هل يُمكن أن تُنهى "مفاضات النووى" طموح إيران؟.. سيناريوهات محتملة والتنازل عن برامج التخصيب ليس مطروحاً.. وطهران تؤكد: لن نخضع.. وتواصل سياسة "الباب المفتوح" مع الترويكا الأوربية.. وعدم الحسم مع واشنطن

ـ خامنئى: عدواتنا مع أمريكا منذ الثورة الإسلامية
طموح إيران النووى، ليس له حدود وتسير نحو تحقيقه بخُطى ثابتة، حتى إن الحرب التى شنتها إسرائيل فى يونيو الماضى وما تخللها من ضربات أمريكية ضد المنشآت النووية الرئيسة فى إيران ـ والتى قيل إنها أصابت البرنامج النووى فى مقتل ـ لم توقف هذا الطموح أو تعرقله ، وفق تأكيدات إيران.
وفى الوقت الذى تتعالى فيه نغمة التهديدات الأمريكية ـ الأوربية ـ الإسرائيلية باللجوء للخيار العسكرى مجددا، مع قرب انتهاء مهلة الشهرين التي حددها الرئيس دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق نووي جديد- علی الانتهاء، جاء الرد الإيرانى حاسما على تلك التهديدات ؛ حيث حذر الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، من "التهديدات بالحرب" ضد بلاده مرة أخرى.
وقال لاريجاني – وفق وكالة أنباء "ايرنا" الإيرانية- إن الإيرانيين ليسوا من النوع الذي يستسلم، مشيراً إلى أن المفاوضات تُثمر عندما يُدرك الطرف الآخر أن الحرب لا جدوى منها ويسعى إلى حل المشكلات بالدبلوماسية.
وأضاف الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران "لكن إذا كان الطرف الآخر ينوي استخدام المفاوضات ذريعةً لحرب أخرى، فهذه ليست مفاوضات حقيقية"، في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية الإيرانية في يونيو الماضي.
وأكد لاريجاني أن "شرط إجراء مفاوضات حقيقية هو أن يتخلى الطرف الآخر عن أساليب الضغط التي يتبعها بهدف إجبار إيران على الاستسلام".
وتتجدد التساؤلات المطروحة حول مستقبل إيران على الصعيد النووى، مع تجدد الحديث عن المفاوضات النووية مع الطرفين (الأمريكى والأوربى).
حتى اللحظة، لا تزال إمكانية استئناف المفاوضات مع الجانب الأمريكى غير محسومة، فطهران لم ترد أن تغلق الباب نهائيا ، ولكنها تنتظر ضمانات ربما تُطرح عبر الشق الأوربى.
ومن جهة ثانية، تواصل أوربا وتحديدا(بريطانيا وفرنسا وألمانيا) محادثاتها مع طهران ، فقد انطلقت الثلاثاء، جولة جديدة ، فى جنيف بين طهران ودول الترويكا الأوربية على مستوى نواب وزراء الخارجية.
تركزت على القضايا النووية وموضوع رفع العقوبا الذى أصبح مطروحا بقوة مع تهديدات أوربا بتجديد فرضها على طهران فيما يسمى "آلية الزناد" .
استبق هذه الجولة ، محادثات هاتفية بين كل من وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
ومن جانبه، عرض الجانب الإيراني مواقف إيران بشأن آلية "سناب باك" (عودة العقوبات التلقائية) ومسؤولية الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي في هذا الصدد، مؤكدا "عدم أهلية هذه الدول قانونياً وأخلاقياً للجوء إلى هذه الآلية"، ومحذرا من تبعات مثل هذا الإجراء.
ومن جانبهم، جدد وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي خلال الاتصال الهاتفي تأكيدهم استعداد أوروبا لإيجاد حل دبلوماسي.
ومن جانب آخر، قال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في ايران آية الله علي خامنئي، إن الولايات المتحدة تريد أن تقدم إيران لها فروض الطاعة ، لكن الشعب الإيراني سيقاوم بحزم هذه "الإهانة الكبرى".
وأضاف قائلا: إن من يدعون لمفاوضات مباشرة مع واشنطن لحل القضايا هم أصحاب فكر ضحل؛ فعداء الولايات المتحدة لإيران ليس ظاهرة جديدة، إذ حافظت الإدارات الأمريكية المختلفة على موقف ثابت من العداء والعقوبات والتهديدات ضد الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني منذ الثورة الإسلامية عام 1979".
وأضاف : "إن أعداء إيران أدركوا من خلال صمود ووحدة الشعب والمسؤولين والقوات المسلحة أن الشعب الإيراني والنظام الإسلامي لا يمكن إخضاعهما أو قيادتهما عن طريق الحرب".
وحذر من أن خصوم إيران يسعون الآن لتحقيق هدفهم من خلال إثارة الانقسامات داخل إيران، وأضاف : "إنه في أعقاب الهجوم الأخير على إيران في 13 يونيو ، اجتمعت بعض الدوائر المرتبطة بالولايات المتحدة في اليوم التالي مُباشرةً في عاصمة أوروبية لمناقشة نظام ما بعد الجمهورية الإسلامية ، وإنهم كانوا واثقين جدًا من أن الهجوم سيزعزع استقرار إيران ويقلب الشعب ضد النظام لدرجة أنهم ذهبوا إلى حد تعيين شاه مُحتمل ، وكان من بين تلك المجموعة من الحمقى ، الذين يخططون لاستبدال الجمهورية الإسلامية ، إيراني أيضًا ، العار عليه".
المحادثات الإيرانية ـ الأمريكية ..
تطلت المحادثات بين طهران وواشنطن منذ الحرب الإسرائيلية ، التى استبقت الجولة السادسة فى مسار تلك المحادثات والتى كان مقررا عقدها فى مسقط، ولكن بعد إعلان سلطنة عمان تاريخ انطلاقها، شنت دولة الاحتلال هجماتها العسرية ؛ فألغت طهران مشاركتها فى تلك الجولة .
منذ ذلك الوقت ، تتردد الأنباء عن مساعى واشنطن لاستئنا فالمحادثات، وسط رفض إيرانى، وبالتوازى تُجرى اتصالات ومساعٍ دولية للدفع فى اتجاه استئناف تلك المفاوضات ، كأساس للسلم والاستقرار بالمنطقة والعالم بأسره.
سيناريوهات مطروحة..
أصبح مصير المفاوضات يتأرجح بين عدة سيناريوهات، إما اتفاق مؤقت، إذا تخلى أحد الطرفين عن خطوطه الحمراء، خاصة تلك المتعلقة بتخصيب اليورانيوم.
أو استمرار جمود المحادثات، أو تفعيل آلية الزناد، بعد انتهاء مهلة الشهرين التي حددها ترامب للتوصل إلى اتفاق بشأن ملف طهران النووي والاقتراب من يوم النهاية في الاتفاق النووي وهو الموافق 18 أكتوبر المقبل ؛ حيث من المتوقع أن ينتهي العمل بالقرار الأممي (2231) سترتفع احتمالات تفعيل آلية الزناد.
والسيناريو الأخير هو تجدد الحرب، حال فشل المسار الدبلوماسي وتم تفعيل آلية الزناد واتخاذ إيران خطوات تصعيدية فسيكون سيناريو الحرب واردا.
تهديدات بتجديد العقوبات
على صعيد متصل، تواجه طهران تهديدات أوروبا بتطبيق "آلية الزناد" لتجديد فرض العقوبات،تهدد الدول الأوربية ( فرنسا وألمانيا وبريطانيا) بتفعيل آلية الزناد ضد طهران فى حال لم تتوصل لاتفاق بشأن برنامجها النووى وهى الآلية التى تشكل إعادة فرض عقوبات شاملة على طهران ؛ حيث تمثل الدول الأوربية الثلاث بالإضافة إلى الولايات المتحدة والصين وروسيا، الأطراف الموقعة على الاتفاق النووى الذى أبرم عام 2015 مع إيران، ونص على فرض قيود كثيرة على النووى الإيرانى مقابل رفع تدريجى لعقوبات الأمم المتحدة عن طهران؛ لكن الولايات المتحدة انسحبت عام 2018 من هذا الاتفاق من جانب واحد خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران.
وبالمقابل، تمسكت باريس ولندن وبرلين باتفاق 2015، مؤكدة رغبتها بمواصلة التجارة مع إيران، مما جنب الأخيرة إعادة فرض العقوبات الأممية أو الأوروبية عليها.
لكن هذه العواصم الأوروبية الثلاث تتهم اليوم طهران بعدم الوفاء بالتزاماتها وتهددها بإعادة فرض العقوبات بموجب آلية منصوص عليها بالاتفاق، وبمجرد انتهاء صلاحية هذه الآلية فى أكتوبر المقبل يمكن إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران.
ومن جانبه وصف كاظم غريب آبادى نائب وزير الخارجية الإيرانى، اللجوء إلى آلية "سناب باك" بأنه "غير قانونى بتاتا" مؤكدا أن الدول الأوروبية أنهت التزاماتها بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018.
وأضاف غريب آبادى لقد حذرناهم من المخاطر، لكننا ما زلنا نسعى إلى أرضية مشتركة.
وقال دبلوماسيون غربيون، إن الدول الأوروبية مستعدة لعرض تأجيل الموعد النهائى المرتقب لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، فى حال وافقت الأخيرة على مجموعة من الشروط، من بينها استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، والتعاون مع مفتشى الأمم المتحدة المعنيين بالبرنامج النووى.
ويتعين على الدول الأوروبية الثلاث، الموقعة على الاتفاق النووى المُبرم فى عام 2015 والذى انهار بعد انسحاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من جانب واحد خلال فترة ولايته الأولى، أن تقرر ما إذا كانت ستفعّل آلية "سناب باك".
وذكرت الصحيفة، أن الدول الثلاث، المعروفة باسم E3، حذرت بشكل متكرر من أنها ستلجأ إلى هذه الآلية إذا فشلت الجهود الدبلوماسية فى كبح برنامج إيران النووى، الذى شهد توسعاً كبيراً بعد انسحاب ترمب وفرضه عقوبات أمريكية مشددة على طهران.

Trending Plus