5 سنوات على جريمة دون جناة.. إلى أين وصلت تحقيقات انفجار مرفأ بيروت؟.. المحقق العدلي يستعد لإعلان مفاجآت التحقيقات.. عون يتعهد بإظهار الحقيقة وتقديم الجناة إلى العدالة أيا كانت مناصبهم.. وفرنسا تحث على العدالة

يحيي لبنان اليوم ذكرى انفجار مرفأ بيروت، وتتزامن الذكرى الخامسة، مع قرب إعلان نتائج التحقيقات القضائية التي أجراها المحقق العدلي اللبنانى القاضي طارق البيطار بشأن الجريمة الأكثر إيلاما للشعب الللبنانى، وتخطي العقبات التي اعترضت الملف وجمدته لأكثر من ثلاث سنوات وسط شكوك واتهامات بالتستر على الجناة الحقيقيين خوفا من الكشف عنهم.
يتزامن هذا أيضا مع إقرار مجلس النواب مؤخرا قانون استقلالية القضاء، وكذلك مع إقرار صيغة توافقية للتشكيلات القضائية، مما هيأ الظروف لتحريك الملف الأكثر خطورة فى لبنان.
ويعد انفجار المرفأ ثانى أقوى انفجارات العالم غير النووية، والذى نجم عن اشتعال أطنان من نترات الأمونيوم كانت جزءا من حمولة تقدر بـ2750 طنا تم تخزينها في العنبر رقم 12 بعد مصادرتها من سفينة رست بالمرفأ منذ 2014. وأسفر الانفجار عن أكثر من 200 شهيد و نحو 6500 مصاب، وتشريد آلاف العائلات ممن خسروا منازلهم.
من جانبها قالت السفارة الفرنسية في لبنان، إن وضع حد للإفلات من العقاب يُعد أمرًا أساسيًا من أجل نهوض لبنان فمن دون عدالة، لا قيام لدولة القانون، وأشادت فرنسا بالجهود المبذولة لكشف الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة للضحايا وكل من أصابته هذه الفاجعة".
كشف الحقيقة
جاء استئناف التحقيق فى القضية بعد تجميد دام 3 سنوات ، كترجمة فورية لما تعهد به رئيس الجمهورية جوزيف عون فور انتخابه، بأنه سيدفع باتجاه استكمال التحقيقات، وتمثلت الثمرة الأولى لذلك بإعلان النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار استئناف التعاون مع المحقق العدلي وتنفيذ المذكرات التي تصدر عنه.
من جانبه تعهد الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون، بكشف الجناة وتقديمهم للعدالة، وأكد أن بلاده بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة لانفجار مرفأ بيروت، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب، فالعدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطال الجميع من دون تمييز.
وقال الرئيس عون في كلمة له بمناسبة الذكرى الخامسة على وقوع الانفجار: "لقد عاهدت الشعب اللبناني منذ توليت مسؤولياتي الدستورية على أن تكون محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة الكبرى أولوية قصوى، وأن لا يفلت من العقاب كل من تسبب بإهماله أو تقصيره أو فساده في هذه الكارثة الإنسانية".
وأكد أن الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة،قائلا: "إننا نعمل بكل الوسائل المتاحة لضمان استكمال التحقيقات بشفافية ونزاهة، وسنواصل الضغط على كل الجهات المختصة لتقديم كل المسؤولين إلى العدالة، أيا كانت مراكزهم أو انتماءاتهم".
استجوابات
وخلال الشهور الماضية تم عقد عشرات الجلسات لاستجوب سياسيين وقادة أمنيين وعسكريين وقضاة وموظفين كباراً في مرفأ بيروت، أبرزهم رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام السابق لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، فيما امتنع أربعة عن المثول أمامه هم: الوزيران السابقان (النائب الحالي) علي حسن خليل ويوسف فنيانوس (صدرت بحقهما مذكرتا توقيف غيابيتان)، بينما امتنع عن المثول أمامه مؤخراً وزير الأشغال السابق النائب الحالي غازي زعيتر، والنائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات.
وكشف مصدر قضائي ـ وفق موقع "المركزية" اللبنانى ـ أن القاضى البيطار بات قاب قوسين أو أدنى من ختم التحقيق وإحالة الملفّ على النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها بالأساس قبل إصدار القرار الاتهامي، موضحا أن البيطار ينتظر ورود أجوبة من 6 دول طلب منها معلومات حول وقائع محددة تتعلق بجريمة المرفأ، مشيراً إلى أن قاضي التحقيق العدلي سيكون أمام احتمالين: الأول ختم التحقيق بالوضع الحالي وإصدار القرار الاتهامي في مهلة أقصاها نهاية العام الحالي، والثاني أن يتريث إلى أن تبت محاكم التمييز والهيئة العامة لمحكمة التمييز بدعاوى الرد والنقل والمخاصمة المقامة ضدّه من قبل سياسيين وأمنيين ملاحقين في القضية.
ورجح المصدر القضائي أن يستدعي المحقق العدلي كل الذين استجوبهم بعد استئناف تحقيقاته ويطلب منهم المثول أمامه، ويبلغهم القرارات التي سيتخذها بشأنهم، وهذه القرارات تتراوح بين من يتمّ تركه بسند إقامة ومن يُترك رهن التحقيق ومن يصدر بحقه مذكرة توقيف وجاهية، مشيراً إلى استحالة أن يحال الملف على المجلس العدلي من دون أن يقرر مصير من خضعوا للاستجواب ويحدد وضعهم القانوني. أما بشأن الموقوفين الـ17 الذين أمر القاضي عويدات بالإفراج عنهم متخطياً المحقق العدلي، فتوقع صرف النظر عن توقيفهم باعتبار أنهم أمضوا فترة طويلة بالسجن.
كواليس التحقيقات
وكان ملف جريمة المرفأ تعرض للتعطيل منذ 24 ديسمبر 2022، بناء على دعاوى الرد والمخاصمة التي قدّمت ضده، آخرها من وزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر، ثم تسارعت وتيرتها حتى بلغت 43 دعوى.
ومن جانبه، أصدر البيطار في 23 يناير من عام 2023 دراسة قانونية اعتبر فيها أن المحقق العدلي لا يمكن مخاصمته أو رده عن الملف، وأعلن تخطي كل هذه الدعاوى واستئناف التحقيق، وأصدر لائحة ادعاء جديدة بينها اسم النائب العام التمييزي (السابق) القاضي غسان عويدات والمحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، حينها سارع عويدات إلى الادعاء على البيطار بانتحال صفة محقق عدلي واغتصاب سلطة.
كما أصدر مذكرة إحضار بحقه وقراراً بمنعه من السفر، ولم يكتف بذلك، بل اتخذ قراراً بالإفراج عن 17 موقوفاً بملف المرفأ، كان البيطار رفض مراراً إخلاء سبيلهم.
ولا تزال كل هذه الدعاوى عالقة، ولم تصدر محاكم التمييز قرارات بقبولها أو رفضها.

Trending Plus