كراهية بلا حدود.. الجماعة الإرهابية أنموذجًا

أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
بقلم أ.د/ عصام محمد عبد القادر

استطاعت جماعة الإخوان الإرهابية أن تصنع بوتقة، تصهر فيها مزيجًا من الكراهية مع مخططات، تستهدف النَّيل من مقدرات وطن عاشت فيه، ونمت مقوماتها ومقدراتها بين مجتمع مسالم، لا يعرف إلا المحبة، والتسامح، بل، يعشق السِّلم، والسَّلام، ويرفض شتى صور العنف، والتطاول، وألوان الترهيب؛ لكن الجماعة استثمرت طيبة هذا الشعب، وتغلغلت في بنيته، وحقّقت مكاسبَ، يصعب حصرها على كافة المستويات، ومع تحوّلها الممنهج إلى العمل السياسي وفق أيدولوجيتها، التي تتبناها أظهرت نواياها السيئة، التي تقوم على الانتهازية، والسيطرة، والتحكم المطلق، ولو تطلب ذلك سياسة العنف، والاستعداء.


الإحباط المجتمعي نتج جرّاء توظيف الجماعة الإرهابية الدين في السياسة؛ فاختلطت به شوائب أفكارهم الهدّامة، التي تعتمد على التدمير، وشيْطنة الآخر، وهذا ما نسمّيه تجاوزًا بالمرض الفكري، الذي يسمح للإنسان أن يقوم بأي شيء نظير تحقيق مأْربه، ولو تضرّر في خضمه الآخرون، والعظيم في الأمر أنه تم أدلجة أفكارهم؛ فصارت منبعًا؛ لتزييف الوعي، وهذا ما رصدناه من مواقف عديدة، أظهرت تناقضات في القول، والممارسة، والتوجه، وللأسف تم تجنيد من يروّج لتلك الأيدولوجية بصورة منظمة، تقوم على الدعم اللوجستي بكل أنواعه.


المخاطر الجمّة تأتت من صورة الانغلاق الفكري، والذهني لجماعة، سجنت مواردها، ومقوّماتها في أيدولوجية، تعتمد فلسفتها على الأُحادية، وتعزّز مسارات العدائية، وتقفز على الآخر؛ لتقتنص منه ما يحقق غاياتها التوسعية، ناهيك عن استقطاب ثروة بشرية، تعد من سواعد بناء الأوطان، وتجنيدها وفق ماهية الولاء، والبراء، وهنا لا تمتلك الجماعة العقل فقط، بل، توجّه الممارسة كيفما تشاء؛ لتضمن أن يؤدي منتسبوها، وجندها المهام النوعية، التي يكلفون بها، دون جدال، أو حوار،  ومن يخرج عن السياق تُوجّهُ إليه ضربات قاسمة، دون شفقة، أو رحمة.


الفوضى زاد، ووقود الجماعة الإرهابية؛ فمن خلالها تنبعث المخططات، التي تعتمد على تشويه الوعي، وإضعاف الثقة بين المواطن، ودولته؛ ومن ثم استغلت أذرع الجماعة الفضاء الرقمي، بعد أن نكّل بها، وخرجت قيادتها صاغرة، هاربة من وطن، قد لفظ شعبه الأبيّ فكرها القميء، وتابعت الإرهابية كفاحها في هذا التوجّه، ووظّفت طاقتها، وتمويلاتها مشبوهة المصدر، ووسائل الإعلام التي تبث على مدار الساعة شائعات مغرضة؛ لتضعف الهمة، وتصبح الإرادة ليّنة، والأنفس مشحونة بالكراهية؛ وبناءً على ذلك تدفع الشعوب الضعيفة إلى هاوية الفُرْقة، والتشرذم، وتذيب النسيج؛ ليصبح هشًّا، وممزّقًا؛ فلا تجد لُحْمةً، ولا تماسكًا، ولا اصطفافًا مجتمعيًّا، وتصبح البيئة خصبة، ومواتية؛ كي تنفّذَ مخططاتها التوسعيّة، وتواصل مسيرتها نحو هدم أوطان أخرى؛ لتزداد رقعة انتشارها، وسيطرتها، وتقترب من حُلْم أحمق، وأوهام، تفتقد إلى البصيرة، دون مواربة.


