"عاشت لإنقاذ أبنائها بعد استشهاد الأب وماتت من أجلهم".. قصة أم فلسطينية تحملت مسئولية أطفالها السبعة وقصفها الاحتلال خلال تسجيل الأيتام في الجمعيات.. نضال الغول تمنت اللحاق بزوجها فعادت له مع اثنين من صغارها

نضال الغول
نضال الغول
كتب أحمد عرفة

 

** قصة حب سبع سنوات جمعت نضال و"أبو سعيد" ولم تستسلم بعد فقده

** الأم لم تستلم للمرض ونقص الفيتامينات.. وكررت النزوح لتوفير خيمة آمنة لأبنائها

** شقيقتها: صفا الابنة الكبرى وقفت بجانب والدتها لتوفير احتياجات الأسرة ورفضت تركها قبل مثواهما الأخير

** المنظمات الأهلية: صعوبة كبيرة في إيصال بعض المساعدات للأسر خاصة الأيتام

**  نضال رفضت طلب شقيقتها بعدم الذهاب لجباليا وصممت على تسجيل ابنها بجمعية للأيتام لتواجه صواريخ الاحتلال

 

 

نضال الغول، "سيدة بـ 100 رجل" كما يقول المثل المصرى، جاء العدوان ليستهدف زوجها ويترك لها 7 أطفال بينهم "زين"، الذي ظل والده ينتظره لمدة 15 عاما ليكون شقيقا لابنه الوحيد سعيد صاحب الـ16 عاما، ولد الابن الأصغر قبل الحرب بثلاثة شهور فقط، لم يستمتع الاب به كثيرا، لكن بعد استشهاد عائل الأسرة بشهور لحقت الأم والابن الأصغر والابنة الكبرى به ويتركون خمسة أطفال أمام مصير مجهول.

اقرأ أيضا:

مصر تستهجن الدعاية المغرضة لتشويه دورها الداعم لقضية فلسطين.. عشائر غزة: نرفض تشويه دور مصر فى دعم قضيتنا.. القاهرة: استئناف مفاوضات التهدئة الأسبوع المقبل بعد دراسة إسرائيل عرض حماس

بداية معاناة تلك الأسرة بدأت مع اليوم الأول للحرب، ظلت الأم تنزح من مكان لأخر لتبحث عن مكان آمن لأبنائها السبعة - ولدان وخمس بنات – قررت ألا تكون ثقيلة على عائلتها، بحثت في الجمعيات الفلسطينية لتسجيل أبنائها الأيتام ومحاولة البحث عن طرود غذائية تسد جوعهم، خلال نزوحها الأخير لشمال غزة جاءت طائرات الاحتلال لتدمير تلك الأسرة ويفقد الأطفال الصغار الأم والأب والأخت الأكبر والابن الأصغر في قصة مأساوية لا نقرأها سوى في الروايات الحزينة وخيال المؤلفين لكنها تحولت لحقيقة أمام أعين العالم.

ضحايا بالآلاف داخل غزة

وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، صادر في 28 مايو الماضي، فإن هناك أكثر من 63 ألف شهيد ومفقود منذ بدء الإبادة الجماعية، بينهم 54084 شهيد وصلوا إلى المستشفيات منذ بدء الإبادة الجماعية، وأكثر من 9 آلاف مفقود منهم شهداء مازالوا تحت الأنقاض، ومنهم مصيره مازال مجهولا.

وأكدت إحصائية المكتب الإعلامي الحكومي، أن هناك أكثر من 18 ألف شهيد من الأطفال وصل منهم للمستشفيات 16854، وأكثر من 12400 شهيدة وصل منهن للمستشفيات 8968، و7950 أم شهيدة بسبب العدوان، بجانب 932 طفل استشهدوا وكانت أعمارهم أقل من عام واحد، و356 طفلاً رضيعاً وُلِدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة.

نضال تعول الأسرة بعد فقدان الزوج

"أختي نضال والتي تبلغ من العمر 36 عاما أنجبت سبعة أطفال خمس بنات وولدان، زين الذي قضى شهيدا ولم يكمل العامين أتى لوالدته بعد 15 عاما، حيث طلبه والده من الله وتمنى زوجها أخ لابنه سعيد الذي لم يكمل 17 عاما، وأنجبت نضال زين بتاريخ 1/7/2023 لم يعرف والده لأني لقى حتفه شهيدا في بداية الحرب بتاريخ وبالتحديد في 14 نوفمبر 2023، لم تكتمل فرحة أبو السعيد بزين"، هكذا بدأت هالة الغول، شقيقة نضال الغول، الحديث عن حكاية الحياة المأساوية لأسرة أختها.

إذا نظرت إلى صورة نضال الغول والتي أمدتنا بها شقيقتها لن تصدق أن عمرها 36 عاما فقط من حجم المتاعب والشقاء والتعب الذي لاقته هذه السيدة بعد وفاة زوجها، حيث عندما تنظر لوجهها تشعر وكأنك تتحدث عن سيدة اقتربت من الـ50 عاما، هو دلالة واضحة عن حجم ما تعانيه المرأة الفلسطينية خلال تلك الحرب والذي لا يمكن أن يتحمله بشر في هذا الكوكب.

نضال الغول
نضال الغول

نزوح متكرر وآلام متصاعدة

تتحدث هالة الغول عن تفاصيل معاناة شقيقتها مع بداية الحرب، قائلة :"في أول أسبوع من العدوان بقيت اختي في بيتها ونزح في بيتهم أصحاب زوجها ولكن الوضع اشتد وتأزم وأصبحت الشظايا تصل البيوت فانتقلت إلى بيت خالي في معسكر الشاطئ هي وابنائها وخالتي التي هي أم زوجها بقيت في معسكر الشاطئ حوالي أسبوعين ولكن الوضع بدأ يزداد سوءا والموت بدأ يخيم حولنا والجيش الإسرائيلي اصبح يلقى منشورات كي نتوجه لجنوب وادي غزة، وشقيقة أبو السعيد – شقيقة زوج نضال الغول - تسكن في دير البلح اتصل بها الزوج وأخبارها بأنه سوف يرسل زوجته وأولاده وأمه عندها وطلب منها الاهتمام برعايتهم، وأختى جهزت أغراضها وأمتعتها واتجهت هي وخالتي إلى الجنوب ولكن زوجها لم يذهب معهم وظل في مدينة غزة".

زوج نضال معين الغول
زوج نضال معين الغول

بقاء الزوج في المدينة كان له سبب، فبحسب شقيقة نضال الغول، فقد أخذ أسماء الأقارب والمحتاجين لتوزيع كابونات ومعونات عليهم، لذلك لم يتجه إلى الجنوب لأنه عاش حياته في خدمة المجتمع سواء الأقارب والأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء، ووعد زوجته بأن يصل لهم قريبا، حيث قال "عندما انتهي من توزيع الكابونات سوف أذهب إلى الجنوب".

مجازر الاحتلال في غزة والضحايا أرقام مهولة
مجازر الاحتلال في غزة والضحايا أرقام مهولة

انتظار نضال لزوجها يتحول لكابوس

أسابيع تلى أسابيع وتنتظر الزوجة وصول زوجها لمكان نزوح الأسرة لكن لم يصل، طال الانتظار وزاد الاشتياق لرؤيته ولا سبيل لمعرفة سبب التأخير، حيث تقول هالة الغول:" اختى انتظرت زوجها، كانت كل يوم تحدثه أطلع يا أبو سعيد، تعال على جنوب أنت سبتنا لمن"، ومضيفة :" كل يوم تتصل أختي بزوجها وتخبره بأن يأتي ويكلمه أولاده، وقبل وفاته بساعة اتصل وأراد أن يكلم زوجته ولكنها رفضت الحديث معه لأنه وعدها بأنه سوف يذهب إلى الجنوب ولم يذهب كلمته الفتاتان الصغيرتان التوأم فرح ومرح وقالوا له تعال يا بابا ووعدهم الأب بلقائهم قريبا ولكنه لم يفي بالوعد، حيث سقط شهيدا وكان خبر استشهاده صدمة كبيره لأختي ".

