مصر والعالم وملف المياه.. السيسى ومعالجة ملف شديد التعقيد

من يريد أن يعرف حجم الجهد المبذول فى ملف المياه بمصر، عليه أن يلقى نظرة على خارطة أزمات المياه فى العالم وتأثيرات التغير المناخى فى هذا الملف الدقيق، حيث تمثل المياه أحد أهم إن لم تكن أخطر الملفات فى إدارة الاقتصاد والزراعة وكل تفاصيل الحياة، حيث إنه من دون مياه لا يمكن أن تكون هناك العناصر الأساسية للحياة، وكل نشاط زراعى أو صناعى لا بد أن يقوم على المياه والطاقة.
أزمة نقص المياه فى العالم مشكلة عالمية خطيرة يعانى منها مليارات البشر، وتنتج عن عوامل مثل تغير المناخ، زيادة الطلب، سوء الاستخدام، وتلوث الموارد المائية، وتواجه إيران أزمة نقص حاد فى المياه فى العاصمة طهران ومعها 19 محافظة أخرى، قد تدفع 15 مليون نسمة للانتقال إلى عاصمة أخرى، حسب ما أعلنه الرئيس مسعود بزشكيان، والذى وصف وضع طهران بـ«الخطير»، بسبب موجة الجفاف الطويلة لسنوات، ووجه أيضا انتقادات حادة إلى الحكومة السابقة، متهما إياها بتجاهل المشكلة وعدم اتخاذ تدابير وقائية مناسبة، أو خطط للتعامل مع أزمة ظهرت قبل عقود وتفاقمت خلال سنوات، وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن ما لا يقل عن 50 فى المائة من سكان الأرض ـ 4 مليارات نسمة ـ يعانون من نقص المياه، منهم 1.8 مليار يواجهون نقص مياه مطلق، وأصدرت جمعية الأمم المتحدة للبيئة قرارا فى فبراير 2024 يدعو البلدان إلى إدارة النظم البيئية المائية بشكل أفضل وتعزيز تعاونها فى مجال المياه لدعم التنمية المستدامة.
ومن هنا يمكن النظر إلى اجتماع الرئيس السيسى، أمس، مع رئيس الوزراء، ووزراء الرى والتخطيط والتنمية الاقتصادية ومدير جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، ورئيس هيئة الشؤون المالية، ورئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حيث تم استعراض الموقف المائى والاحتياجات المائية، وموقف عدد من المشروعات الجارى تنفيذها، لتدعيم المنشآت المائية ومتابعة مشروع الدلتا الجديدة وتطورات أعمال تجميع مياه الصرف الزراعى ونقلها إلى محطة الدلتا الجديدة لمعالجة المياه لتوفير مياه نظيفة وآمنة للاستثمار الزراعى فى الدلتا الجديدة.
الاجتماع تضمن استعراض الخطة القومية للموارد المائية والرى «الأمن المائى للجميع» 2050، والتى تهدف إلى ترشيد الاستهلاك المائى، وتحسين نوعية المياه، وتنمية الموارد المائية، وتناول مفهوم الجيل الثانى من منظومة الرى، الذى يهدف إلى تحقيق الأمن المائى، من خلال استحداث موارد غير تقليدية وحسن إدارة الموارد التقليدية وزيادة فرص التنمية الشاملة للدولة، والتحول الرقمى لإدارة منظومة المياه فى مصر واستخدام التكنولوجيا الحديثة والأقمار الصناعية لمراقبة المجارى المائية ومتابعة أعمال التطهيرات ورصد أى تعديات على المجارى المائية.
ومعروف أنه خلال سنوات وضعت الدولة خططا استباقية لتوفير وتخطيط استخدامات المياه بالشكل الذى يكفى للتوسع الزراعى والصناعى، منها خطة طموحة لاستصلاح مليونى فدان بمشروع الدلتا الجديدة ونصف مليون فدان فى سيناء، ضمن عملية تنمية واضحة المعالم، توفر الاكتفاء الذاتى ويفيض للتصدير، وهى خطة ما كان لها أن تنجح من دون تخطيط، بدءا من التعامل مع قضية العجز المائى، بخطط متوسطة وبعيدة المدى، خاصة أن نصيب مصر من مياه النيل ثابت عند 55 مليار متر مكعب، منذ كان سكان مصر 25 مليون نسمة، بينما تضاعف السكان أكثر من أربع مرات، وظل النصيب من مياه النيل ثابتا.
من هنا كان بعد نظر الرئيس عبدالفتاح السيسى، وإدارات الرى، للتوسع فى محطات تحلية مياه البحر، وأيضا محطات تنقية مياه الصرف الزراعى، وإعادة استخدامها بعد تنقيتها ثلاثيا، محطة بحر البقر توفر 5.6 مليون متر مكعب يوميا، تسهم فى زراعة 400 ألف فدان فى سيناء.
وبجانب محطات عملاقة، مثل بحر البقر والمحسمة، يجرى تنفيذ 151 محطة ثنائية وثلاثية لمعالجة الصرف الصحى بالمحافظات والمدن الجديدة، بطاقة إجمالية 5.051 مليون م3/ يوم، بتكلفة 31.59 مليار جنيه، وذلك بخلاف 59 محطة معالجة «37 محطة معالجة ثنائية - 22 محطة معالجة ثلاثية» تم الانتهاء من تنفيذها بمحافظات الصعيد، وتخدم 8.3 مليون نسمة.
كل هذا يضاعف من القدرة على استخدام المياه أربع مرات فى الزراعة وإعادة تدويرها، بما يسهم فى توفير مياه للزراعة والصناعة، فى سيناء وأيضا فى القطاع الغربى، ومن عامين رأينا صوبات زراعية تنتج عشرات الملايين من الأطنان، من منتجات زراعية نتاج صوبات حديثة، توفر الماء وتنتج سلعا خالية من الكيماويات للاستهلاك المحلى والتصدير.
وخلال اجتماعه مع رئيس الحكومة والوزراء والمسؤولين، وجه الرئيس السيسى، بالاستمرار فى الاستثمار لتحديث المنظومة المائية والرى، مع تعزيز الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، والإدارة الذكية للمياه، كما وجه بالعمل على تحقيق الإدارة الرشيدة والاستخدام الآمن للمياه الجوفية فى مصر، والاجتماع يعكس أهمية تطوير منظومة شاملة لمواجهة التغيرات المناخية، مع الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فى إدارة الموارد المائية وترشيد استخدامها.
والواقع أن ملف المياه هو أحد الملفات التى أدارتها مصر بعلمية واحترافية، فى وقت يواجه فيه العالم أزمات كبرى، وجفافا، حيث عملت الدولة فى اتجاهات متوازية لمعالجة الملف من كل جوانبه.


ملف المياه
أزمة المياه بالعالم
مصطفى مدبولى
مشروع الدلتا الجديدة
محطة الدلتا الجديدة لمعالجة المياه
الأمن المائى للجميع
ترشيد الاستهلاك المائى
تنمية الموارد المائية
تحقيق الأمن المائى
قضية العجز المائى
نصيب مصر من المياه 55 مليار متر مكعب
التوسع فى محطات تحلية مياه البحر
محطات تنقية مياه الصرف الزراعى
محطة بحر البقر
تحديث المنظومة المائية والرى
أكرم القصاص
Trending Plus