائية تشمل توعية مجتمعية ومتابعة مستمرة من الجهات المعنية، إلى جانب تعزيز دور الرعاية الاجتماعية والتربوية لهؤلاء الأطفال.
نجحت الداخلية في توجيه رسالة واضحة بأن مثل هذه الأوكار لن تُترك دون رد، وأن كل من تسول له نفسه التربح من استغلال القُصّر سيواجه القانون دون هوادة. ومع هذا النجاح الأمني، تبقى التحديات قائمة، والحل يبدأ من الوقاية، والمجتمع شريك رئيسي فيها.

Trending Plus