البكالوريا تجربة جديدة تواجه نيران الشائعات.. ما يجب أن يعرفه أولياء الأمور

ما أن أعلنت وزارة التعليم اعتماد نظام البكالوريا المصرية كخيار يُطبق على طلاب الصف الثالث الإعدادي اعتبارًا من العام الدراسي المقبل، حتى انطلقت شرارة الشائعات على منصات التواصل الاجتماعي في محاولة لتخويف أولياء الأمور، رغم منح الطلاب حرية الاختيار بين هذا النظام والثانوية العامة التقليدية.

سبق لي أن تناولت الحالة الجدلية التي أثيرت حول نظام البكالوريا الجديد في سلسلة مقالات سابقة، نقلت خلالها المخاوف التي انتابت أولياء الأمور، وطالبت وزارة التعليم، ممثلة في الدكتور محمد عبد اللطيف، بضرورة فتح قنوات تواصل دائمة مع الطلاب وأسرهم لتوضيح الفكرة، سواء عبر كثرة الحديث في وسائل الإعلام أو من خلال بيانات توضيحية على الموقع الرسمي للوزارة، حتى لا يقعون فريسة للشائعات المغرضة.

على أرض الواقع، قام الدكتور محمد عبد اللطيف خلال الأسابيع الماضية بتوضيح كل كبيرة وصغيرة حول تفاصيل البكالوريا، وطمأن أولياء الأمور بأنه لا يوجد أي إجبار على اختيار النظام الجديد أو البقاء في الثانوية القديمة، وقد لمسـت ذلك بنفسي أثناء تقديم أوراق ابنتي، حيث وجدت حرية الاختيار بالفعل، ولم أشهد أي ضغط أو إجبار كما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

كلام الوزارة كان واضحًا وصريحًا في هذه الجزئية: من يخشى التجربة الجديدة أو يشعر بصعوبة التأقلم مع نظام يختلف عن الثانوية التقليدية أمامه حرية الاختيار، وقد تم توضيح الفروق بين النظامين وكل ما يخصهما في عدة بيانات متواصلة.

لكن ما لفت الانتباه هو موجة الشائعات التي اجتاحت السوشيال ميديا، وكأن هناك حملة ممنهجة لتشويه الفكرة وإثارة القلق حولها، وهنا كان لافتًا حرص الوزارة، حيث نشر المتحدث الرسمي شادي زلطة بيانًا أوضح فيه الحقائق وفند أبرز الشائعات التي لاحقت النظام الجديد، مؤكدًا أن كل ما يُثار عبر وسائل التواصل يفتقد الدقة.

من أبرز ما تم توضيحه في بيان وزارة التعليم:

- لا فصل بين المدارس: لا توجد مدارس مخصصة للبكالوريا وأخرى للثانوية العامة، بل يمكن لكل مدرسة تطبيق أي من النظامين.

- حرية الاختيار للطلاب: لم ولن يُجبر أي طالب على الانضمام إلى نظام محدد، فالقانون يكفل حرية الاختيار كاملة.

- المناهج ليست معقدة: مواد الصف الأول الثانوي موحدة بين النظامين، أما الاختلاف في المرحلة النهائية فلا يتجاوز 20% في بعض المواد المتقدمة.

- فرص متساوية في الجامعات: خريجو البكالوريا يتمتعون بنفس حقوق خريجي الثانوية العامة في القبول الجامعي.

- اعتراف دولي كامل: شهادة البكالوريا المصرية معتمدة دوليًا مثل الثانوية العامة، ولا يوجد فرق بينهما في هذا الجانب.

ما شرحه المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم يُعد ردًا واضحًا وشافيًا على كل ما يخص هذه القضية الشائكة، ويؤكد أن هناك حرية اختيار والمعاملة سواسية، فالأمر واضح: الانتقال إلى البكالوريا لا يعني هدم الثانوية العامة، بل توسيع الخيارات أمام الطلاب، فالتجربة الجديدة قد تُحدث نقلة نوعية في التعليم المصري خلال السنوات المقبلة إذا نُفذت بالشكل الأمثل، بحيث تخرج أجيالًا قادرة على المنافسة عالميًا بدلًا من التمسك بأنماط تقليدية محدودة.

فعليًا، إذا قمنا بتحليل الموقف، سنجد أن نظام البكالوريا يواجه قلقًا طبيعيًا من بعض أولياء الأمور، وهو أمر مفهوم في مواجهة أي تجربة جديدة، إذ يميل الإنسان دائمًا إلى التمسك بما يعرفه، على طريقة المثل الدارج: "اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش".

لكن في الوقت نفسه، يبدو أن النظام يواجه حربًا شرسة من بعض المنتفعين الذين لا يرغبون في إنجاح المشروع، حتى لا تضيع مصالحهم الخاصة التي صنعوها على مدار سنوات، حيث إن هؤلاء يقودون حملات تشويه منظمة عبر مواقع التواصل لإجهاض التجربة قبل أن تبدأ.

طبعًا، كالعادة، يقع الكثيرون منا في فخ هذه الشائعات ويصدقون ما يُثار دون تدقيق أو تجربة أو بحث عن الحقيقة، لذا يجب أن يكون الحكم على هذا النظام مرهونًا بالتجربة الواقعية للطلاب وأسرهم داخل المدارس، لا بما يُقال على صفحات مجهولة على السوشيال ميديا تختبئ خلف الشاشات وتنسج الأكاذيب وترهب أولياء الأمور.

ختامًا، البكالوريا ليست "خطرًا" كما يروج البعض، بل قد تكون فرصة جيدة لإصلاح التعليم وبناء جيل مختلف، لكن يبقى التحدي الأكبر هو التنفيذ الأمثل للفكرة حفاظًا على مستقبل أبنائنا، لذلك، أتمنى استمرار الوزارة في تعزيز قنوات التواصل المباشر مع أولياء الأمور لمعرفة آرائهم عن قرب، وهو الرد الأقوى على كل ما يُثار من تشكيك أو تضليل.

مصلحة أبنائنا من وراء القصد، اللهم وفقهم في الاختيار الصحيح لمستقبلهم.