زين الدين ابن نضال الغول
زين الدين ابن نضال الغول

بحسب الإحصائية الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومى في غزة، فإن العدوان الإسرائيلي أدى إلى وجود أكثر من 14700 أرملة، بجانب أكثر من 42 ألف طفل يتيم فقط والديه أو أحدهما.

ماذا تبقى من الأسر الفلسطينية؟
ماذا تبقى من الأسر الفلسطينية؟

صدمة بعد استشهاد الزوج

تتذكر "هالة" كيف أثر وفاة "أبو سعيد" على شقيقتها، قائلة :"من شدة الصدمة أختي لم تبك ومن هنا بدأت رحلة المعاناة لأم فلسطينية نازحة أرملة لديها سبعة أبناء، وجلست بعد استشهاد زوجها فترة من الوقت في مكانها حوالي شهر لأن نسيبهم - زوج أخت أبو السعيد - لم يسمح لهم بالرحيل وقال لها أنها وأبنائها أمانة لديه وأن زوجها الشهيد وصاه بألا يتركهم يتركون بيته ولكن نضال أحست بأنها حمل ثقيل عليهم واتجهت إلى منطقة المشاعلة في دير البلح عند إخوتها  وجلست في منطقة خاليه لا يوجد بها سوي خيمة واحدة تبعد عن عائلتها حوالي 50 مترا".

وعن سبب اختيارها خيمة بمفردها مع أبنائها بدلا من العيش مع عائلتها، تقول شقيقتها :"لم ترد أن تجلس مع أخوتي لأنها أرادت جزء من الخصوصية لنفسها ولأبنائها جلست بعيد عنهم وأصبحت تسمع عن جمعيات تقوم بتسجيل الأيتام فبدأت تذهب لتسجل أبنائها وتخرج بالساعات وتترك أبنائها الصغار عندنا أنا وأخوتي لأن الأماكن بعيدة والطابور طويل وكل ورقة يجب تصويرها، حيث تعبت من أجل أبنائها ولكنها كانت دائما تردد بأنها تريد أن تعمل كل ما بوسعها لخدمة أبنائها وتبرئ زمتها أمام الله".

عدد الأيتام في غزة بسبب الحرب

وبحسب إحصائيات صادرة عن معهد الأمل للأيتام بغزة في 12 يوليو الماضي، حصلنا على نسخة منها، فإنه منذ اندلاع الحرب تزايدت الجراح في كل بيت، وتوسعت دائرة الفقد لتشمل آلاف الأطفال الذين حُرموا من دفء الأمان وحضن العائلة، ووصل عدد الأطفال الأيتام لـ44,537، وعدد أسر الأيتام لـ 16,163، وعدد الأيتام الذين فقدوا الأب لـ37,313، وعدد الأيتام الذين فقدوا الأم لـ 4,988، وعدد الأيتام الذين فقدوا كلا الوالدين لـ 2,236، وعدد الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن لـ 16,646.

البنات يساعدن أمهن لتوفير احتياجات الأسرة

وبشأن معاناة بناتها الكبار معها من أجل تدبير احتياجات الحياة، تضيف هالة الغول :"بناتها تعبن كثيرا مع أمهم وكن يذهبن في طابور طويل للحصول على المياه بجانب طابور التكية والمخابز، وكن يحملن وعاء مياه يزن 20 لترا وكن يقمن بدور الأب والأم معا وهذا أتعبهن كثيرا خاصة أنهن لم يتعودن على الشقاء في الحياة قبل الحرب بل كان كل الاحتياجات تأتى لهن في المنزل" .

عدد الأيتام في غزة بسبب الحرب
عدد الأيتام في غزة بسبب الحرب

البحث عن الطعام للأسرة تزامن مع بداية توزيع ما تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، المساعدات، وتحويل تلك المراكز لكمائن للقتل، حيث اتهمها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في 2 يوليو الماضي، زراعة الموت واستهداف المُجوّعين المدنيين الفلسطينيين في غزة بشكل ممنهج، موضحا أن إطلاق النار المباشر على المحتشدين عند تلك النقاط – من قبل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" والشركة الأمنية الأمريكية التي تدير هذه المواقع – أدى إلى استشهاد أكثر من 580 مدنيا، وإصابة أكثر من 4,200 آخرين، ووجود 39 مفقوداً، ما يكشف زيف الادعاءات الإنسانية المرتبطة بهذه المؤسسة.

وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي، أن ما تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" تنتهك مبادئ العمل الإنساني الأساسية (الحياد، الاستقلال، والإنسانية)، وتُستخدم أذرعاً سياسية وأمنية لتعزيز مشاريع الاحتلال وذلك بعلمها وموافقتها وفق خطة مدروسة وممنهجة، وتركز التوزيع جنوب القطاع يدفع السكان المدنيين، تحت وطأة سياسة التجويع، للنزوح قسراً، ما يُعد تهجيراً ضمنياً يُضاف لسجل الاحتلال في التطهير العرقي، بجانب مؤشرات خطيرة حول غياب الشفافية داخل المؤسسة، وشبهات قانونية سجلتها جهات سويسرية بحقها، فضلاً عن تقارير عن إدخال مواد مُخدرة ضمن طرود المساعدات، في اعتداء فج على الصحة العامة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

عدد الأيتام في غزة بسبب الحرب
عدد الأيتام في غزة بسبب الحرب

جدعنة صفا مع أسرتها بعد وفاة الوالد

تستطرد هالة الغول، الحديث عن الابنة الكبرى "صفا"، التي كانت تعتمد عليها الأسرة في شراء احتياجاتها من السوق، قائلة :" صفا البنت البكر جدعة شاطرة خلوقة مؤدبه جميلة كان حلم والدها أن يدرسها الطب ولكن انتقلت إلى جوار ربها شهيدة مع والدتها، ولعبت الابنة دور الولد فكانت تذهب إلى السوق ومراكز توزيع الكوبونات لاستلامها وإذا مرض أحد من إخوتها هي من تذهب وتعالجه".

الشهيدة صفاء ابنة نضال الغول الشهيدة
الشهيدة صفا ابنة نضال الغول الشهيدة

بحث "صفا" عن الطعام في التكيات ومراكز توزيع الطرود الغذائية، تزامن مع تزايد خطر الأمن الغذائي ونقص الطعام بشكل حاد، حيث طالبت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في 18 مايو الماضي، المؤسسات الدولية والحقوقية بالتحرك الفوري لوقف مجازر الاحتلال المتواصلة سحق القطاع الذي يتعرض بعد استنئاف حرب الاحتلال منتصف مارس الماضي لموجة أكثر دموية ووحشية عن الفترات السابقة، من حيث استهداف المؤسسات الدولية والإغاثية وتدمير المربعات السكنية والمباني، ووقوع أعداد متزايدة من المدنيين من نساء وشيوخ وأطفال، وانتهاج أسلوب فرض المزيد من الإجراءات من تجويع، ومنع إدخال المساعدات الإغاثية.

بيان شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية
بيان شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية

وحذرت الشبكة في تقريرها الصادر على موقعها الرسمي، من أن انهيار الوضع الإنساني في القطاع مع استمرار القصف الدموي وسقوط مئات الشهداء لم يعد يخفى على أحد وتعلنه أقطاب حكومة الاحتلال يوميا مع التلويح بعودة الاستيطان لغزة بعد احتلال أجزاء واسعة منه والبقاء لمدة طويلة أمام استمرار صمت العالم وعدم القيام باي خطوات جدية لوقف هذه المجازر، داعيا لضرورة تأمين كافة المساعدات، ورفع الحصار عن القطاع والعمل من أجل صيغة كفيلة بتحقيق إدخال المساعدات والأغذية.

صعوبة كبيرة في وصول بعض المساعدات

وفي هذا السياق يؤكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن هناك صعوبة كبيرة في إيصال بعض المساعدات للأسر خاصة الأيتام لأن الطرق مغلقة بسبب انتشار الركام في الكثير من المناطق، موضحا أن عدد المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية في القطاع قلت بشكل كبير بسبب الدمار الذي لحق بها.

