استعراض على الأجساد.. حرب الميليشيات الهمجية على أبدان النساء فى السودان.. ورحلة النزوح صعبة وقاتلة والوصم المجتمعى يحرم الناجيات من الرعاية اللازمة

ترحال مستمر، دموع وخوف، عبء كبير وثقل ومسؤوليات، يمكن أن تلخص هذه الكلمات، المرأة السودانية، التى تعانى معاناة مضاعفة بسبب الحرب الضارية فى السودان، الحرب التى جعلت اليوم العادى أمرا بعيد المنال، وشكلت خطورة كبيرة على المرأة السودانية، التى ذاقت كل الأهوال، وعانت الأمرين، تحت نيران القصف، والجوع والأمراض، والانتهاكات الجنسية.
وما بين الانتهاكات الجنسية، والعنف الناجم عن العمليات العسكرية، والنزوح المستمر، ونقص الخدمات الأساسية، واحتياجات الرعاية الضرورية، وقعت المرأة السودانية فريسة للأوضاع غير الآدمية، فى الوقت الذى تسعى فيه للصمود لحماية أطفالها، والنجاة بحياتها.
وتسعى منظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الرسمية ذات الصلة بقضايا المرأة، للوصول للضحايا، وتمكنت من الوصول للبعض منهن، وتلقوا العلاج النفسى والتأهيل نفسيا واجتماعيا والتأهيلات الطبية بالفعل.
وسلطت ثريا إبراهيم الضوء على تحد آخر، وكارثة بسبب ازدياد حالات الاغتصاب فى السودان، وهى متمثلة فى الأطفال الذين أتوا نتيجة الاغتصاب، واعتبرت أن هذه التحدى الأكبر فيما يتعلق بهذه القضية، مشيرة إلى أن الكثير من السيدات تخلين عن الأطفال، الذين أتوا للحياة نتيجة انتهاكهن.
ويفضل الكثير من أهالى الضحايا الصمت، خوفا من الفضيحة والوصم المجتمعى، وهو ما يحرم الضحايا من تلقى الرعاية الطبية والنفسية اللائقة لمساعدتهن على تخطى الأزمة، وزادت حالة الصمت تجاه هذا النوع من القضايا بشكل أكبر بعد الحرب، وترجح ثريا أن تكون أعداد الضحايا أكبر بكثير من الأرقام الموثقة. ومن السيدات من لم تتعرض لانتهاكات جنسية، إلا أن غالبية النساء واجهن تحديات مهولة، خلال رحلة النزوح، فى محاولة منهن للوصول لمناطق آمنة، خاصة الحوامل والمرضعات منهن، إذ يحملن على عاتقهن سلامة أطفالهن، الذين يتعرضون للجوع والعطش الشديد فى هذه الرحلة الخطرة، ويتعرضن للعنف الجسدى والإهانات، وفقا لثريا ابراهيم. وتتزايد ظاهرة خطف النساء فى السودان لبيعهن، وهو أمر شائع، وأشارت ثريا ابراهيم، أنه تم رصد الكثير من حالات الاختطاف، ويتم بيعهن، مقابل مبالغ مالية كبيرة جدا، موضحة أن هناك سيدات مختطفات ولم يتم التوصل لمكانهن على الإطلاق.
«ف. س»، عاملة فى مجال تنمية المرأة فى السودان، فضلت ذكر الحروف الأولى من اسمها فقط، أكدت فى حديثها لـ«اليوم السابع»، أن الحرب كانت صدمة كبيرة ومأساة للمرأة السودانية، فقد حولت الحرب السيدات إلى لاجئة ونازحة.
وأشارت فى حديثها، إلى أن الحرب الضارية، تركت نحو 11 مليون بين نازح ولاجئ، معظمهم من النساء، ونحو 11 مليون طالب فى مراحل تعليمية مختلفة خارج العملية التعليمية. وقالت إن معاناة السيدات بشكل خاص، تتمثل فى عدم توافر الاحتياجات الأساسية، بجانب العبء النفسى المتمثل فى كيفية الحافظ على سلامة وأمن أطفالها.
وخلال رحلة النزوح واجهت السيدات عدة أمراض وأوبئة مثل حمى الضنك والكوليرا والملاريا، وسوء التغذية التى أصابت الأطفال بشكل خاص، فى كل المناطق على حد قولها، مشيرة إلى أن حتى المناطق الآمنة يعانى النازحون فيها سوء التغذية ونقص الأدوية اللازمة، وهو ما يهدد بخطر المجاعة فى عدد من المناطق، وأبرزها دارفور.
وسلطت «ف.س» على تحد من نوع آخر، يتمثل فى ضعف الاستجابة الدولية للحرب فى السودان، موضحة أنه تم جمع 12% فقط من التمويل للازم للإغاثة الإنسانية فى السودان، ووصفت الدعم الدولى للأوضاع الإنسانية أنه فى حده الأدنى.
وأشارت إلى أن الحرب فى السودان، قامت على أجساد النساء، مؤكدة أن الأرقام المعلنة فى وقائع الاستعباد والاغتصاب والعنف الجنسى ضد النساء فى السودان، لا تمت للواقع بصلة، مرجحة أن الحالات تتعدى عشرات الآلاف، خاصة فى إقليم دارفور، والخرطوم قبل تحريرها. وأكدت أن ظاهرة الاستعباد الجنسى، أصبحت ظاهرة منتشرة للغاية فى السودان، من قبل الميليشيا المسلحة، كما انتشرت ظاهرة الزواج القسرى من مسلحين، والتعرض للانتهاكات الجنسية حال رفضت الفتاة.
وشددت على أنه لا يمكن الوصول للأرقام الحقيقة فيما يخص الانتهاكات بحق النساء إلا فى حالة انتهاء الحرب، وبدء التحقيقات للوصول للمعلومات والأرقام الحقيقة، وإن كانت النظرة المجتمعية ستمنع الكثير من الأهالى من الحديث عن القضية بسبب الوصمة المجتمعية وفقا لتقديرها.
وأوضحت أن واحدة من أبرز التحديات فى هذه القضية، الأطفال نتاج الاغتصاب، مشيرة إلى أن الناجيات رفضن الاحتفاظ بهؤلاء الأطفال، وأنه تم تسليمهم للسلطات الحكومية، التى تقوم بإيداعهم فى دور رعاية رسمية، حتى يتم دمجهم فى المجتمع، ووضعهم فى رعاية أسر بديلة.
وأكدت أن أبرز الأماكن تضررا من العنف ضد النساء، إقليم دارفور، كما تم توثيق انتهاكات عنيفة فى ولاية الجزيرة من قبل الدعم السريع قبل تحرير الولاية، وكردفان تعانى، مشيرة إلى أن هناك بعد المواقع الواقعة تحت الحصار من قبل الدعم السريع، بها العديد من الانتهاكات ولا تصلها أى مساعدات ولا يوجد بها أى ممرات آمنة لخروج المدنيين أو وصول المساعدات اللازمة.

التقرير بالعدد الورقي

Trending Plus