وثيقة نادرة لـ "CIA" تكشف: الصحافة المصرية.. كابوس مؤلم للاحتلال الإسرائيلى

حين يهتزّ الوحش الدامي| كيف أرعب القلم المصري دعاة الديمقراطية الزائفة على مدار عقود
تقارير للاستخبارات الأمريكية مفرج عن سريتها قضائيًا تفضح إصابة "الاحتلال" بمتلازمة الفزع من الإبداع وحرية الرأي
في ظلال الزمن، وعلى مرّ عقود، يطلُّ وحشٌ متربّص، جسده متهالك بداء السُّعار، لكنّ أنيابه ما تزال تلوّح بالافتراس. غريزته الأولى أن يسلب ما لا يملك، فيستوطن أرض غيره كأنّها ميراثه، ويقتات على ما تبقّى من حياة تُزهِر حوله. عقود طويلة وهو ينهش بلا شبع، يلتهم الزرع والضرع، ويطمر ضحاياه تحت أنقاض ما تخلفه ذراعاه من دمار. ورغم ما يتشح به من قناع القوة، وما يلوّح به من ادّعاء الديمقراطية والترحيب بالجميع والدعوة إلى السِّلم والسلام، إلا أنّه كائن هشّ، يطارده فزعٌ خفيّ. فما إن ترتفع الأصوات وتعلو الصيحات، أو حتى يُباح بالرأي والنقد، حتى يضحى الوحش مذعورًا، يجري مسرعًا إلى آبائه يشكو لهم ارتجافه، متلحّفًا بظلّهم كطفلٍ ضالٍّ يبحث عن مأمن من سطوة الحقيقة. إذ يعلم، في قرارة ذاته، أنّ الحقيقة أقوى من كل مسرحياته، وأنّ الزيف مهما تجمّل لا يملك أن يواجه نورًا يكشف عورته.
الوحش المزيّف تحت قناع الديمقراطية
والداني والقاصي يدركان أنّ ما سبق ليس مجرّد حكاية تُروى في مجالس الخيال، ولا أسطورة تُحاك لتزجية الوقت؛ بل هي مرآة لواقعٍ مرير اسمه الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة. ذاك الوحش الذي استوطن أرضًا ليست له، وسلب حقّ أصحابها، وتمادى في الافتراس عقودًا طوالًا تحت غطاء ادّعاءات باطلة.
"الاحتلال" الذي استمر لعقود يدعي البحث عن السلام ويزعم الديمقراطية الزائفة؛ حقيقة يعرفها العالم أجمع، وإن غلّفها البعض بأقنعة السياسة وألاعيب الدبلوماسية، لكنها تبقى مكشوفة لكل عين مبصرة، شاهدةً على كيان لم يعرف يومًا إلا لغة البطش، وإن ارتدى عباءةً واهية.
حين تتحوّل الكلمة إلى سلاح.. لماذا يرتعدون؟
وربما من أبرز الأمثلة كثيرٌ من الكلام الممجوج المتناثر من أفواه أبواق الدعاية التابعة للكيان، يطلقه أفيخاي أدرعي وإيلا خول، الناطقان باسم قوات الاحتلال باللغة العربية، في محاولة بائسة لتزيين وجه كيانٍ يقتات على الزيف. يفاخران زورًا بما يسمّيانه "دولتهما"، ويغدقان شعاراتٍ عن ديمقراطيةٍ مفقودة وحرية رأيٍ مدّعاة، كأنهما يتحدثان عن جنّة مثالية لا يعرفها العالم إلا من خلال خطابات الوهم. لكنّ الحقيقة نقيض ما يروّجان؛ فكيف يكون من يغتصب الأرض ويمارس القمع رمزًا للحرية؟ وكيف تُوصَف دولة تضيّق على البشر وتفرّق بينهم بالعرق والدين بأنّها واحة ديمقراطية؟ إنما هو خطاب خادع، أشبه بطلاءٍ واهٍ على جدران متهالكة، لا يلبث أن يتقشّر أمام عيون المتبصّرين.