ويضيف مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن المجاعة بدأت تأخذ منحنى خطير في ظل نقص الإمدادات الغذائية وتوقف عدد كبير من المطابخ المجتمعية عن العمل والتوقف التام للمخابز في ظل نفاذ الطحين والدقيق وعدم القدرة على توريده إلا بأعداد قليلة للغاية .

ويوضح "الشوا"، أن الشبكة قدمت العديد من البرامج مع عودة النازحين لأماكنهم سواء بتوزيع المساعدات الغذائية والمياه والقطاع الصحى والخيام مع دخول أعداد من الخيام لتوزع بشكل مباشر خاصة للأسر التي فقدت منازلها أو تعيش في مراكز إيواء أو تعيش فوق ركام منازلهم.

1.9 مليون شخص يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي

وأكدت منظمة اليونيسف، في 2 يوليو الماضي، أن خطر المجاعة لا يزال قائما في جميع أنحاء قطاع غزة، لافتا إلى أن هناك  90% من السكان أي نحو 1.9 مليون شخص يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي، وأضافت منظمة اليونيسيف، في بيان لها، أن غارات إسرائيلية عنيفة على جباليا وأعداد الشهداء في تزايد مستمر.

مرض نضال

وتطرقت إلى مرض شقيقتها خلال الحرب بسبب كثرة معاناتها بعد استشهاد الزوج، مردفة :"مرضت نضال مرضا شديدا وأصبحت غير قادرة على المشي فأخذناها للمستشفى الأمريكى في منطقة الزوائد ولكنهم لم يتمكنوا من تشخيص الحالة، لنذهب بها إلى مستشفى يافا في دير البلح وطلب الطبيب العديد من التحاليل ولم تكن موجود أغلبها لتضطر إلى إجرائها في مختبر خاص ودفعت مبلغ مالي وظهر أن لديها التهابات شديدة في المفاصل ونقص العديد من الفيتامينات في ظل انتشار الجوع داخل القطاع".

هندسة جريمة تجويع منهجية

وحمل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، إذ عمدت إلى هندسة وتنفيذ جريمة تجويع منهجية، وأغلقت المعابر بشكل كامل طيلة 88 يومًا، مانعة دخول المساعدات الأساسية، قبل أن تدفع بالمدنيين إلى فوضى مهينة عند نقاط توزيع خاضعة لإشرافها، في مشهد يجسّد استخدام المعونة كسلاح للإذلال والإخضاع والتدمير، ويكشف الانهيار المتعمّد لأي إمكانية للوصول إلى الغذاء.

تقرير المرصد الآورومتوسطي
تقرير المرصد الآورومتوسطي

ولفت المرصد الأورومتوسطي في تقريره الذي نشره عبر موقعه الرسمي، إلى أنّ سلطات الاحتلال تعمدت تعطيل عمل المؤسسات الإنسانية الدولية ذات الخبرة في إدارة العمليات الإغاثية والوصول المنظم والعادل للسكان المدنيين في القطاع، وأسندت بدلًا من ذلك مهمة توزيع المساعدات إلى "مؤسسة غزة الإنسانية"، بدعم مباشر من إسرائيل والولايات المتحدة وتديره شركات أمنية أمريكية خاصة، في خطوة واجهت رفضًا واسعًا من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية التي اعتبرتها نموذجًا يُقوّض المبادئ الإنسانية، ويحوّل المساعدات إلى أداة للسيطرة السياسية والعسكرية، ويعرّض المدنيين لمخاطر التهجير القسري والمراقبة الأمنية المشددة.

وتضيف هالة الغول :"بعد شهر كامل من المرض ومع العلاج تم شفاءها بإذن الله وكانت نضال عندما تسمع عن مؤسسة للأيتام تذهب لكي تسجل أبنائها ودائما كانت تأخذ صفا معها، وعندما شهد القطاع هدنة مؤقتة لم تستطع العودة لمنزلها في أول الأيام بسبب غلاء المواصلات وحماتها ظلت عند ابنتها، وبعد شهر عادت شقيقتي وحماتها لمدينة غزة عن طريق شارع الرشيد، وعادت الجوح في جسدها تزداد بسبب كثرة المشي".