جهاد الجماعة موجّهٌ نحو الداخل، وليس صوْب عدّو يدركه القاصي، والداني؛ لأنها لا تؤمن البتَّة بماهية الدولة، ولا بمفهوم المواطنة، ولا بالمؤسسية، التي تقوم على فلسفة قيم العدل، والمساواة؛ فلديها مشروعٌ معلنٌ، لا تكفُّ عن السعي وراء تحقيق أهدافه الكبرى، ولا تتورّع عن ممارسات، تؤدي إلى زعزعة استقرار، وطمأنينة المجتمعات؛ فالنزاع، والاقتتال نفقٌ تُدفع إليه الشعوب في ضوء تفكيرها المريض؛ فالواقع بالنسبة لسياساتها، لا يعترف بالنهضة، والإعمار، بل، يعتمد على تقليل الجهود، وتشويه الإنجازات؛ لـتألب الشعوب على مؤسساتها، وتضير بمُقدّراتها.


الجماعة صاحبة الظنّ بأنها فوق الوطن تحمل كراهية بلا حدود؛ لأن مشروعهم الوهمي لم يتوافق مع فلسفة الدولة المدنية، التي تقوم على الأمن، والأمان، والسِّلم والسَّلام، وتعزّز مسارات التنمية، التي تخرج المجتمعات من حالة العوز إلى ساحة الاكتفاء، وبدت الكراهية في أوْجها، حينما سقطت دولة الخلافة، التي زعموا إقامتها على ربوع المحروسة، بعد اقتناص حكم تأسس على الغدر، والخيانة، والضلال، والتضليل، وبدتْ مظاهر الكراهية المطلقة، بتشوية كيانات الدولة، عبر منابرهم المُموّلة وبالتحريض على العنف، ودعمه من خلال الذراع المُسلّح لديها، ناهيك عن تواصل الطعن، والتجريح، والتخوين للقيادة السياسية المصرية، التي تبذل الجهود المضنية؛ لترفع راية الوطن الكبير فوق الرؤوس، وتدفع بالسفينة إلى برّ النجاة؛ لتصبح مصر من الدول، التي تمتلك مقومات نهضتها بتنمية مستدامة، بواسطة سواعد أبنائها البررة.


الشعب المصري بطبيعته متسامح؛ لكن يمتلك الإدراك الصحيح لتاريخ الجماعة الإرهابية؛ ومن ثم فقد ساعد وعيه القويم في التخلص من شبح، كاد أن يفتك بالوطن، ويظلّه بغمامة، تؤدي بمقدراته؛ لذا فقد فوّض الشعب قيادته الرشيدة، واصْطفَّ خلفها؛ ليدحر عدائيات مبيّتة ما ظهر منها سوى القليل؛ فقد ساعدت يقظة مؤسسات الدولة الوطنية، وعزيمتها في القضاء على مخططات الإرهابية، التي أرادت أن تشيع الفوضى، وتحدث إرباكًا في المشهد الداخلي؛ حيث لم تتورع عن الاستعانة بالخارج؛ لتعود إلى حكمها، وتستكمل مشروعها الوهمي.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

____

أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

التضامن تبدأ صرف مساعدات تكافل وكرامة لشهر ديسمبر 2025.. اعرف المنافذ

مادورو: فنزويلا طورت نظام دفاعها الوطنى رداً على الضغوط الأمريكية

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

النيابة الإدارية تستقبل طلبات التقديم لوظائف معاون نيابة دفعة 2024


مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

أموالها ليست إرثا.. خبراء يحسمون الجدل القانوني حول استغلال ممتلكات الزوجة

كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب والإمارات والقنوات الناقلة

الحضرى: مفيش أى مدرب هيرضى يشتغل 4 أشهر فقط وهذه كواليس ركلة جزاء السولية

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق


سيدات سلة الأهلى يسيطرن على الجوائز الفردية لبطولة أفريقيا

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

صور نادرة لـ إيمان شقيقة الزعيم عادل إمام وأرملة الراحل مصطفى متولى

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

وكالة الفضاء المصرية تُعلن نجاح إطلاق وتشغيل القمر الصناعي المصرى SPNEX

ارتفاع عدد ضحايا هجوم احتفال الحانوكا اليهودي في أستراليا إلى 16 قتيلا

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولى

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى