المشروعات الصغيرة ركيزة الاقتصاد وأداة تحقيق التنمية الشاملة.. تيسيرات وتسهيلات فى القانون لتشجيع ريادة الأعمال وتوفير فرص عمل للشباب.. وتقديم حوافز مالية وضريبية وطفرة كبيرة فى الحصول على التراخيص والموافقات

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة اهتمامًا متناميًا بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باعتبارها إحدى الأدوات الرئيسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وخلق فرص العمل، ودمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية، وهو ما يعكس توجهًا استراتيجيًا من الدولة نحو تحفيز ريادة الأعمال وبناء اقتصاد إنتاجي قادر على المنافسة.
وتمثل المشروعات الصغيرة ركيزة حقيقية لبناء اقتصاد قوي ومتوازن، وتؤكد رؤية الدولة المصرية أن الطريق نحو التنمية الشاملة يبدأ من دعم الابتكار وتمكين الشباب، وتوفير بيئة تشريعية ومؤسسية حاضنة لريادة الأعمال، ومع تضافر جهود الدولة والبرلمان والقطاع الخاص، تبدو الفرصة سانحة لتحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، يسهم في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز مكانة مصر الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويُعد القانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أحد أهم التشريعات التي صدرت في هذا الإطار، إذ وضع أسسًا واضحة لدعم هذه المشروعات، من خلال تبني سياسات تمويلية وضريبية مبسطة، وآليات فنية تسهل بدء واستمرار النشاط الاقتصادي لأصحاب المشروعات ورواد الأعمال.
وجاءت توجيهات القيادة السياسية الدائمة لتضع دعم المشروعات الصغيرة على رأس أولويات الحكومة، وقد تُرجم هذا الاهتمام إلى إنشاء جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، ليكون مظلة تنسيقية تضم أكثر من 25 جهة حكومية معنية، وتقدم عبره مختلف أشكال الدعم الإداري والتمويلي والتدريبي.
ويعمل الجهاز، بالتعاون مع الوزارات المختلفة، على تبسيط الإجراءات أمام الراغبين في إنشاء مشروعات جديدة، وتقديم حوافز مالية وضريبية، وتوفير التدريب اللازم لرفع كفاءة العاملين، فضلًا عن تسهيل حصول المشروعات على التراخيص والموافقات التشغيلية، وهو ما يمثل بيئة حاضنة للمشروعات الناشئة والصغيرة.
وينص القانون 152 على العديد من التيسيرات والإعفاءات غير المسبوقة، حيث أعفى المشروعات الصغيرة من ضريبة الدمغة ورسوم التوثيق والشهر العقاري لعقود تأسيس الشركات والمنشآت، وعقود التسهيلات الائتمانية، والرهن، وتسجيل الأراضي اللازمة للمشروعات، إلى جانب تخفيض الرسوم الجمركية إلى 2% فقط على الآلات والمعدات المستوردة بهدف تشغيل هذه المشروعات.
كما قدمت وزارة المالية، بموجب القانون، نظامًا ضريبيًا مبسطًا يعتمد على حجم المبيعات السنوية، بحيث تبدأ الضريبة من ألف جنيه سنويًا للمشروعات التي تقل مبيعاتها عن 250 ألف جنيه، وتصل إلى 1% فقط من حجم الأعمال للمشروعات التي تتراوح مبيعاتها بين 3 و10 ملايين جنيه. ويأتي ذلك في إطار تشجيع أصحاب المشروعات العاملة في القطاع غير الرسمي على توفيق أوضاعهم والانضمام إلى الاقتصاد الرسمي، بما يضمن لهم الاستفادة من مزايا القانون والخدمات التي تقدمها الدولة.
وفي إطار رؤية الدولة لتعزيز ثقافة العمل الحر والابتكار، تسعى الحكومة حاليًا إلى دمج مفاهيم ريادة الأعمال في المقررات التعليمية، لا سيما في التعليم الفني والتعليم التكنولوجي، الذي يشهد تطورًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، ويستهدف هذا التوجه إعداد جيل جديد من الشباب يمتلك المهارات الفنية والإدارية التي تؤهله لقيادة مشروعات ناجحة تساهم في دعم الاقتصاد الوطني، وإدراج مادة لريادة الأعمال في المناهج الدراسية، ضمن جهود نشر الوعي بثقافة المشروع الخاص والتشجيع على الابتكار منذ مراحل التعليم المبكرة.
وتحظى المشروعات الصغيرة باهتمام مجلس النواب ايضا، وتمثل ذلك من خلال متابعة تنفيذ القانون وتقييم أثره على أرض الواقع، ومراجعة أداء الجهات المعنية، وتحديد التحديات التي تواجه أصحاب المشروعات، والعمل على تذليل العقبات بالتعاون مع الحكومة، ورصد المعوقات التشريعية والتنظيمية التي قد تعوق تحقيق أهداف القانون، وتقديم مقترحات لتعديل السياسات أو التشريعات إذا لزم الأمر، في إطار الحرص على ضمان استفادة أكبر عدد ممكن من المواطنين من التيسيرات التي أتاحها القانون.
وتُظهر الأرقام أن المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر تُسهم بحوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تستوعب نسبة كبيرة من حجم العمالة، مما يجعلها محركًا أساسيًا للنمو، وأداة فعالة لمحاربة البطالة، خاصة في المناطق الريفية والمحافظات الحدودية، وفي ضوء خطة الدولة للتنمية المستدامة، فإن دعم هذا القطاع يمثل ضرورة وطنية، تتجاوز البعد الاقتصادي إلى البعد الاجتماعي، من خلال تمكين الفئات المهمشة وتحقيق العدالة التنموية، كما تسعى الحكومة أيضًا إلى الترويج للشركات الناشئة على المستويين الإقليمي والدولي، لتوسيع فرص التمويل والشراكة وزيادة صادرات الخدمات والمنتجات المصرية.

Trending Plus