من سجلات الاستخبارات الأمريكية: اعتراف رسمي بخوف إسرائيل من الصحافة المصرية منذ عام 84
لكن يبدو أنّ الممارسات داخل الأراضي المحتلة ليست وحدها ما تكشف زيف الادّعاءات وزور الحديث حول الكيان وما يزعمونه بشأن الديمقراطية؛ إذ يظهر أنّه، منذ عقود، هناك دولة شقيقة للشعب المغتصبة أرضه، يزعجهم كتّابها وأدباؤها ومبدعوها عندما يرصدون انتهاكاتهم، ويوجّهون رأيًا ناقدًا ضدّ ممارساتهم، أو يعبّرون عن الواقع من خلال رسم كاريكاتوري. فيصابون بالفزع، ويكيلون الاتهامات لتلك الدولة العربية التي يخرج منها ذلك الرأي، بكل أشكاله، ليفضح زيف دعاواهم ويثير ذعرهم خوفًا على مخطّطاتهم، بل ويشكونها بدعوى الاتهام الذي لا يعرفون غيره، وهو "معاداة السامية".
هذه الدولة هي مصر، التي أتشرف أنا وغيري بجنسيتها، وأفخر بكوني عضوًا في منظومتها الصحفية التي دائمًا ما شكّلت ذعرًا وخوفًا للكيان الصهيوني.
معاداة السامية أم معاداة الحقيقة؟ تهمة الاحتلال الجاهزة لإسكات النقد
وإنّ المذكور ليس تعبيرًا بلاغيًا، أو حتى مبالغة في تقدير مناصرة الصحافة المصرية وإيمانها بحقوق القضية الفلسطينية، بل هو ما ورد نصًا في وثيقة نادرة مؤرشفة بسجلات الاستخبارات الأمريكية المركزية – "CIA"، والتي كُشف عن جزء من سريتها وفق أمر قضائي، إذ وصفت معاناة الاحتلال طوال عقود من الصحافة المصرية ومحاولة شكواها رسميًا بدعوى خرق معاهدة السلام، ما يفضح زور ادّعاءاتهم بشأن تقبّل الممارسات الديمقراطية الحرّة وقبول الآراء المستقلة.
هذه الوثيقة، التي صدرت عام 1984 وأُفرج عنها لاحقًا، تسجّل بوضوح كيف شكى الكيان من الصحافة المصرية، وكيف اعتبرها خطرًا دائمًا على دعايته التي طالما حاول تسويقها للعالم. بل وصل بهم الأمر إلى تقديم شكاوى رسمية بدعوى أنّ الصحافة المصرية تخرق معاهدة السلام، فقط لأنّها كانت تكتب الحقيقة، ولأنها رفضت أن تُساير رواية المحتل أو تُبرّر ممارساته.
الصحافة المصرية.. درع ثقافي وحصن سياسي يواجه التزييف الصهيوني
وهكذا، تنكشف المفارقة: كيان يدّعي أنّه واحة للديمقراطية، بينما يضيق صدرًا برسمة كاريكاتورية أو مقال رأي. يتغنّى بحرية التعبير في شعاراته، بينما يهتز كيانه كلما دوّى صوت من القاهرة يعكس مرآة الواقع الفلسطيني. إنّها لحظة فاصلة تُظهر أنّ الديمقراطية التي يزعمونها ليست سوى قناع هشّ، ينهار أمام أوّل اختبار حقيقي.
لقد كانت الصحافة المصرية – وما زالت – وستظل، جدارًا منيعًا يحمي الحقيقة من الاندثار، ودرعًا ثقافيًا وسياسيًا يدافع عن الحق الفلسطيني في مواجهة آلة التزييف الإعلامي الصهيونية. وإذا كان الاحتلال قد سجّل على نفسه، في وثائق الاستخبارات الأمريكية ذاتها، أنّه يخشى من الكلمة الحرّة التي تخرج من مصر، فذلك أكبر شهادة على أنّ القلم حين يكون صادقًا أبلغ أثرًا من أي سلاح.

الصحافة المصرية
الكيان الصهيوني
وثائق CIA
حرية الرأي
الديمقراطية الزائفة
الاحتلال الإسرائيلي
الإعلام المصري
القضية الفلسطينية
أفيخاي أدرعي
إيلا خول
معاداة السامية
أحمد قنديل
إسرائيل
غزة
الحرب على غزة
الدعاية الصهيونية
الإعلام العربي
كاركاتير سياسي
معاهدة السلام
حرية التعبير
إسرائيل والديمقراطية
وثائق سرية
المخابرات الأمريكية
الكلمة الحرة
Trending Plus