الزوجة تعود للمنزل بعد عام و4 شهور من النزوح، لأول مرة تدخل ولا تسمع صوت زوجها ولا تراه، لم تعاد على هذا الأمر فدائما زوجها كان ملازما لها، أصبح شعورها لا يمكن وصفه فجأة تذكرت أنها أصبحت وحدها مع أبنائها بدون عائل، شعرت بالفقد، فلا حبيب ولا سند، تذكرت أن أقرب الناس إليها لن تراه للأبد، وهنا تتحدث هالة الغول عن علاقة شقيقتها بزوجها قائلة :" فجأة نضال وجدت أن أبو السعيد لا يوجد بالبيت صوته غير موجود، وجع لا يوصف، خاصة أنهما تزوجا عن حب سبع سنوات لهذا كان الوجع كبيرا لأنها كانت متعلقة بزوجها، وتمنت الموت بعده لدرجة أنها سمت الصاروخ الذي قد يسقط عليها في الحرب بـ"صاروخ السعادة" من شدة الشوق لزوجها وكانت تدعي وتقول "يارب صاروخ السعادة من عندك"، مما يظهر مدى اشتياقها للالتحاق بزوجها.

شقاء الأم لتوفير احتياجات الأبناء بعد إتمام الهدنة المؤقتة

رحلة الشقاء لم تنته بعد إتمام الهدنة المؤقتة، فتدابير الحياة وضرورة توفير كافة الاحتياجات للأسرة لم تتوقف، وهنا تقول شقيقتها :" أصدقاء نضال أخبروها عن جمعية في جباليا لتسجيل الأيتام، وذهبت أول مرة في وقت متأخر وحكوا لها أن اليوم كان آخر يوم للتسجيل وتم غلق الباب لكنها حكت لهم أنها لم تتعمد التأخير ولكنها لم تجد الأموال التي تدفعها للمواصلات لأنها أصبحت مرتفعة للغاية، لتستجيب الجمعية لطلبها ولكنها سجلت فقط الابن الأصغر زين من بين سبعة أبناء، وطلبوا منها صورة للطفل أوراق خاصة به، لتعود في اليوم الثاني لتقدم الأوراق فطلبوا منها أوراق أخرى، لتطلب منها حماتها ألا تذهب للمرة الثالثة لأن منطقة جباليا خطرة وتشهد قصف متكرر، لكنها أصرت على الذهاب".

تكشف "هالة" تفاصيل يوم استشهاد شقيقتها مع ابنها الأصغر وابنتها الكبيرة، قائلة :" كنا يوم الخميس، وذهب إلى منزل أختي لأن ابني كان مريضا وذهبت به على النقطة الطبية التابعة للهلال الأحمر وهي قريبة من منزل نضال، وحينها أخبرنى الطبيب بمرض ابنى بشكل كبير وأنه لا يستطيع فعل شيء له ولابد من الذهاب به لمستشفى الرنتيسي للأطفال، حينها ذهبت لنضال كي أتحدث مع زوجى هاتفيا لأخبره ما حدث، وعندما ذهبت وجدت أبناء أختى يقبلون علي فرحا وسعداء بحضوري لمنزلهم، وسلمت عليهم جميعا وحكيت لهم ما حدث لابني".

صفاء ابنة نضال الغول
صفا ابنة نضال الغول

وتضيف:"سألتني نضال بصوت خافت هل تريدين أموال، فأكدت لها أننى لا احتاج ولكن أريد الحديث مع زوجي على الهاتف، وقررت شقيقتى يومها الذهب لجباليا لتسجيل ابنها في الجمعية، وأبنائها كانوا يرفضون خروجها خوفا عليها لكنها أصرت على الخروج في هذا اليوم، وظل الأبناء يبكون ويطلبون مني أن أقنع أمهم بالبقاء في المنزل ولكنها رفضت، وأردت جلبابها وخرجت هي وابنتها صفا وابنها زين وكان وجهها يشع نورا لم أراه من قبل، وقبل المغادرة سلمت على حماتها وكأنها تودعها ثم ذهبت لأحد صديقاتها وطلبت منها أن تعد لها طعام كبسة لأن ابنتها صفا تريد تناولها، ثم ذهبت لمدينة جباليا واستشهدت هناك مع بعض أبنائها".

أكثر من 714 ألف شخص نزحوا داخل غزة

وأكدت وكالة الأونروا، في بيان لها في 4 يوليو، أنه منذ انهيار وقف إطلاق النار في غزة منتصف مارس الماضي استشهد وأصيب عشرات آلاف المدنيين بالقطاع، لافتة إلى أن أكثر من 714 ألف شخص نزحوا داخل غزة منذ انهيار وقف إطلاق النار.

وحول تزايد جرائم الاحتلال على مدار شهور عديدة وتعمده استهداف الأطفال والنساء، يقول صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، إن تزايد أعداد الشهداء من السيدات وأطفالهن خلال تلك المجازر هو جزء من الوحشية الإسرائيلية وجريمة الإبادة الجماعية وجزء من عملية الانتقام.

ويضيف صلاح عبد العاطي في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الاحتلال يستخدم تلك الجرائم الوحشية ضد المدنيين كأداة ضغط من أجل الموافقة على مقترحات وقف إطلاق النار التي تريدها حكومة إسرائيل المتطرفة.

استهداف 256 مركزا للنزوح

ولعل أبرز دليل على تزايد مجازر الاحتلال، ما كشفه المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في 30 يونيو، بأن الاحتلال الإسرائيلي استهدف 256 مركزا للنزوح والإيواء تضم أكثر من 700,000 نازح منذ بدء الإبادة الجماعية في القطاع غزة.

وأكد أن إسرائيل واصلت ارتكاب جرائمه الممنهجة ضد المدنيين والنازحين في غزة، من خلال الاستهداف المتعمد والمتكرر لمراكز النزوح التي يفترض أنها ملاذ آمن للعائلات التي دمر الاحتلال منازلها في العدوان المتواصل، حيث تعمدت تل أبيب خلال شهر يونيو الماضي فقط استهداف أكثر من 11 مركزا للنزوح، في سياق جريمة منظمة تعكس استهتاره الفاضح بالقانون الدولي والاتفاقيات الإنسانية، ما يجعل استهدافهم مجدداً في مراكز اللجوء جريمة مضاعفة.

وأشار إلى أن معظم هذه المراكز هي مدارس تعليمية كان يفترض أن تُوفّر بيئة دراسية لعشرات آلاف الطلاب، قبل أن يحوّلها الاحتلال إلى أهداف للقصف، في انتهاك صريح لكل القوانين والمعايير الإنسانية والدولية، محملا إسرائيل والدول المنخرطة في الإبادة كامل المسؤولية عن استمرار هذه الحرب الوحشية المجنونة.

ذهبت نضال وتركت خمسة أبناء وهم سعيد عمره 16 عاما، وحنان 15 عاما، ورهف 14 عاما ومرح  وفرح عمرهما 6 أعوام، ما زالوا أطفال فقدوا الأب والأم والشقيقة الكبرى والأخ الأصغر، حيث تتحدث هالة الغول عن شعور أبناء شقيقتها :" يشعرون بالفقد الشديد، أطفال استشهد والدهم وراضينا وكذلك الأم والأخت والطفل له تأثير كبير على حياتهم، فأختي ما قصرت فيهم وكذلك والدهم الذي كان يدللهم ولم يحرمهم من أي شيء، ولكن الآن من سيحن عليهم !"، متابعة :" والدة الأب سيدة كبيرة لن تستطيع تربيتهم حيث تظل دائما جالسة على الكرسي لا تستطيع الحركة بشكل كبير، وجدهم توفى وليس لديهم سوى عم واحد غير متزوج، ووالدتي متوفية، فلا يوجد أحد يرعاهم، وعندما حاولت أخذ الأبناء في بيتي جدتهم رفضت لأنها لا تريد أن تظل بمفردها ولا تستطيع أن تعيل نفسها،  فنضال وابنتها صفا هما من كن يديران المنزل بالكامل ويتولون مسئولية الجدة".

فقدت الأم قبل الحرب بشهور ولم تجد أحد يرعى أبنائها

حياة نضال قبل الحرب لم تكن سهلة، خاصة أنها ظلت تخدم والدتها المريضة بالسرطان حتى توفت قبل الحرب بشهور قليلة، وكأنها تعلم بأن ابنتها لن تستطيع خدمتها خلال العدوان في ظل تكرار النزوح ونقص الطعام والأدوية، حيث يؤكد لؤي الغول، ابن خالتها، بأن حياتها كانت دائما معاناة، خاصة بعد فقدان والدتها، لتفجع بعدها بشهور باستشهاد زوجها الذي كان شابا هذا أثر عليها بشكل كبير.

ويقول لؤي الغول إن تحمل مسئولية سبعة أبناء هو أمر يصعب على كثير من الأمهات في الأوضاع الطبيعية فما بالنا بحرب ومجاعة ونزوح متكرر، مما جعل المسئولية على نضال أكبر من طاقتها، فكانت تضطر الهروب من مكان لآخر بشكل مستمر، وتوفير كميات تكفى كل أبنائها، وكانت تحمل رضيعا الذي كان يبلغ العام عندما بدأ العدوان، فكان عليها البحث عن لبن أطفال لإطعامه، بجانب رعاية حماتها المسنة، بينما لم تجد أحد يساعدها في رعاية أبنائها، متابعا :" يوم استشهادها اضطرت للذهاب من مخيم الشاطئ إلى جباليا حيث جمعية كفالة أيتام وتجمعت مع مجموعة من الأرامل والأطفال للحصول على مبلغ الكفالة فباغتهم الاحتلال بصاروخ استهدف الجمعية الخيرية ليقتل العشرات من السيدات والأطفال في الحال بينهم ابنة خالتى وزين ابنها الصغير وابنتها صفا".

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فرناندو باربيتو يقود مران منتخب الناشئين استعدادا لبطولة العالم لكرة اليد

نهاية الشوط الأول.. الأهلى يتقدم على بتروجت 2 - 1 وديا بهدفي مرعي وشريف.. صور

التحالف الوطني للعمل الأهلي ينشر أهم محاور خطته وبرامج العمل 2025 / 2026.. تعليم وتدريب ومبادرات إغاثية أهمها.. وخطط للتوسع في الانتشار الجغرافي بالتدخلات الإنسانية والرعاية الصحية وزيادة نشر ثقافة التطوع

وزير الرياضة يلتقى منتخب مصر لكرة السلة قبل منافسات لأفروباسكت.. صور

نتنياهو: "حماس تجوع أسرانا كما جوّع النازيون اليهود"


ريال مدريد يعزي وادى دجلة في وفاة بونجا حارس المرمى: رحمه الله

زيزو وتريزيجيه وشريف يقودون هجوم الأهلى فى ودية بتروجت

أبو عبيدة يرد على طلب نتنياهو بإدخال طعام للأسرى في غزة: مستعدون لكن بشرط

بعد حلقته مع سوزى الأردنية.. القبض على التيك توكر محمد عبد العاطى

"شاكر محظور وسوزى الأردنية".. جمعهما لايف التيك توك وتحقيقات النيابة


أخبار مصر.. الطقس غدا حار ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 35 درجة

نتيجة تنسيق المرحلة الأولى.. مفأجاة طب أسنان سوهاج والمنصورة الأعلى مجموعا

نتيجة تنسيق المرحلة الأولى.. طب القاهرة الأعلى مجموعا والحد الأدنى 303.5 درجة

محمد صلاح يتصدر قائمة صانعي الفرص فى أوروبا قبل انطلاق الموسم

بيراميدز يكشف حقيقة التفاوض مع وسام أبو علي بعد فشل قيده فى أمريكا

بيراميدز يترقب موقف أحمد عبد القادر تمهيدًا لضمه بعد الرحيل عن الأهلي

"تحويلات ومجوهرات ومخدرات".. أحراز التيك توكر فى قبضة الداخلية

ريبيرو فى حيرة بين تريزيجيه وبن شرقي لقيادة الأهلي أمام مودرن سبورت

نتيجة تنسيق المرحلة الأولى.. 89.84% حد أدنى للهندسة و88.75% للتخطيط العمراني.. صور

الداخلية: ضبط تيك توكر ومدير أعماله بحوزتهما حشيش وسلاح.. فيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى