من الهيروغليفية إلى الألحان.. رحلة اللغة القبطية من الحضارة القديمة إلى الليتورجيا المعاصرة.. جسر بين الحضارات وتراث روحي حى وشراكة تاريخية منذ فجر المسيحية.. والبابا كيرلس الرابع أحياها فى القرن التاسع عشر

الكنيسة القبطية
الكنيسة القبطية
كتب محمد الأحمدى

منذ فجر المسيحية فى مصر، ارتبطت الكنيسة القبطية ارتباطًا وثيقًا باللغة التي نشأت وتطورت على أرضها، وهي اللغة القبطية. لم تكن القبطية مجرد وسيلة للتواصل بين المؤمنين، بل أصبحت لغة مقدسة حملت على عاتقها تبشير المصريين بالإنجيل، والحفاظ على تراثهم الروحي واللغوى عبر العصور، ففي الوقت الذي كانت فيه الحضارة المصرية القديمة تتلاشى تدريجيًا، ظهرت اللغة القبطية كلغة حية، مستمدة جذورها من الحضارة الفرعونية العريقة، ولكن مكتوبة بحروف يونانية مع إضافات لتناسب أصواتها الفريدة.

وهذا التحول اللغوى تزامن مع انتشار المسيحية، وسرعان ما تبنت الكنيسة الوليدة اللغة القبطية كلغة لها، وكانت الترجمة الأولى للكتاب المقدس إلى القبطية فى القرن الثاني الميلادى علامة فارقة، حيث مكّنت جموع المصريين من فهم كلمة الله بلغتهم الأم، ومنذ ذلك الحين، أصبحت القبطية هى لغة العبادة والطقوس فى الكنيسة القبطية، وحافظت على هذا الدور المحورى حتى يومنا هذا.

عبر القرون، ورغم التحديات المختلفة، ظلت اللغة القبطية نبضًا حيًا في قلب الكنيسة، وشاهدًا على أصالة إيمانها وعمق تاريخها. إنها ليست مجرد أداة للتعبير، بل هي وعاء للتراث الروحي واللاهوتي للأقباط، تربطهم بجذورهم الحضارية والإيمانية على حد سواء.

تعتبر اللغة القبطية جسر بين الحضارات فهى تمثل حلقة وصل بين الحضارة المصرية القديمة والكنيسة المسيحية فى مصر، حيث حافظت على الكثير من المفردات والقواعد من اللغة المصرية القديمة، لكنها استخدمت الحروف اليونانية لتسهيل القراءة والكتابة.

الترجمة القبطية للكتاب المقدس

كانت أول ترجمة كاملة للكتاب المقدس إلى القبطية على يد بنتينوس في القرن الثاني الميلادي، مما ساعد على نشر المسيحية بين المصريين الذين لم يكونوا يتحدثون اليونانية.

وإلى جانب اللهجة البهيرية الرسمية، هناك لهجات أخرى مثل الساكنية والفاومية، لكنها لم تستمر فى الاستخدام الطقسى، وحتى اليوم، تُستخدم اللغة القبطية فى صلوات الكنيسة، مما يحافظ على التراث الروحي واللغوي للأقباط.

جهود الحفظ والتدريس

وفى القرن التاسع عشر، قام البابا كيرلس الرابع بإحياء اللغة القبطية من خلال إنشاء مدارس وطباعتها للكتب القبطية، كما تم تطوير طرق تدريس حديثة.
وهناك العديد من الدراسات التي تركز على قواعد اللغة القبطية، الصوتيات، الخطوط، والآداب القبطية، مما يساعد في الحفاظ على اللغة ونشرها.

اللغة القبطية

اللغة القبطية هي آخر مراحل تطور اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة، حيث كُتِبَت اللغة المصرية القديمة بحروف يونانية بدايةً من القرن الثانى الميلادي، مع إضافة 7 حروف أخرى لأصوات لم تتوفر في اللغة اليونانية، ثم تطورت اللهجات القبطية بعد كذلك  ودراسة اللغة القبطية وتاريخها مهم لفهم العديد من المناحي الدينية، حيث تتداخل في الطقس والعبادة والليتورجيا الكنسية، وهي لغة الكنيسة المصرية، وهي مُعين في فهم الكتاب المقدس، والأداء الطقسي والليتورجي، وتساعد في تحقيق التاريخ الكنسي وفهم العقيدة الأرثوذكسية.

