ماذا فعل حسن البنا فى أول فضيحة ارتكبها صهره داخل الإخوان؟.. أطاح بأعضاء الإرشاد بعد مطالبتهم فصل صهر المرشد لممارسته الرذيلة مع الأخوات فى بيوتهم خلال الجلسات الدعوية.. والجانى يشتهر بـ"راسبوتين" الإخوان

لطالما السرية سيطرت علي أي جماعة، وطغي الغموض علي التنظيم، وانتشرت المهام في الظلام، ونفذت الأمور في الخفاء، اعرف جيدا أن الجرائم تتزايد والسرقة تتصاعد، والعلاقات المشبوهة تتضاعف، والرذيلة تصبح سمة تلك الجماعة أو ذاك التنظيم، هذا هو ما انطبق علي جماعة الإخوان في بداية تأسيسها أو إنشائها، لكن ما كان أكثر جرما من خطيئة من الجريمة تعامل حسن البنا مرشد الجماعة مع الجاني وهو عبد الحكيم عابدين صهر حسن البنا.. في السطور التالي نسرد الجريمة بكل تفاصيلها ونجيب علي السؤال الأهم ألا وهو كيف تعامل حسن البنا مع أول جريمة أخلاقية داخل التنظيم.

حسن البنا وبعض أعضاء مجلس شورى الإسماعيلية
يروى سامح فايز الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، تفاصيل الواقعة برمتها، قائلا :" لجماعات الإسلامية، إن التاريخ السري لجماعة الإخوان الإرهابية يكشف العديد من الوقائع التي توضح ازدواجية خطابها وتناقض شعاراتها المعلنة مع ممارساتها الداخلية، وفي مقدمة هذه الوقائع ما عرف بـ"فضيحة عبد الحكيم عابدين"، صهر المرشد المؤسس حسن البنا، والتي اعتُبرت أولى الأزمات الأخلاقية الكبرى داخل التنظيم في أربعينيات القرن الماضي.
وأوضح فايز، خلال تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن عبد الحكيم عابدين، الذي تزوج من شقيقة البنا، لم يكن مجرد عضو عادي في الجماعة، بل كان أحد القيادات البارزة وصاحب نفوذ واسع بفضل قربه العائلي من المرشد الأول. إلا أن هذا النفوذ لم يكن مرتبطًا بالكفاءة أو النزاهة، بل ارتبط بفضائح أخلاقية وسلوكيات منحرفة، وصلت إلى حد اتهامه بالتحرش بزوجات وبنات عدد من أعضاء الإخوان، فيما سُمي وقتها بـ"أخوات الجماعة".
وأشار الباحث إلى أن خطورة هذه القضية أنها لم تكن مجرد شائعات أو اتهامات بلا دليل، بل قُدمت بشأنها شكاوى رسمية من أعضاء داخل التنظيم، تضمنت وقائع موثقة عن استغلال عابدين للجلسات الدعوية التي كان يعقدها في بيوت بعض الأعضاء في غيابهم، لممارسة سلوكيات مشبوهة مع النساء داخل تلك البيوت. وهو ما هز ثقة القواعد التنظيمية في القيادة، وفتح الباب لأول انقسام حاد بين أعضاء مكتب الإرشاد.

احمد السكرى ومع حسن البنا
وأضاف فايز أن تصاعد الغضب دفع حسن البنا، تحت ضغط المطالبات الداخلية، إلى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في القضية. وقد ضمت اللجنة القيادي البارز أحمد السكري، الذي يُعد أحد أهم المؤسسين الأوائل للجماعة وصديقًا شخصيًا للبنا، إلى جانب عدد من الشخصيات التنظيمية المرموقة. وقد باشرت اللجنة عملها بجدية، واستجوبت الشاكين والشهود، وانتهت إلى تقرير رسمي أكد أن الشكاوى ضد عبد الحكيم عابدين ليست مجرد افتراءات، بل وقائع حقيقية موثقة، وأن استمرار وجوده داخل الجماعة يمثل تهديدًا لسمعتها وصورتها أمام المجتمع.
وبحسب فايز، فإن هذه النتيجة كان من شأنها أن تدفع البنا لاتخاذ قرار حاسم بفصل صهره من الجماعة، إلا أن ما جرى كان عكس ذلك تمامًا. فقد اختار المرشد الأول التستر على الفضيحة، ورفض توصيات اللجنة، بل ذهب أبعد من ذلك عندما قرر إقصاء أحمد السكري نفسه من الجماعة، رغم أنه أحد مؤسسيها ورفيق البنا منذ البدايات، بحجة أنه يقود انقسامًا داخليًا ويثير فتنة ضد "أهل البيت"، ولم يقتصر الأمر على السكري، بل شمل أيضًا عددًا من أعضاء مكتب الإرشاد الذين طالبوا بمحاسبة عابدين. وهكذا، بدلاً من محاسبة الجاني، تمت معاقبة المطالبين بالإصلاح، وهو ما شكّل سابقة خطيرة داخل التنظيم، ورسّخ لثقافة التستر على الفاسدين وحماية أصحاب النفوذ العائلي.
وأكد فايز أن هذه الواقعة تكشف الوجه الحقيقي لحسن البنا، الذي كان يرفع في خطاباته العلنية شعارات عن "الطهارة" و"الأخلاق" و"إقامة مجتمع الفضيلة"، لكنه في الواقع مارس نقيض ذلك تمامًا، حيث انحاز إلى صهره المتورط في فضيحة أخلاقية، واعتبر الدفاع عنه واجبًا يعلو على المبادئ. مشددًا على أن البنا قدّم الولاء العائلي على حساب القيم التي كان يتاجر بها في خطاباته الدعوية.

عبد الحكيم عابدين
وأضاف الباحث أن ما حدث مع عبد الحكيم عابدين وأحمد السكري يوضح بجلاء أن جماعة الإخوان منذ لحظة التأسيس لم تكن كيانًا دعويًا أو إصلاحيًا كما زعمت، بل مشروعًا سلطويًا قائمًا على الصفقات الداخلية والمصالح الشخصية. فالمرشد الأول لم يتردد في التضحية بمؤسس بارز مثل السكري – الذي سبق البنا نفسه في فكرة الدعوة التنظيمية – مقابل حماية صهره، وهو ما أدى إلى خروج السكري نهائيًا من صفوف الجماعة، وبداية مرحلة جديدة من الصراع الداخلي.
وأشار فايز إلى أن هذه الفضيحة لم تكن حادثًا عابرًا في تاريخ الإخوان، بل شكلت نقطة تحول مهمة. إذ أرسَت مبدأ أن من يمتلك القرب من القيادة يمكنه الإفلات من المحاسبة، وأن أي صوت معارض حتى وإن كان من داخل البيت المؤسس، مصيره الإقصاء والتشويه. وهو المبدأ الذي استمر لاحقًا في تعامل الجماعة مع الأزمات الداخلية على مدار تاريخها.
وأوضح الباحث أن وصف عبد الحكيم عابدين بـ"راسبوتين الإخوان" لم يأتِ من فراغ، بل لأنه مثل نموذجًا للنفوذ الخفي القائم على الانحراف الأخلاقي والتأثير المريب داخل الجماعة، وهو نفوذ لم يكن ليستمر لولا حماية حسن البنا وتستره على فضائحه.
وشدد على أن دراسة هذه الواقعة تفضح البنية الحقيقية للجماعة، وتؤكد أنها لم تعرف الأخلاق إلا كشعار دعائي للاستهلاك العام، بينما كانت الممارسات داخلها مليئة بالانحراف والتستر على الفاسدين. مضيفًا أن حادثة عابدين كانت بمثابة شهادة ميلاد مبكرة لثقافة الإخوان القائمة على التضحية بالمبادئ في سبيل المصالح، وهي الثقافة التي ظلت سمة ملازمة للتنظيم حتى اليوم.
حسن البنا تستر علي الجاني وأطاح بالمحققين وخذل المشتكين
فيما كشف طارق أبو السعد، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، التفاصيل الكاملة لقضية عبد الحكيم عابدين، صهر المرشد الأول لجماعة الإخوان حسن البنا، التي عُدت أول فضيحة أخلاقية كبرى داخل التنظيم، مؤكداً أن البنا لم يكتفِ بالتستر على صهره، بل قام أيضًا بإقصاء كل من شارك في لجنة التحقيق التي أثبتت تورطه.
وأوضح أبو السعد، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن عبد الحكيم عابدين وُلد عام 1914 بمحافظة الفيوم، وتزوج من فاطمة أحمد عبد الرحمن الساعاتي، شقيقة حسن البنا، والتي وُلدت عام 1911 ولم تنل قسطاً كبيراً من التعليم.
وأشار إلى أن زواج عابدين تم في غضون عام 1940 أو ما بعدها، بعد تخرجه في كلية الآداب عام 1938، لافتاً إلى أن المؤرخ الإخواني محمود عبد الحليم ذكر في كتابه الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ (ص 474) أن عابدين كان فقير الحال رث الملابس، وأن الجميع اندهش من زواجه من شقيقة البنا، خصوصًا أنها تكبره بثلاث سنوات، وكان عمرها حينها نحو الثلاثين، وهو ما كان يُعتبر "عنوسة" في ذلك العصر.
وبيّن أبو السعد أن عابدين اقترب من البنا بفضل مواهبه الخطابية والأدبية والشعرية وقدرته على التغلغل في أسر الإخوان، حتى أصبح عضواً في مكتب الإرشاد وسكرتيراً له، وهو المنصب الذي ألغي لاحقاً ليحل محله منصب الأمين العام للجماعة. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، استحدث الإخوان نظام "التزاور الاجتماعي" أو ما عُرف بـ"الأسر الاجتماعية"، وكان تحت إشراف عبد الحكيم عابدين، الذي استغل ذلك في الانفراد بالنساء والدخول عليهن في غياب أزواجهن بحجة الدعوة أو "التزاور في الله".
وتابع الباحث أن عام 1946 شهد تصاعد الشكاوى ضد عابدين بسبب "تصرفات غير أخلاقية" مع بعض زوجات أعضاء الجماعة، وهي الشكاوى التي وصلت إلى مكتب الإرشاد، ما دفع حسن البنا إلى الاعتراف بوجود تحقيقات حول سلوكيات صهره. هذه التفاصيل – بحسب أبو السعد – وردت في مذكرات الطبيب إبراهيم حسن، وكيل الجماعة آنذاك ورئيس لجنة التحقيق، والتي نشرها الباحث عبد الرحيم علي في كتابه قراءة في ملفات الإخوان السرية.
وأشار أبو السعد إلى أن المذكرات تكشف كيف بدأت القصة بغياب عابدين عن اجتماعات مكتب الإرشاد، وتعيين عبده قاسم بديلاً له كسكرتير للجماعة. ثم فاجأ البنا بعض القيادات – منهم أحمد السكري وأمين إسماعيل وصالح عشماوي – بأن هناك شكاوى من اعتداءات عابدين على أسر الإخوان. وعندما حاول البعض التهوين من الأمر، حسم القيادي أمين إسماعيل الموقف مطالبًا بفصل عابدين.
وأضاف أبو السعد أن البنا اقترح إخراج عبد الحكيم عابدين وعدد من معارضيه من مكتب الإرشاد لتقليص العدد من 20 إلى 12، لكن الأزمة تصاعدت وتم الاتفاق على تشكيل لجنة تحقيق موسعة ضمت كلا من إبراهيم حسن – عضو مكتب الإرشاد ووكيل الجماعة، وأحمد السكري – عضو مكتب الإرشاد ووكيل الجماعة، وحسين بك عبد الرازق – داعية أزهري بارز وشقيق مصطفى عبد الرازق، ومحمود بك لبيب – رجل الجيش وقائد التنظيم السري المسلح، صالح عشماوي – عضو مكتب الإرشاد ومسؤول التنظيم السري المدني، وأمين إسماعيل – قيادي بارز، وحسين بدر – من قدامى الإخوان وأطلق على عابدين لقب "راسبوتين الجماعة".
وأكد أبو السعد أن اللجنة استمعت للشكاوى من أصحابها مباشرة، حتى إن حسين بك عبد الرازق وضع أصبعيه في أذنيه من هول ما سمع. وأمام عجز عابدين عن الدفاع عن نفسه، قررت اللجنة فصله، ووافق 8 من أعضاء مكتب الإرشاد على القرار مقابل امتناع صوت واحد. لكن حسن البنا رفض وقال: "لو أجمع الأعضاء كلهم على فصله فلن أوافق، وسأحتكم للهيئة التأسيسية، وإذا خذلتني سأحتكم للمكاتب الإدارية والشعب".
ولفت الباحث إلى أن البنا شكّل لجنة جديدة في 21 يناير 1946، ضمت الشيخ محمد فرغلي وطاهر خشاب، خلصت بدورها إلى "إجرام عابدين"، لكن البنا أصرّ على تبرئته حفاظاً على الجماعة. وذكر أبو السعد أن أحد قادة الشعب واجه البنا بالأدلة قائلاً: "عندي الكثير مما يعف اللسان عن ذكره"، لكن المرشد تمسّك ببراءة صهره.
وبيّن أبو السعد أن عابدين نشر لاحقًا استقالة هجومية في جريدة الحوادث تضمنت سبابًا للجماعة، فيما اكتفى البنا بالتهديد بالرد من دون أي فعل حقيقي. وفي نهاية المطاف، جمع البنا الهيئة التأسيسية، وأعلن أن عابدين بريء، وعندما سأله إبراهيم حسن: "هل هو بريء فعلاً أم مجرم؟" ردّ البنا: "هو مجرم لكن الأمر لا يحتمل سوى ذلك".
وأشار إلى أن البنا استبق الجميع وقرر في 1 مارس 1947 فصل لجنة التحقيق الأولى بالكامل، والتي ضمت إبراهيم حسن، وأحمد السكري، وحسين عبد الرازق، وكمال عبد النبي، ليغلق بذلك ملف القضية نهائياً بالتستر على صهره، وإقصاء كل من حاول كشف الحقيقة.

Trending Plus