حرائق وجفاف وضحايا.. أوروبا تشتعل مع موجة حر غير مسبوقة تضرب القارة العجوز.. ارتفاع أسعار الكهرباء بسبب أجهزة التكييفات خاصة فى النمسا وألمانيا.. والبرتغال وإسبانيا تعلنان الطوارئ

تشهد أوروبا خلال صيف 2025 واحدة من أقسى الموجات الحارة التي ضربت القارة في العقود الأخيرة، وسط تحذيرات من استمرار الظواهر المناخية المتطرفة بسبب التغير المناخي. ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في عدة دول، تتفاقم الأزمات الصحية والبيئية، بينما تبقى الحكومات في سباق مع الزمن لتخفيف الآثار.
حرّ لا يُحتمل: درجات الحرارة تتجاوز 45 مئوية في بعض المناطق
سجلت كلا من إيطاليا وإسبانيا حرارة تجاوزت 45 درجة مئوية فى بعض المناطق الداخلية ، خاصة فى صقلية والأندلس، حيث اندلعت عشرات الحرائق ، وفى فرنسا شهدت درجات حرارة غير مسبوقة في الجنوب، ورفعت وزارة الصحة حالة التأهب في أكثر من 30 إقليمًا.
كما هو الحال فى اليونان ، حيث أجبرت السلطات على إغلاق الأكروبوليس وبعض المواقع الأثرية خلال النهار، بعد أن تجاوزت الحرارة 44 درجة مئوية في أثينا، حتى دول الشمال مثل ألمانيا وهولندا والدنمارك، فقد سجلت ارتفاعًا غير معتاد، حيث تراوحت الحرارة بين 32 و37 درجة، ما أثر على البنية التحتية وشبكات الكهرباء.
دخلت البرتغال في حالة تأهب وأعلنت الطوارئ بدءًا من منتصف ليل الأحد وحتى مساء الخميس 7 أغسطس، بسبب موجة حر شديدة تهدد باندلاع حرائق في مساحات واسعة من البلاد، وفقًا لما أعلنته وزيرة الإدارة الداخلية ماريا لوسيا أمارال.
وتوقعت السلطات أن تتراوح درجات الحرارة بين 36 و44 درجة مئوية، مع انخفاض كبير في معدلات الرطوبة، ما يرفع مستوى الخطر في المناطق الريفية والغابات.
التغيرات المناخية تتسبب في اضطرابات واسعة
كما أدت ارتفاع درجات الحرارة فى القارة العجوز ، إلى حرائق مدمرة فى إسبانيا والبرتغال وكرواتيا ، التى أجبرت آلاف السكان على الإخلاء، وأتت على آلاف الهكتارات من الأراضي.
كما أن موجات الجفاف تهدد الزراعة في فرنسا وإيطاليا وهنجاريا، حيث تراجعت مستويات المياه في الأنهار الكبرى مثل نهر "الراين" و"البو" إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات.
وفى رومانيا وبلغاريا ، فقد تراجعت معدلات الأمطار بنسبة 40%، مما أثّر على محاصيل الذرة وعباد الشمس.
آثار صحية واقتصادية مقلقة
كما أفادت مراكز الأرصاد الوطنية أن الموجة الحارة تسببت بزيادة حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس، خصوصًا بين كبار السن والعاملين في الهواء الطلق، ففى فرنسا وحدها تم الإبلاغ عن أكثر من 8 آلاف حالة طارئة مرتبطة بالحر ، كما ارتفعت أسعار الكهرباء بسبب أجهزة التكييف خاصة فى النمسا وألمانيا، و قطاع السياحة يعاني من تقلبات ، في بعض المناطق فُرضت قيود على التحرك والسباحة، بينما ارتفعت الحجوزات نحو الدول الأقل حرارة مثل "النرويج وأيرلندا".
خبراء المناخ: "الأسوأ لم يأتِ بعد"
يحذر علماء المناخ من أن الموجات الحارة المتكررة أصبحت الآن القاعدة لا الاستثناء، نتيجة استمرار الاحتباس الحراري. ووفقًا لتقارير الوكالة الأوروبية للبيئة ، فقد ارتفعت حرارة أوروبا بمعدل ضعف المعدل العالمى خلال الـ 30 عاما الماضية ، كما شهدت أوروبا ذوبان الجليد فى جبال الألب وانخفاض الغطاء النباتى يفاقم أزمة المناخ.
ورفعت المفوضية الأوروبية مستوى التأهب لمواجهة الكوارث المناخية وأطلقت مساعدات عاجلة للدول المتضررة، وتطبق العديد من الدول خططا محلية مثل إسبانيا التى فرضت قيودا على استهلاك المياه فى بعض الأقاليم وفرنسا وسعت محطات تبريد المدن المخصصة لكبار السن.
لكن منظمات بيئية اعتبرت أن هذه التدابير "عاجلة لا جذرية"، داعية إلى تسريع التحول الأخضر وتقليل الانبعاثات الكربونية قبل فوات الأوان.
ومع استمرار التحذيرات وازدياد عدد الوفيات والتكاليف الاقتصادية والبيئية، يبدو أن أوروبا تدخل فصلًا جديدًا من علاقتها بالمناخ. "صيف 2025 ليس استثناءً، بل بداية نمط جديد من الطقس"، تقول خبيرة المناخ الفرنسية كلير دومينيك، مؤكدة أن "المطلوب الآن هو تحرك شامل لا مجرد استجابة موسمية".

Trending Plus