جهود تدريس اللغة القبطية في الكنائس

وضع تدريس اللغة القبطية في الكنائس حاليًا:

فصول تعليمية في الكنائس: في العديد من الكنائس القبطية حاليًا، توجد فصول لتعليم اللغة القبطية لأبناء الرعية من مختلف الأعمار. تهدف هذه الفصول إلى ربط الأجيال الجديدة بتراثهم الروحي واللغوي، وتمكينهم من فهم الصلوات والألحان القبطية.

استخدام التكنولوجيا: هناك جهود حديثة للاستفادة من التكنولوجيا في تعليم اللغة القبطية، مثل التطبيقات الإلكترونية والقواميس الرقمية.

معهد الدراسات القبطية: يقوم معهد الدراسات القبطية التابع للبطريركية بدور أكاديمي هام في دراسة اللغة القبطية وتاريخها وآدابها، ويمنح درجات علمية في هذا المجال، مما يساهم في إعداد جيل من الباحثين والمتخصصين.

الحفاظ على الألحان: هناك تركيز على تعليم اللغة القبطية المرتبطة بالألحان الكنسية، حيث أن فهم الكلمات القبطية الأصلية يساهم في فهم أعمق للروحانية الكامنة في هذه الألحان.

تحديات: بالرغم من هذه الجهود، لا يزال هناك تحدي يتمثل في أن اللغة العربية هي اللغة السائدة في المجتمع، مما يجعل اكتساب اللغة القبطية والحفاظ عليها أمرًا يتطلب جهدًا واعيًا ومستمرًا من الكنيسة والأفراد.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

للسفر المريح.. مواعيد قطارات الصعيد والإسكندرية اليوم الجمعة 29-8-2025

جورج كلوني يتحدى التهاب الجيوب الأنفية ويشارك فى عرض Jay Kelly بمهرجان فينيسيا

الدعم السريع يستخدم الجوع كسلاح حرب.. العنف يدفع 20 مليون شخص نحو انعدام الأمن الغذائى.. وعلاج 40 ألف طفل من سوء التغذية الحاد بدارفور.. وباحث بـ"سياسات الغذاء": ميليشيا الجنجويد تحتجز مدنىّ الفاشر كرهائن

6 أسابيع تفصل بين الحياة والموت.. الصحة تكشف التوقيت الذهبى لعلاج السرطان

تعرف على أرقام أكاديمية الشرطة للإجابة على استفسارات الطلاب


إيناس كامل تنضم لأسرة مسلسل قسمة العدل وتجسد دور زوجة عابد عنانى

انطلاق دوري محترفي كرة اليد للموسم الجديد

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 29- 8 -2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة

البطل وصل مصر.. استقبال حافل للكابتن أحمد ناصر دبابة فى مطار القاهرة (صور)

فاروق جعفر: موقف رموز الزمالك فى ملف سحب أرض النادى بـ6 أكتوبر أمر طبيعى


بيان سعودى إيطالى: نرفض رفضا قاطعا أى تهجير للفلسطينيين تحت أى ذريعة

قرعة دوري أبطال أوروبا كاملة.. نهائيات مبكرة فى مرحلة الدوري

صحتك بالدنيا.. كيف يؤثر التدخين على الرياضيين؟.. Fda توافق على لقاحات كورونا المحدثة.. 6 أطعمة تسبب شيخوخة البشرة.. دور العصب الحجابى فى عملية التنفس بعد الجدل حول وفاة هوجان.. وهذا أنسب وقت لشرب القهوة

مقتل رئيس نادى علم داغ التركى برصاصة فى الرأس داخل مطعم بإسطنبول.. فيديو

لماذا قرر البنك المركزى خفض أسعار الفائدة بنسبة 2%؟

انطلاق حفل قرعة دوري أبطال أوروبا.. بث مباشر والقناة الناقلة

محكمة سويسرية ترفض استئناف حفيد مؤسس الإخوان ضد إدانته بالاغتصاب

وزارة الإسكان: طرح 3000 وحدة جديدة ضمن مبادرة "بيتك فى مصر" للمصريين بالخارج

"دباح داعش" يطلب نقله من السجون الأمريكية إلى البريطانية وغضب بين أسر ضحاياه

الأرصاد: طقس شديد الحرارة غدا على أغلب الأنحاء وارتفاع الرطوبة مع شبورة صباحية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى