انتخابات الشيوخ المشاركة والحوار.. الإشراف القضائى ورصيد الثقة

اليوم تنتهي انتخابات مجلس الشيوخ بالداخل، وسبقها تصويت المصريين في الخارج، الذي مر بشكل سلس، وشهد حضورًا كبيرًا من قبل مواطنينا خارج البلاد، والذين جرت العادة أنهم في كل مناسبة يقفون مع بلدهم، ويحرصون طوال السنوات الماضية على المشاركة في كل الاستحقاقات الدستورية، وربما يكون رد فعل المصريين في مواجهة التحديات والاستهدافات الخبيثة هو الالتفاف حول بلدهم، والسخرية من الألاعيب الصغيرة، لتنظيم الإرهاب الإخواني أو حلفاء الصهيونية وإخوان نتنياهو.
انتخابات مجلس الشيوخ تُجرى في 8286 مدرسة ووحدات صحية تسهل على المواطنين مقرًا انتخابيًا على مستوى الجمهورية، ما بين الإدلاء بأصواتهم، بإشراف قضائي كامل بمشاركة 9500 قاضٍ، تمت مراعاة توزيعهم على لجان في محل إقامتهم، وهناك 2500 قاضية يُشرفن على الانتخابات خارج محل إقامتهن، وحسب إحصائيات الهيئة الوطنية للانتخابات، يحق لنحو 63 مليون ناخب مصري مقيد في قاعدة البيانات، التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ 2025.
هناك قائمة لعدة أحزاب تتضمن 100 مقعد تم التوافق عليها، ويخوض 428 مرشحًا السباق على 100 مقعد، ويتبقى 100 مقعد بالتعيين من رئيس الجمهورية.
شهد تصويت المصريين بالدول العربية والأوروبية حضورًا كبيرًا، ومشاركة وسط أجواء احتفالية، في تأكيد التزام المصريين بالمشاركة، وتفويت الفرصة على المساعي التافهة لأنصار صهيون، وانعكس الأمر على الداخل، وشهد اليوم الأول لانتخابات الداخل حضورًا معقولًا يتوقع أن يتجاوز ضعف الحضور في انتخابات مجلس الشيوخ السابقة، التي جرت في أجواء كورونا، ضمن إجراءات احترازية، ومع هذا كان الحضور جيدًا، وفي الواقع فإن مصر لم تؤخر أو تعلق استحقاقًا دستوريًا، طوال أكثر من 10 سنوات، مهما كانت الظروف والتحديات.
طالب المصريون في الخارج منذ سنوات بممارسة حقهم في الترشح والتصويت، وأن يكون لهم ممثلون في المجالس النيابية، وهو ما تحقق في دستور 2014 وتأكد في التعديلات الدستورية 2019 التي أعادت مجلس الشيوخ، بعد أن تم إلغاؤه في المرة الأولى، وعاد برغبة ومطالب ومناقشات. حصل المصريون بالخارج على حق التصويت، ولهذا يحرصون على استخدام هذا الحق، مثلما يفعلون في الدول التي يعيشون ويندمجون بها، بجانب رغبة في المشاركة بسياسات بلدهم، وتحقيق مطالبهم في تسهيلات الاستثمار والتفاعل مع الاقتصاد، وهو ما تحققت منه مطالب انعكست خلال مؤتمر المصريين بالخارج، الذي عقدت الخارجية نسخته الثالثة 3 و4 أغسطس الجاري.
تم تنفيذ الانتخابات النيابية والرئاسية طوال سنوات مواجهة الإرهاب أو في وقت انتهاء كورونا، حتى في ظل غليان إقليمي، أو حروب وصراعات وآخرها الحرب في غزة التي تستمر وتقارب من عامين، وتقف فيها الدولة المصرية بثبات وصمود دفاعًا عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومواجهة التهجير أو تصفية القضية، وهو موقف ودور صلب نجحت خلاله مصر في توضيح القضية، وإقناع دول كبرى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
بالعودة إلى انتخابات مجلس الشيوخ، فقد ظهرت مؤشرات الحضور من المصريين في الخارج، وانعكست في إقبال متزايد من المواطنين بما يثبت وعيًا متناميًا بأهمية ودور مجلس الشيوخ، كمجلس خبرات وتفاعل ومناقشة لمشروعات القوانين، بجانب كونه مجالًا لطرح ومناقشة مطالب المصريين الاجتماعية والسياسية، وتفاصيل التعامل مع ما يُطرح من سياسات أو تحركات ومواقف حكومية، لأن مجلس الشيوخ له دور تشريعي مهم، يتجاوز كونه مجلسًا استشاريًا بما يحتويه من خبرات فنية ونقابية وأكاديمية، وصلاحيات تمكنه من دراسة مشروعات القوانين وإبداء الملاحظات عليها ورفعها إلى مجلس النواب، وله السلطة لاستدعاء الأطراف المسؤولة، والخبراء في حوارات مجتمعية يمكن أن تلعب دورًا في التواصل بين المواطن والحكومة، بما يجعله جرسًا لنقل نبض الشارع إلى المسؤولين، ويُجري حوارات مجتمعية موسعة، ويمكنه استدعاء الخبراء وأصحاب المصلحة للمشاركة في مناقشة أي تشريع أو قانون، بما يضمن صدور قوانين تُعبّر عن احتياجات المواطنين وتراعي المصلحة العامة.
خلال الانتخابات، هناك بالفعل جهد واضح للهيئة الوطنية للانتخابات، في انتخابات الخارج والداخل، من حيث الشفافية والتسهيلات، وهناك تعاون من وزارتي التنمية المحلية والداخلية، التي تؤمن المقار والناخبين، والدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها استعدت بشكل واسع ومنظم لانتخابات مجلس الشيوخ، من خلال تيسير إجراءات التصويت في اللجان، وتعزيز التأمين الكامل بمحيطها، مشيدًا بالدور الذي تقوم به الشرطة في تأمين الشوارع والممرات المؤدية إلى مقار الاقتراع.
وجود إشراف قضائي كامل على الانتخابات، وتخصيص قاضٍ لكل لجنة، يبعث برسالة طمأنة ويدعم الثقة في نزاهة العملية الانتخابية، وقد استمر الإشراف القضائي - بناء على مطلب الرئيس عبدالفتاح السيسي - الذي كان يُفترض أن ينتهي 2023، لكن استجابة الرئيس للحوار الوطني جعلته مستمرًا في الانتخابات الرئاسية أو مجلس الشيوخ والنواب، وهو أمر إيجابي يضاعف من الثقة، ويشجع على المشاركة، وتوسيع المجال العام، واستكمال الحوار الوطني والمجتمعي.


Trending Plus