المصريون فى حضرة النبى.. آلاف المعتمرين يحتفلون بالمولد النبوى في البقيع والروضة.. زحام روحاني فى المدينة المنورة.. المعتمرون يزورون البقيع وقباء وأُحد وجبل الرماة.. ودموع وخشوع في طيبة

توافد مئات الآلاف من المعتمرين إلى المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة تزامنًا مع اقتراب ذكرى المولد النبوي، حيث امتلأت ساحات المسجد وزواياه بزوار قدموا من مختلف بقاع العالم الإسلامي، حاملين مشاعر المحبة والتقدير لصاحب الرسالة المحمدية، ومتطلعين إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والسلام عليه وقراءة الفاتحة له في ذكرى ميلاده الكريم، الذي يُعد من أعظم المناسبات الروحية في قلوب المسلمين.

وفي هذه الأيام، تشهد المدينة المنورة حالة من النشاط الديني والتوافد المتزايد، خاصة من المصريين، حيث يحرص المعتمرون المصريون على اغتنام فرصة وجودهم في الأراضي المقدسة لأداء مناسك العمرة والزيارة، والتقرب إلى الله بالدعاء والصلاة في أحد أطهر بقاع الأرض.

وتعد زيارة المسجد النبوي وقبر النبي مقصدًا روحيًا رئيسيًا، إذ يقف الزائرون في صفوف منتظمة للسلام على النبي وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، بخشوع يغلب عليه التأمل والتضرع.

ويحرص الزائرون، وخاصة من مصر، على التقاط صور تذكارية أمام القبة الخضراء، التي باتت رمزًا بصريًا للمدينة المنورة، تعبيرًا عن لحظة روحانية خالدة في الذاكرة.

كما يتجه كثير منهم إلى الروضة الشريفة، تلك المساحة الممتدة بين بيت النبي ومنبره، والتي وصفها النبي بأنها "روضة من رياض الجنة"، ويجتهدون في أداء الصلوات والدعاء هناك، رغم الزحام الشديد الذي تشهده الروضة في مثل هذه الأيام من كل عام.

ولا يقتصر اهتمام المعتمرين المصريين على زيارة المسجد النبوي فحسب، بل يمتد إلى معالم المدينة المنورة التي تحتضن مواقع تاريخية ودينية ذات قيمة كبيرة، حيث يحرصون على تنظيم جولات يومية إلى المزارات الإسلامية، وفي مقدمتها جبل أحد، الذي شهد واحدة من أشهر الغزوات في التاريخ الإسلامي، ويتوقف الزوار عند مقبرة شهداء أحد حيث يرقد سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، عم النبي، إلى جانب العشرات من الصحابة الذين استشهدوا في المعركة.

كما تشمل جولاتهم زيارة جبل الرماة، الذي ارتبط اسمه بدرس عسكري وتاريخي هام في غزوة أحد، حيث يقف الزائرون على صخوره للتأمل في مكان كان شاهدًا على الطاعة والمعصية والنتائج المترتبة عليهما.

كذلك يتوجه المعتمرون إلى مسجد قباء، أول مسجد بُني في الإسلام، ويحرصون على الصلاة فيه اقتداءً بسنة النبي، الذي كان يزوره كل سبت.

ومن بين المزارات الأخرى التي تشهد إقبالًا كبيرًا مسجد القبلتين، الذي نزل فيه الأمر الإلهي بتحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وهو موضع له أثر عاطفي كبير في وجدان المسلمين.

كما يتجه الزوار إلى بئر غرس، الذي شرب منه النبي وتوضأ منه، ويعد من الآثار النبوية التي حافظت المدينة المنورة على وجودها حتى اليوم، إلى جانب مزرعة الصحابي سلمان الفارسي، التي تشهد توافدًا لافتًا من الزوار الراغبين في التعرف على قصة إسلامه وجهاده في سبيل الله.

وتعد مقابر البقيع واحدة من المحطات المهمة في جولات المعتمرين، حيث تضم رفات عدد من أهل بيت النبي وصحابته الكرام، ويقف الزائرون بخشوع للدعاء وقراءة الفاتحة، في مشهد يبعث على التأمل والاعتبار.

وتسهم السلطات السعودية في تنظيم حركة الزائرين بشكل منظم، حيث يتم تخصيص ممرات خاصة للزيارة، وتوفير خدمات إرشادية وتنظيمية بلغات متعددة، لضمان سلاسة تجربة الزيارة والحفاظ على أجواء الروحانية والسكينة.

كما جرى تعزيز الإجراءات الأمنية والخدمية والصحية في محيط المسجد النبوي وساحاته، لتأمين تدفق الزوار بسلاسة، خاصة مع التزايد الكبير في أعداد المعتمرين القادمين من الخارج تزامنًا مع هذه المناسبة.

وتشهد الأسواق القريبة من الحرم النبوي أيضًا حركة نشطة، حيث يحرص الزائرون على شراء الهدايا التذكارية، أبرزها السبح والعطور والمصاحف والتمور، التي تحمل طابعًا خاصًا كرمز للزيارة.

ويأتي هذا الإقبال الكثيف من المصريين على المدينة المنورة خلال موسم المولد النبوي ليؤكد ارتباطهم الروحي العميق بمقام النبي الكريم، وحرصهم على استحضار السيرة النبوية في موطنها الأصلي، معتمدين في ذلك على مزيج من الإيمان، والحنين، والتقوى، في رحلة لا تشبه غيرها من الرحلات، ومناسبة تحمل من الدفء الروحي والسكينة ما يجعلها محفورة في وجدان كل من عاشها.