سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 27 أغسطس 1882.. «سلطان باشا» يخون الثورة العرابية ويوزع الأموال باسم السلطان العثمانى والخديو للانقلاب ضد أحمد عرابى.. وشخصان من عائلة شهيرة بالفيوم ينفذان المهمة

سلطان باشا
سلطان باشا
سلطان باشا

يظل تعبير «الولس كسر عرابى» هو الأكثر تلخيصا وتركيزا لهزيمة الثورة العرابية التى قادها أحمد عرابى عام 1882، وانتهت باحتلال الإنجليز لمصر، وينطبق هذا التعبير على شخصيات خانت «الزعيم الوطنى» أثناء حربه ضد الإنجليز، فبعد أن وقفت إلى جانبه تأييدا ودعما انقلبت عليه، وانتقلت إلى صف الخديو توفيق الذى استدعى الإنجليز لحماية عرشه وكان الثمن احتلال مصر، ومن أبرز هؤلاء «سلطان باشا» رئيس مجلس النواب.

يكشف الإمام الشيخ محمد عبده فى مذكراته «سيرة ذاتية» عرض وتحقيق وتعليق طاهر الطناحى، جانبا مما جرى فى هذا «الولس» الذى كسر عرابى، قائلا إنه فى 27 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1882، خرج فارسان من الإسكندرية وهما بدويان من عائلة شهيرة بالفيوم تنتسب إلى قبيلة «أولاد على»، وتوجها من الناحية الشرقية من البحيرة، وقبض عليهما بالقرب من معسكر فى كفر الدوار.

يضيف محمد عبده، أنه لما قبض على البدويين وجد معهما منشورات من «سلطان باشا»، ورسائل منه إلى رؤساء القبائل يدعوهم إلى ترك «عرابى»، والالتحاق بالجيش العثمانى الذى جاء لإخضاع «العصاة»، واعترف «الفارسان» بأن جنديا بحريا يسمى «جيل» حمل ثلاثين ألف جنيه من القائد الإنجليزى «سيمور» ليلحق بالأستاذ «بالمر» ليستميل معه عربان غزة، وحمل معه رسائل من الخديو توفيق وسلطان باشا إلى رؤساء العربان فى الشرقية.
يذكر «محمد عبده» أن مبلغا لا يقل عن المبلغ السابق سيصحب القائد الإنجليزى إلى الزقازيق، وبعد أن سلم الضابط أوراق المرور إلى القائد ذهب إلى السويس لمقابلة «بالمر»، وقطع سلك التلغراف الذى يصل بين مصر والآستانة، وأخذ قائد الفرقة البحرية فى القنال المبلغ من «جيل» وسلم منه أربعة آلاف جنيه إلى «بالمر»، وحجز الباقى على حسابه، وأرسل معه «جيل» وضابطا آخر فقتلوا جميعا بين العربان.

يؤكد الإمام محمد عبده: «كان مركز الدسائس والمخابرات فى إسكندرية فى مكتب يسمى «قسم المخابرات العسكرية»، اجتمع فيه كثير من موظفى الحكومة المصرية ومن المقيمين بمصر، وكان روح الجميع، سلطان باشا الذى عرف أن توزيع النقود باسم الإنجليز لا يفيد، وعرف مقدار سلطة النقود على الأرواح، فأخذ فى توزيعها باسم الخديو والسلطان، واختار لبث الأفكار «الحاوى الطحاوى» أحد ثقاة «عرابى»، وكان الحاوى يعظ إخوانه العربان بعصيان عرابى وقوة الجيش المحارب ونحو ذلك، وكانت المبالغ التى تدفع للأفراد تتفاوت من جنيهين إلى ثلاثة جنيهات، ولم يكن عرابى مقتنعا بخيانة العربان، وكان الحاوى مع ذلك يخبر عرابى ببعض حركات العدو على وجه الصدق، وعرابى يفضى له بجميع ما عنده».

يتهم عرابى فى مذكراته «سلطان باشا» بالخيانة، مؤكدا أنه «أغرى عددا من ضباط الجيش على خيانة قيادتهم والانضمام إلى الخديو»، غير أن السؤال المهم فى ذلك هو، لماذا انقلب سلطان باشا من مؤيد للثورة فى بدايتها بل أحد قادتها إلى عدو لها؟
فى كتاب «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر»، تأليف الإنجليزى «بلنت» الذى عاصر هذه المرحلة وكان صديقا للعرابيين، نجد ملمحا من الإجابة عن هذا السؤال، حيث يقول إن سلطان باشا كان رجلا ذا كبرياء له ثروة واسعة وجاه عريض، وكان له صدر المكان فى أى اجتماع يعقد، وكان يسمى ملك الوجه القبلى بين كبار الملاك، وكان يرى أن من حقه لهذا السبب زعامة الفلاحين، كما كان ينظر إلى عرابى نظرة الرعاية التى يتعطف بها الكبير على الصغير، وكان يرى فيه أداة لتحقيق أغراضه ولكنه لم يكن يتوقع أن عرابى سيأخذ مكانه بين الجمهور، وأن المسألة صارت عنده عنادا بعد أن كانت طموحا.

