"بيت المساجيري" بالسويس: من شريان حياة يربط العالم لبطل فى السينما
ليس مجرد مبنى أثري، بل هو شاهد حي على تاريخ مدينة السويس وقناة السويس. بيت المساجيري، الذي يزيد عمره عن 300 عامًا، يعد أقدم منزل في مدن القناة، ويحمل بين جدرانه حكايات تتجاوز الزمن، من كونه نقطة ربط تجارية عالمية إلى موقع تصوير لأشهر الأفلام المصرية.
بُني البيت في عهد محمد سعيد باشا على يد شركة فرنسية تُدعى "Les Messageries Maritimes" أو "البريد السريع"، ومن هنا جاءت تسميته. قبل حفر قناة السويس، كان البيت بمثابة مركز حيوي لنقل الرسائل، والبضائع، والمسافرين بين آسيا وأوروبا. وبعد افتتاح القناة، تحوّل إلى مركز لإدارة حركة الملاحة. كان البيت مجهزًا بأحدث تكنولوجيا عصره، حيث كان يضم تليسكوبًا كبيرًا على ساري خشبي لرصد السفن القادمة، وإطلاق جرس خاص للتحذير، ثم رفع علم بلد السفينة، لتتحرك المراكب الصغيرة لنقل البضائع إلى القاهرة عبر السكة الحديدية.
البيت له مكانة خاصة في قلوب محبي السينما المصرية، حيث كان بطلًا في مشاهد خالدة: فيلم "ابن حميدو": أحد أشهر مشاهد الفيلم تم تصويره من شباك هذا البيت، وهو المشهد الكوميدي الشهير الذي يلقي فيه إسماعيل ياسين (ابن حميدو) الماء على توفيق الدقن (الباز أفندي).
فيلم "حكايات الغريب": هذا الفيلم الذي يروي قصة حقيقية لسائق صحفي استُشهد خلال حصار السويس، بطولة محمود الجندي وحسين الإمام وشريف منير ومحمد منير، اتخذ من البيت موقعًا رئيسيًا لتصوير أحداثه.
يضم البيت دورين، كان الدور الأرضي منهما يُستخدم كمخزن لبقايا ومخلفات السفن، بينما كان الدور الأول يضم غرفًا واسعة للعمال والمسافرين. وخلال العدوان الثلاثي، تحول البيت إلى ملجأ لأهالي السويس، حيث احتموا في الخنادق الموجودة أسفله لحماية أنفسهم من الغارات الجوية.
اليوم، يُعتبر بيت المساجيري أكثر من مجرد معلم تاريخي؛ إنه رمز للقدرة على الصمود ومفتاح لفهم تاريخ مدينة السويس ودورها المحوري في تاريخ مصر الحديث.
Trending Plus