COP30 بالبرازيل يشعل شرارة التمويل المناخى.. مساعٍ لدعم الدول النامية بـ1.3 تريليون دولار لتنفيذ بنية تحتية مقاومة لتغير المناخ.. ونقل التكنولوجيا الخضراء للدول الضعيفة.. ومصر تستعرض إنجازاتها أمام العالم

تستعد مدينة بيليم البرازيلية لاستضافة حدث عالمي استثنائي، وهو مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30)، الذي يعقد وسط ترقب دولي كبير، فهو لا يعد مجرد تجمع دبلوماسي آخر، بل هو نقطة تحول مفصلية في مسار العمل المناخي العالمي، خاصةً مع إدراج قضية التمويل المناخي كأحد أبرز محاور أجندته.
يسعى المؤتمر إلى تحقيق هدف طموح، وهو ضخ 1.3 تريليون دولار للدول النامية والضعيفة، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تعزيز قدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية، ومواجهة آثارها المدمرة، حيث شكل هذا التمويل بصيص أمل لهذه الدول، التي تعاني بشكل مباشر من تداعيات الأزمة المناخية رغم كونها الأقل مسئولية عنها.
صراع التمويل من الوعود إلى الالتزام
التمويل المناخي كان حجر عثرة في مفاوضات المناخ الدولية، فمنذ اتفاق باريس عام 2015، تعهدت الدول المتقدمة بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لمساعدة الدول النامية، لكن هذا الالتزام لم ينفذ بشكل كامل، مما أدى إلى حالة من عدم الثقة بين الأطراف.
يأتي مؤتمر COP30 ليعيد الثقة ويجدد الأمل في إمكانية تحقيق تقدم ملموس، حيث يهدف المؤتمر إلى وضع إطار عمل جديد لتمويل المناخ يتجاوز حاجز الـ 100 مليار دولار، ويصل إلى 1.3 تريليون دولار، وهو رقم يعكس حجم التحديات التي تواجهها الدول النامية.
يهدف هذا التمويل الضخم إلى تحقيق أهداف متعددة، أهمها:
تمكين الدول النامية من التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
بناء بنية تحتية مرنة وقادرة على الصمود في وجه الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والجفاف.
توفير الموارد اللازمة لحماية المجتمعات المحلية من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مثل فقدان الأراضي الزراعية ونقص المياه.
نقل التكنولوجيا الخضراء من الدول المتقدمة إلى الدول النامية، مما يساهم في تسريع وتيرة التحول المناخي.
وتشارك مصر في مؤتمر COP30 بوفد رفيع المستوى، بقيادة كفاءات مصرية متمكنة، لتؤكد على التزامها بالعمل المناخي، ودورها القيادي في المنطقة، حيث تأتي هذه المشاركة في سياق جهود مصر المستمرة لتعزيز العمل المناخي، والتي توجت باستضافة مؤتمر COP27 في شرم الشيخ، والذي حقق إنجازات هامة، أبرزها إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار".
وتشكل مشاركة مصر في COP30 فرصة ثمينة لإلقاء الضوء على تجربتها الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، وتنفيذ مشاريع عملاقة مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية، التي تعد واحدة من أكبر المحطات في العالم.
وتقدم مصر نموذجًا يحتذى به في التكيف مع التغيرات المناخية، من خلال تنفيذ مشاريع ضخمة في قطاعات حيوية مثل الزراعة والمياه فقد تبنت الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للمناخ، تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز القدرة على الصمود في وجه آثار التغيرات المناخية.
وتركز الاستراتيجية على:
تنفيذ مشاريع لتطوير شبكات الري، وبناء محطات معالجة مياه الصرف الصحي، مما يساهم في توفير المياه، وزيادة الإنتاج الزراعي.
تشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل التي تتحمل نقص المياه، وتقاوم الظروف المناخية القاسية.
تنفيذ مشاريع لحماية المناطق الساحلية من ارتفاع منسوب سطح البحر، وتآكل الشواطئ، مما يهدد الأمن الغذائي، والاقتصاد الوطني.
وتسهم مشاركة مصر في COP30 في تعزيز موقعها كقائد إقليمي في العمل المناخي، وتمكنها من الدفاع عن مصالح الدول الأفريقية والنامية، والمطالبة بتمويل عادل، وتكنولوجيا نظيفة، و ستركز مصر خلال المؤتمر على أهمية تنفيذ الالتزامات المالية، وضرورة وضع خطة عمل واضحة لتوفير التمويل المطلوب.
رغم التفاؤل الحذر بشأن مؤتمر COP30 فإن التحديات لا تزال قائمة فمن ناحية، هناك حاجة إلى بناء آليات شفافة وفعالة لضمان وصول التمويل إلى الدول النامية، وتجنب البيروقراطية.
ومن ناحية أخرى، يجب على الدول النامية أن تقدم خططًا واضحة ومشاريع قابلة للتنفيذ لضمان استخدام التمويل بشكل فعال، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منه.
وتشكل هذه النسخة من مؤتمر الأطراف فرصة ذهبية للمجتمع الدولي للتعلم من دروس الماضي، والتحرك بجدية نحو مستقبل مستدام، حيث يجب على الجميع، من الحكومات إلى القطاع الخاص والمجتمع المدني، أن يتعاونوا لتحقيق أهداف المؤتمر، والمساهمة في بناء عالم أفضل للأجيال القادمة. فالتصدي للتغيرات المناخية ليس مجرد مسؤولية، بل هو استثمار في مستقبل البشرية.

Trending Plus