ويذكر الكاتب الصحفى صلاح عيسى، فى كتابه «الثورة العرابية» تفسيرا آخر يقول فيه إن البرجوازية الزراعية ويمثلها «سلطان باشا» اختارت مساومة الاستعمار بعقد صفقات رخيصة معه، مثل مطلبه للخديو بإبقاء النظم الدستورية، ولما لم يتحقق هذا الوعد بعد فشل الثورة شعر بالخداع، ومات وهو يتحسر طالبا أن يغفر له عرابى فعلته.

ترفض «هدى شعراوى» رائدة نضال المرأة، وابنة «سلطان باشا» فى مذكراتها اتهام والدها بالخيانة، قائلة: «أبى هو الذى حذر منذ وقت مبكر مما يمكن أن يحدث نتيجة الاندفاع فى مواقف متطرفة، وغلب الاندفاع على صوت العقل فكانت تلك النتيجة السيئة».

غير أن الإمام محمد عبده يتهم «سلطان باشا» بأنه «الذى أوقد نار الفتنة فى البلاد، وجمع لها وقودها وحطبها حتى امتد لهيبها وعم جميع الأنحاء، ثم هرب من طريقها حينما خاف أن ينزعه لسان لهبها، وجاء فى آخر الأمر نائبا عن الحضرة الخديوية فى حبس كثير من الناس ولم يفرق بين الأبرياء وغيرهم، ونال المكافأة من الجناب العالى بالإحسان جزاء إيقاد الفتنة ثم الهرب منها».

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد شحاتة يعود للتشكيلة الأساسية للزمالك أمام دجلة بسبب دونجا

تنسيق الدبلومات الفنية.. كليات يشترط الالتحاق بها اجتياز اختبارات القدرات

الداخلية تضبط المتهم بالاستيلاء على أموال المواطنين

العثور على طفلة حديثة الولادة على سلم عمليات مستشفى قطور بالغربية

مقتل 3 تجار مخدرات فى مواجهات أمنية وتحريز مواد مخدرة بـ 100 مليون


موعد ظهور سارة خليفة.. مصير المنتجة الفنية و27 آخرين أمام الجنايات

مواعيد مباريات اليوم.. مان يونايتد ضد جريسمبي والبايرن يفتتح مشواره بكأس ألمانيا

وزارة التعليم تحدد ضوابط اختيار المعلمين بنظام الحصة ودورهم فى الامتحانات

حسام حسن يعلن قائمة منتخب مصر لمعسكر سبتمبر الأحد المقبل

ريبيرو يجري تعديلات على تشكيل الأهلي قبل موقعة بيراميدز


الزمالك يؤجل ملف تجديد محمد السيد

الطقس اليوم الأربعاء 27-8-2025.. حر ورطوبة نهارًا وأجواء مائل للحرارة ليلاً

المهدى سليمان يستفسر عن سبب الاستبعاد فى الزمالك

اعرف مصير طلبات تقنين وضع اليد المقدمة سابقًا بعد صدور قانون أملاك الدولة

عودة الحياة للخرطوم.. اهتمام حكومى بإعادة تأهيل العاصمة لاستقبال العائدين بعد تطهيرها من الدعم السريع.. وتوجيهات بتهيئة الطرق ومعالجة مصادر المياه وإزالة مخلفات الحرب.. وفرق متخصصة تبدأ إزالة الألغام وتفجيرها

تقدم الأهلي والزمالك وتراجع بيراميدز في تصنيف أندية العالم

قبل الحجز.. مواعيد القطارات من القاهرة لأسوان اليوم الأربعاء 27-8-2025

بايرن ميونخ يخشي مفاجآت فيهين فيسبادن في الدور الأول بكأس ألمانيا

قانون التأمينات الاجتماعية يحدد شروط للحصول على المعاش الإضافى.. التفاصيل

بارقة أمل جديدة.. المفوضية الأوروبية توافق على دواء مبتكر يقى من الإيدز

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى