سماسرة الإنترنت

على منصات لا تعرف الرحمة، ولا تعترف بالحياء، يتراقص محتوى مسموم على أنغام الربح السريع، ويقف خلفه من باعوا القيم في مزاد، ليحصدوا مشاهدات خادشة وأموالًا ملوثة.
هم ليسوا صناع محتوى بقدر ما هم سماسرة انحدار، يروجون للقبح في صورة ترفيه، وينشرون الابتذال تحت لافتة "الترند"، كلما ارتفع عدد المتابعين، سقطت ورقة جديدة من شجرة الأخلاق.
هؤلاء البلوجرز، أو لنقل "البلطجية الرقميون"، لا يعرفون عن المجتمع سوى ما يهدمه، ولا يفكرون في جيل ينشأ على ما يقدمونه من محتوى معوج، أطفال يشاهدون، وشباب يتأثرون، ونفوس تُربّى على العرى اللفظي والسلوك الخارج، فهل أصبحت المنصات مأوى للهاربين من الأدب، ومسرحًا لتمثيليات الرخص؟
وسط هذا الضجيج، تأتي وزارة الداخلية كصوت العقل، وكف يد حازمة لا تتهاون في حماية الذوق العام، فالضربات الأمنية المتتالية لصناع المحتوى الهابط تؤكد أن الدولة لا تنام حين تُخدش القيم، ولا تصمت حين يُباع الحياء على قارعة "اللايك والشير".
رجال الشرطة يتابعون ويرصدون ويلاحقون من ظنوا أن القانون لا يسري على ما يُنشر من خلف شاشات.
ليست المسألة أمنًا فقط، بل هي صيانة لروح المجتمع، وقيمه التي لا تُقاس بعدد المتابعين، ولا تُباع في إعلانات، فالمجتمع الذي يترك صغاره فريسة لمحتوى هابط، كمن يسلم بيته للصوص الأخلاق.
ومن هنا، فإن الجهد الأمني في ملاحقة هؤلاء لا يقل أهمية عن أي معركة نخوضها من أجل المستقبل.
إنها معركة وعي قبل أن تكون قضية أمن، وإنقاذ للهوية قبل أن تصبح مدونة مهجورة في أرشيف القيم.

Trending Plus