دموع الفرح تملأ الحرم فى عمرة المولد النبوى.. صور ودعوات وهدايا.. المصريون يوثقون عمرة المولد.. المعتمرون يزورون حراء وغار ثور ومنازل الصحابة.. ويتفقدون مشاعر عرفات ومنى والمزدلفة للذكرى

توافدت أعداد غفيرة من المعتمرين إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك عمرة ذكرى المولد النبوي الشريف، في مشهد روحاني مهيب عكس عمق الارتباط الروحي للمسلمين بهذه المناسبة العظيمة.
وشهد الحرم المكي خلال الأيام الماضية كثافة كبيرة في أعداد الزوار الذين حرصوا على إحياء هذه الذكرى المباركة بالقرب من الكعبة المشرفة، وسط أجواء إيمانية غامرة يملؤها الدعاء والخشوع والرجاء.
ويُعد المصريون من أكثر الجنسيات حضورًا في هذا الموسم، إذ يحرص الكثير منهم على أداء العمرة في هذا التوقيت تحديدًا، لما تحمله المناسبة من طابع ديني مميز في قلوبهم.
وتتحول ساحات الحرم إلى لوحات بشرية نابضة بالحركة والتقرب، حيث يمضي المعتمرون المصريون ساعات طويلة في الطواف والصلاة وتلاوة القرآن، وسط نظام دقيق تنظمه السلطات السعودية لتأمين سلاسة أداء المناسك رغم التزاحم.
ولا يقتصر تواجد المعتمرين المصريين على الحرم فحسب، بل يحرصون على زيارة الأماكن المقدسة المرتبطة بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وتتصدر مشاعر عرفات ومنى والمزدلفة وغار حراء وغار ثور قائمة المحطات الروحية التي يقصدونها طلبًا للأجر والبركة واستحضارًا لسيرة النبي وصحابته الكرام.
ويقف المعتمر أمام كل موقع بروح متأملة، يستحضر فيها لحظات تاريخية شكّلت أساس الرسالة الإسلامية.
ويتجه المعتمرون كذلك إلى اقتناء ماء زمزم بكميات وفيرة، لما له من مكانة دينية وعلاجية، إضافة إلى شراء الهدايا التذكارية التي تحمل رمزية المكان والمناسبة، من الأسواق الشهيرة مثل شارع أجياد وشارع إبراهيم الخليل والعزيزية، حيث تنتشر المحال التي تعرض المصاحف، والسبح، والمسك، وأغطية الرأس، والأقمشة المطرزة بآيات قرآنية.
ولا تغيب الهواتف المحمولة عن أيدي المعتمرين، إذ يسعى كثير منهم إلى توثيق رحلتهم عبر الصور ومقاطع الفيديو، التي باتت جزءًا من ذاكرة العمرة المعاصرة.
وتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد حية من الحرم ومن الزيارات الميدانية للمشاعر المقدسة، تحمل رسائل روحية وشخصية لمن لم يتمكنوا من أداء المناسك، ولأفراد العائلة والأصدقاء.
ومن المشاهد اللافتة التي تحرص عدسات الزائرين على توثيقها، التقاط الصور مع "حمام الحمى"، ذلك الحمام الذي يرمز إلى مكة ويحظى بمكانة خاصة، حيث لا يُؤذى أو يُطارد، ويملأ أرجاء الحرم وساحاته في مشهد يجمع بين الهدوء والجمال والقداسة.
وفي خضم هذه الأجواء الروحانية، ترتفع الأكف بالدعاء، وتختلط الدموع بالابتهالات، في لحظات نادرة يجد فيها المعتمر نفسه أقرب ما يكون إلى الخشوع والخضوع لله.
ويخص المعتمرون المصريون بلادهم بالدعاء بالاستقرار والأمان، ويبتهلون لأسرهم وأحبابهم بالصحة والسعادة وتحقيق الأمنيات، في مشهد إنساني نابض بالمحبة والانتماء.
ورغم التعب ومشقة السفر وطول الساعات التي يقضيها المعتمرون في الانتظار أو التنقل، إلا أن المشاعر الإيمانية العالية تخفف عنهم عناء الرحلة، وتحولها إلى تجربة استثنائية لا تُنسى. وتبقى هذه الذكرى محفورة في قلوبهم، يروون تفاصيلها عند العودة ويستعيدون لحظاتها في مجالس الأهل والأصدقاء.
وتستمر أعداد المعتمرين في التوافد، في ظل استعدادات مكثفة من السلطات السعودية لضمان راحة الزوار وسلامتهم. ويجري العمل وفق منظومة متكاملة من الخدمات اللوجستية والتنظيمية التي تسهم في تيسير أداء المناسك على الجميع، وسط إشادة واسعة من الزوار بحُسن الاستقبال والتنظيم.
وتبقى عمرة المولد النبوي الشريف واحدة من أبرز المناسبات التي تجمع بين الروحانية العميقة والبعد العاطفي، وتمنح المعتمرين فرصة ثمينة لتجديد العهد مع الله واستلهام السيرة النبوية في حياتهم اليومية، في وقت يحتاج فيه العالم الإسلامي إلى جرعات من السكينة والأمل والوحدة.

Trending Plus