بدأت بـ 4 ساعات ووصلت لـ 8.. كيف تغيرت دورة النوم عبر العصور؟

ثمانى ساعات كل ليلة عبارة مألوفة لدرجة أنها تعتبر من المسلمات، فدائما ما تنقضى فى العمل على سبيل المثال، وكأنها حقيقة بيولوجية ثابتة، لكن إذا نظرنا أيضا في أنماط النوم عبر التاريخ، سنكتشف أن احتياجاتنا للنوم ليست ثابتة، بل تتشكل بفعل الزمان والثقافة.
النوم على مرحلتين.. عادة قديمة
وفقًا لأبحاث المؤرخ روجر إكيرش، لم يكن الناس في الماضي ينامون بشكل متواصل كما نفعل اليوم، بل كان نومهم يقسم إلى مرحلتين، فبعد الغروب، يخلدون للنوم لأربع ساعات تقريبًا، ثم يستيقظون لفترة قصيرة قبل أن يعودوا إلى "النوم الثاني" حتى الفجر، وخلال هذه اليقظة الليلية، كانوا يقرأون، يتأملون، يصلون، وكان هذا طبيعيًا تمامًا، وفقا لما ذكره موقع هيستورى.
والنمط ثنائي الطور كما يطلقون عليه ذكر في كتابات ليفي وبلوتارخ وفيرجيل وهوميروس، وظهر أيضًا في ممارسات المجتمعات المسيحية والأفريقية في العصور الوسطى، لكن هذا الشكل من النوم تراجع مع دخول الحداثة.
الليل يتغير.. "الإنارة الصناعية تبدل كل شيء"
مع انتشار الإضاءة الصناعية في أوروبا خلال القرن السابع عشر، بدأ الليل يفقد طابعه الطبيعى، وبحلول عام 1700، أصبحت خمسون مدينة أوروبية تملك إنارة شوارع ممولة بالضرائب، ما شجع الناس على الخروج ليلاً، تدريجيًا تحول الليل من وقت خاص بالنوم والهدوء إلى وقت للأنشطة الاجتماعية.
فى أمريكا، أضاءت بالتيمور شوارعها بالغاز عام 1816، ومع انتشار الكهرباء لاحقًا، أصبحت الليالي أكثر إشراقًا، هذه التغيرات أدت إلى تأخر وقت النوم وتحول النوم إلى فترة واحدة طويلة تمامًا كما نعرفها اليوم.
التصنيع يعيد تشكيل نومنا
الثورة الصناعية أسهمت في ترسيخ نمط النوم الموحد، إذ فرضت جداول عمل صارمة تتطلب الاستيقاظ المبكر، صارت المدارس أكثر تنظيمًا، وبدأت كتب تربية الأطفال تحث على التخلي عن النوم المتقطع منذ عشرينيات القرن التاسع عشر.
وبمرور الوقت، أصبحت ساعات المنبه رموزًا لنظام جديد يخضع الجسد لإيقاع الإنتاج، وبلغ التغيير ذروته خلال الحرب العالمية الثانية، عندما اضطرت الحكومة الأمريكية لرفع الحظر عن صناعة المنبهات بسبب حاجة العمال للالتزام بمواعيد المصانع.
من يقظة واعية إلى أرق مرضى
فى العصور الوسطى، كانت اليقظة الليلية تعتبر سلوكًا طبيعيًا، من أجل الحماية من البق، والحرائق، وحتى الأرواح الشريرة لكن بحلول أواخر القرن التاسع عشر، بدأ يُنظر إلى عدم النوم المتواصل على أنه مرض يعرف بالأرق.
اليوم، نمجد النوم المتواصل لثماني ساعات، بينما نحاصر بأنماط حياة لا تهدأ، المفارقة أن العلم الحديث يشير إلى أن النوم المتقطع، أو "ثنائي الطور"، قد يكون في الواقع أكثر توافقًا مع احتياجاتنا البيولوجية الفطرية.

Trending Plus