تصاعد تجارة الرفات البشرية يثير جدلا فى بريطانيا.. بيع جمجمة بـ995 جنيها إسترلينيا.. خبراء يطالبون بحماية كرامة الموتى ومنع استغلالهم فى الأسواق.. يؤكدون: الفراغ القانونى يهدد بعصر جديد من "خطف الجثث"

تشهد الأسواق الإلكترونية، وعلى رأسها منصات الإنستجرام ومنتديات إلكترونية ، ارتفاعًا ملحوظًا في عرض وبيع الرفات البشرية، بما في ذلك الأسنان، الجماجم، وحتى أجزاء من الهياكل العظمية، ما أثار موجة من القلق بين علماء الأنثروبولوجيا وخبراء الأخلاقيات، حيث يهدد الفراغ القانوني في المملكة المتحدة بعصر جديد من "خطف الجثث"،وفقا لما نشرته صحيفة" الجارديان" البريطانية.

أسنان للبيع
قلادة مصنوعة من أسنان بشرية
الجدل تفجر بعد أن رصدت قلادة مصنوعة من أسنان بشرية معروضة للبيع، الأمر الذي وصفته الدكتورة إيما بون، خبيرة علم الإنسان في جامعة لندن، بأنه "غير مقبول أخلاقيًا"، مؤكدة أن هذه التجارة تسهم في نزع الطابع الإنساني عن الموتى وتحويلهم إلى سلع.
ويشير التقرير إلى أن بعض البائعين يزعمون أن هذه الرفات "قانونية" أو "مخصصة للأغراض التعليمية"، إلا أن مصادر أكاديمية تؤكد أن معظم هذه القطع تفتقر إلى التوثيق، وقد تكون ناتجة عن سرقة أو نبش غير قانوني للمقابر، خاصة في دول تعاني من ضعف الرقابة على التراث الجنائزي.

جمجمة بشرية معروضة للبيع فى سوق السلع المستعملة فى بريطانيا
القوانين غير كافية
قال دام سو بلاك، رئيس كلية سانت جون في أكسفورد: "هناك من يقتحمون الأضرحة ويأخذون رفاتًا لبيعها لمن يعتبرونها قوطية أو غريبة أو خارقة للطبيعة، إن صنع قلادة من أسنان شخص ما أمر غير مقبول لدى الناس".
قال الخبراء إن إحدى المشكلات تكمن في كيفية تطبيق القوانين، ففي المملكة المتحدة، يُعدّ تدنيس القبور جريمة، لكن البقايا لا تُعتبر ملكيةً من الناحية النظرية، وبالتالي لا يُمكن قانونيًا "امتلاكها" أو "سرقتها"، هذا يعني أن حيازة أو بيع رفات بشرية تاريخية لا تُعدّ جريمةً بالضرورة، حتى لو تم استخراجها بشكل غير قانوني.
تُنسّق الدكتورة تريش بايرز، من قسم الأنثروبولوجيا بجامعة كامبريدج، فريق عمل في الجمعية البريطانية للأنثروبولوجيا البيولوجية وعلم الآثار العظمية (BABAO) للتحقيق في بيع الرفات البشرية والاتجار بها.
وقف أكثر من 200 عملية بيع
وأشارت إلى أن مبيعات الرفات البشرية في المملكة المتحدة شهدت زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، وخلال السنوات الخمس الماضية، منعت الجمعية البريطانية للأنثروبولوجيا البيولوجية وعلم الآثار العظمية أكثر من 200 عملية بيع، بما في ذلك من دور المزادات والمتاجر وبائعين عبر الإنترنت.
من جهتها، دعت جمعيات علمية ومتاحف دولية إلى وضع تشريعات أكثر صرامة، تحظر بيع الرفات البشرية دون إثبات المصدر، وتُجرم الاتجار بها لأغراض تجارية أو زخرفية.

معرض لبيع البقايا البشرية
بيع الجماجم على المواقع الإلكترونية
عرضت صحيفة الجارديان صورًا لعشر جماجم عُثر عليها معروضة للبيع على إنستجرام ومنتديات إلكترونية أخرى في المملكة المتحدة على ثلاثة خبراء في الطب الشرعي.
اعتُبر العديد منها جماجم تعليمية تشريحية سابقة، لكن بعضها الآخر بدا مغطى بالتراب أو بآثار أنسجة بشرية، مما قد يشير إلى حفريات حديثة.
بِيعَت جمجمةٌ واحدةٌ مقابل 995 جنيهًا إسترلينيًا على موقعٍ إلكترونيٍّ في بلفاست، وبدت عليها علامات تلفٍ في الجذور، مما يُشير إلى أنها دُفنت في التربة.
وعلمت صحيفة الجارديان أن جمجمة أخرى، فقدت عدة أسنان وتم تسويقها مقابل 795 جنيها استرلينيا على موقع متجر مقره المملكة المتحدة، يبدو أنها ملطخة بأكسيد المنجنيز، وهو ما يتسق مع تلك التي شوهدت في الجثث التي تم استخراجها من القبور القديمة.
تاريخ استخدام الجماجم
تاريخيا، كانت الجماجم تستخدم في التعليم الطبي، لكن بيعها عبر الإنترنت لأغراض الزينة أو "الطاقة الروحية" يُعد تطورًا مقلقا، يعكس تحولًا في نظرة بعض المجتمعات إلى الموت والكرامة الإنسانية.
في ظل غياب تشريعات واضحة، تبقى هذه التجارة في منطقة رمادية قانونيا، ما يستدعي تدخلًا عاجلا من الجهات المختصة لحماية كرامة الموتى ومنع استغلالهم في أسواق لا تخضع للرقابة.

Trending Plus