بيشوى رمزى يكتب: المعبر بين البعد السيادي والإنساني.. كيف تسعى إسرائيل و"إخوانها" إلى ابتزاز مصر عبر رفح؟.. مناهضة التهجير أضفت حماية لـ"سيادة" القضية.. ونتنياهو يسعى للتصدي لدور القاهرة في رعاية حل الدولتين

قوافل المساعدات أمام معبر رفح
قوافل المساعدات أمام معبر رفح

خصوصية كبيرة يحظى بها معبر رفح، ليس فقط على المستوى المصري، وإنما بات يتجاوز في رمزيته الداخل، نحو أفاق إقليمية وربما دولية أرحب، باعتباره البوابة التي تطل منها الأراضي الفلسطينية، على العالم الخارجي، بالإضافة إلى كونه النافذة التي تمثل طوق النجاة الوحيد لملايين البشر المحاصرين بفعل الاحتلال، خاصة في أزمنة التصعيد، وهو ما يبدو بوضوح خلال 22 شهرا تقريبا، منذ أحداث السابع من أكتوبر، حيث تتوجه أنظار العالم بأسره نحو المعبر، باعتباره الوحيد الذي لا يخضع لسيادة إسرائيل، بين 5 معابر أخرى، مما يضع المزيد من المسؤولية على كاهل الدولة المصرية، على العديد من المسارات، التي تتراوح بين السياسة والأخلاق، ناهيك عن البعد الإنساني.

ولعل الحديث عما يحظى به المعبر من أهمية، ذات طبيعة خاصة، تتجاوز في جوهرها مجرد كونه منطقة حدودية مع أراض محتلة، وما يرتبط بذلك من ترتيبات أمنية وإجراءات استثنائية لحماية الأمن القومي المصري، إلى حالة إقليمية جمعية، باعتباره يربط الإقليم والهوية بالقضية المركزية، مما أضفى المزيد من الزخم إلى الدور الذي يلعبه، ليصبح أحد النقاط المركزية، ليس فقط في إطار المساعدات المقدمة لأهل القطاع، وإنما صار قبلة الزعماء والمسؤولين الدوليين، ليعلنوا منه مواقفهم تجاه فلسطين، فمن أمامه، استبق رئيس وزراء إسبانيا قراره بالاعتراف بالدولة المنشودة، بالإعلان من أمام المعبر، وهناك أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو سهام الإدانة نحو بنيامين نتنياهو وحكومته بسبب ما يرتكبه الاحتلال من انتهاكات تجاوزت القصف نحو التجويع، وغيرهم من المسؤولين الذي جاءوا من مختلف الأنحاء لمتابعة سير المساعدات، وليرصدوا الجهود المبذولة من قبل الدولة المصرية لإنقاذ ملايين البشر داخل القطاع.


الرمزية السياسية التي حظى بها معبر رفح، سعت بعض الأطراف، المناوئة للقضية الفلسطينية إلى استخدامها، لمحاربة الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية، في إطار إنساني، عبر تحويله إلى أداة ابتزاز، يمكن من خلالها استغلال جماعات وفصائل، وربما دولا تتماهي أيديولوجيتهم مع نتنياهو وحكومته، لإلقاء الاتهامات على مصر باعتبارها مشارك في حصار القطاع وسكانه، وهو ما يخدم مصلحة الاحتلال في المقام الأول، خاصة بعدما انكشف للعالم حجم الانتهاكات التي يرتكبها، والتي تصل طبقا للقوانين والأعراف الدولية إلى حد ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.


ويتجلى الهدف الرئيسي وراء الحملات الدعائية التي تتبناها إسرائيل و"إخوانها"، في تقويض الدور المصري المناوئ للمخططات التي رسمها الاحتلال، والتي تعتمد في الأساس على تهجير سكان القطاع، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية، وهو الهدف الذي تصدت له مصر منذ اليوم الأول من اندلاع الحرب على غزة، قبل عامين.


وبالنظر إلى الموقف المصري، الرافض للتهجير، ما يرتبط به من حماية سيادة الدولة وأراضيها، نجد أن ثمة بعدا آخر لا يقل أهمية، وهو حماية "سيادة" القضية نفسها، فتمرير المخطط الإسرائيلي يكتب كلمة النهاية لحل الدولتين، وانهيار الشرعية الدولية القائمة على حماية حق الفلسطينيين في بناء دولتهم المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو، وهو ما ترفضه ليس إسرائيل وحدها، وإنما أيضا الجماعات الأخرى التي تحمل لواء العداء تجاهها ظاهريا بينما في واقع الأمر تتماهى معها أيديولوجيا، حيث برز التحالف بينهما في موقفهما الموحد تجاه مصر، عبر تشويه مواقفها، وهو ما تجلى في مشهد السفارة العبثي، أو حتى في الخطاب الذي يتبناه بعض الرموز والقيادات، والمعروفين بانتماءاتهم المناوئة لمفهوم الدولة والمؤسسات، لصالح رؤى الجماعة.


إدارة الدولة المصرية للمعبر، وإن كان ذو طبيعة سيادية، باعتباره تحت سيطرتها، فإنها تضع في اعتبارها مسارات أخرى، أبرزها البعد الإنساني، وهو ما يبدو في حجم المساعدات والشاحنات، التي تنتظر المرور إلى الجانب الآخر من رفح لنجدة ملايين الفلسطينيين المحاصرين بين مطرقة القصف وسندان الجوع، في غزة، بينما لم تغلقه إطلاقا في وجه المصابين الذين دخلوا إلى أراضيها للعلاج، في حين يحمل في الوقت نفسه مسارا سياديا متجاوزا المفهوم التقليدي للسيادة، والذي يقتصر على حماية الأمن الداخلي، وإنما امتد إلى مفهوم "سيادة القضية"، والتي يسعى الاحتلال إلى انتهاكها عبر تمرير مخطط التهجير تحت شعارات إنسانية، بهدف تقويض الشرعية الدولية والقضاء على أي أمل في تأسيس الدولة المنشودة.


الهدف الرئيسي من الحملة الممنهجة التي تديرها إسرائيل وتنفذها أطرافا أخرى، تتوافق معها أيديولوجيا، تهدف في الأساس إلى نزع الشرعية عن الدور المصري في إدارة القضية الفلسطينية ورعايتها، بعد العديد من الصفعات الدبلوماسية المتواترة، لم تقتصر على مجرد التصدي لمخططات نتنياهو، أو فضح انتهاكاته، وإنما امتدت نحو تجريده من الحماية الدولية المطلقة التي حظى بها لعقود، عبر توافقات قادتها الدولة المصرية منذ بدء العدوان على غزة، أفضت إلى سلسلة من الاعترافات بالدولة الفلسطينية من قبل قوى أوروبية مؤثرة، معروفة بانحيازاتها للدولة العبرية، ناهيك عن دخول أطراف من خارج المنطقة العربية والإسلامية على خط المواجهة مع الاحتلال على غرار جنوب إفريقيا، مما دفعه إلى التحرك نحو تشويه الدور المصري عبر ادعاءات زائفة، مستخدما جماعة معروفة بالانتهازية السياسية، والتي يمكنها أن تتحالف مع الشيطان من أجل تحقيق مصالحها.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

"عمليات الهيئة الوطنية للانتخابات": عدم إعلان أى نتائج فى اللجان الفرعية والعامة

"بابا" أغنية الصيف الأبرز.. محمد يحيى: كان لدى يقين بنجاحها

تغريم الهلال 500 ألف ريال واستبعاده عاما بعد الانسحاب من السوبر السعودى

وزارة الرياضة تعلن إنهاء مستلزمات تقنية الفيديو (var) لانطلاق الدوري الممتاز

عشائر غزة: خطاب الرئيس السيسي يعكس ضميرا عربيا حيا وشعورا صادقا بمعاناتنا


بيراميدز يحسم صفقة محمود جاد من المصرى مقابل 100 مليون جنيه

هيئة البث الإسرائيلية: انتهاء المشاورات الأمنية وهناك توجه نحو احتلال قطاع غزة

بروتوكول تعاون بين نادى الزمالك وشركتيّ استادات للاستثمار الرياضى وأمان القابضة لتسويق عضويات فرع 6 أكتوبر

مصطفى الزنارى يقترب من الانتقال للبنك الأهلى قبل غلق باب الانتقالات

غزة ومعبر رفح.. كيف منع تعنت إسرائيل 5 آلاف شاحنة مساعدات من العبور؟


كل ما تريد معرفته عن القيد الصيفى للأندية قبل 24 ساعة على غلق الباب

أستاذ أورام يحسم الجدل حول وفاة إبراهيم شيكا

الأسعار الجديدة للسلع الغذائية بعد التخفيض بمنافذ وزارة التموين

وزير التموين يعلن بدء تنفيذ مبادرة تخفيض أسعار 15 سلعة

الرئيس السيسي: الادعاء بتجويع مصر لغزة "إفلاس" والتاريخ سيحاكم دولا على موقفها

دراسة فرنسية: الأهرامات بُنيت باستخدام "آلة ذكية" وتقنية هيدروليكية متقدمة

فيلم روكي الغلابة يحصد أمس 2.2 مليون جنيه فى السينمات المختلفة

وزارة الرياضة: إنفانتينو أكد قدرة مصر على استضافة كأس العالم

بعد دخول قانون الإيجار القديم حيز التنفيذ.. هل يتم طرد المستأجر الحالى؟

مواعيد مباريات اليوم.. السنغال مع نيجيريا ومواجهات ودية قوية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى