استراتيجية الرى 2.0.. صيانة وتطوير أنظمة المراقبة والتشغيل بالسد العالي.. وربط المنظومة بشبكة ري ذكية تغطي جميع أنحاء الوادي والدلتا.. وتحديث بوابات السد بأنظمة تحكم آلية لضمان فتحها وغلقها بدقة

يعد السد العالي، أعظم مشروع هندسى فى القرن العشرين، شريان الحياة لمصر، فهو لم ينظم عملية الرى فحسب، بل حمى البلاد من كوارث الجفاف والفيضانات لعشرات السنين.
وفى إطار استراتيجية الرى 2.0 التى تهدف إلى تطوير وتحديث منظومة الري فى مصر، تأتى أعمال صيانة وتطوير أنظمة المراقبة والتشغيل بالسد العالى فى صدارة الأولويات، هذه الأعمال لا تضمن فقط استمرار تدفق المياه بالكميات المطلوبة، بل تحافظ أيضًا على سلامة هذا الصرح الوطنى وقيمته التاريخية.
منذ إنشائه، قام السد العالى بدور محورى فى تحقيق الأمن المائى والغذائى لمصر بفضل بحيرة ناصر، تمكنت البلاد من تخزين كميات هائلة من المياه فى فترات الفيضان لاستخدامها فى سنوات الجفاف، مما ضمن استقرار الزراعة وتوفير مياه الشرب، كما أن السد كان ولا يزال مصدرًا رئيسيًا للطاقة الكهرومائية، مما أسهم فى نهضة الصناعة وتطوير البنية التحتية.
ومع مرور الزمن، تتطلب كل منشأة هندسية ضخمة مثل السد العالى صيانة دورية وتحديثًا مستمرًا، وهذا هو بالضبط ما تسعى إليه الحكومة المصرية من خلال مشروع الرى 2.0، الذى يهدف إلى تطوير منظومة الرى بشكل شامل، بدءًا من السد العالى وصولاً إلى الحقول الزراعية فى جميع أنحاء البلاد.
تعتبر منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالى أحد المحاور الأساسية فى الرى 2.0 فبدلاً من الاعتماد على الأساليب التقليدية، يتم الآن استخدام التكنولوجيا الحديثة لضمان دقة وفعالية أكبر تتمثل هذه التكنولوجيا في:
متابعة المناسيب والتصرفات المائية على مدار الساعة حيث تستخدم أجهزة استشعار حديثة ومتقدمة لمتابعة منسوب المياه فى بحيرة ناصر وتحديد كمية المياه المارة من السد العالى بدقة متناهية، وهذا يسمح للمسؤولين باتخاذ قرارات سريعة ومبنية على بيانات دقيقة حول كمية المياه التى يجب إطلاقها لتلبية احتياجات الرى والشرب.
كما يتم التحكم الآلى فى البوابات، حيث يتم تحديث بوابات السد العالى بأنظمة تحكم آلية لضمان فتحها وغلقها بدقة، مما يقلل من هدر المياه ويزيد من كفاءة عملية الرى هذه الأنظمة الجديدة تضمن أيضًا سلامة التشغيل وتقليل احتمالية حدوث أى أعطال.
ويتم ربط منظومة السد العالى بشبكة رى ذكية تغطى جميع أنحاء الوادى والدلتا هذا يضمن توزيعًا عادلًا للمياه بناءً على احتياجات كل منطقة، ويساعد فى اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق أقصى استفادة من كل قطرة مياه هذه التحديثات لا تحسن كفاءة إدارة الموارد المائية فحسب، بل تزيد من قدرة مصر على مواجهة التحديات المستقبلية المتعلقة بتغير المناخ وندرة المياه.
وفى إطار جهود الحفاظ على السد العالى ومنظومة الرى ككل، تُعطى أعمال صيانة وتأهيل خزان أسوان وبواباته أهمية قصوى، خزان أسوان، الذى يسبق السد العالى، يعد جزءًا لا يتجزأ من هذه المنظومة المائية الضخمة، كما أنه يتمتع بقيمة تاريخية عظيمة.
تتضمن أعمال الصيانة ما يلي:
الفحص الشامل للبنية التحتية حيث يتم فحص خزان أسوان بشكل دورى لضمان سلامته الإنشائية. يُستخدم فى ذلك أحدث التقنيات للكشف عن أى شقوق أو تصدعات محتملة، مما يضمن استمراره فى أداء دوره لسنوات طويلة قادمة.
تجديد البوابات حيث تعتبر بوابات خزان أسوان حاسمة فى التحكم فى تدفق المياه. يتم تجديد هذه البوابات بشكل دورى لضمان سلامة تشغيلها وفعاليتها.
الحفاظ على القيمة التاريخية بتنفيذ جميع أعمال الصيانة مع الأخذ فى الاعتبار القيمة التاريخية لخزان أسوان، ويشرف خبراء على هذه الأعمال للتأكد من أنها لا تضر بأى جزء من هذا التراث العظيم.
تأتى هذه الجهود فى إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى صيانة وتأهيل جميع المنشآت المائية فى مصر، بما فى ذلك القناطر والسدود والترع والمحطات.
يذكر أن صيانة وتطوير السد العالى وخزان أسوان ليس مجرد أعمال روتينية، بل هو استثمار فى مستقبل مصر فمن خلال تحديث هذه المنشآت الحيوية، تضمن مصر استدامة مواردها المائية، وتزيد من كفاءة استخدامها، وتواجه التحديات البيئية والمناخية بفعالية.
إن مشروع الرى 2.0 يمثل نقلة نوعية فى إدارة الموارد المائية فى مصر، حيث يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والخبرة الطويلة لضمان مستقبل آمن ومزدهر للأجيال القادمة، فالسد العالى ليس مجرد سد، بل هو رمز للإرادة المصرية وقدرتها على بناء مستقبل أفضل.

Trending Plus