خالد صلاح يكتب: الإخوان فى خدمة الأمن القومى الإسرائيلى

مظاهرة الإخوان الأخيرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب لم تكن حدثا عابرا، أو لحظة انفعالية غير محسوبة العواقب من قبل الجماعة وأذرعها، بل كانت تعبيرا دقيقاً عن الدور الحقيقي لجماعة الإخوان منذ تأسيسها وحتى الآن وهو دور الغطاء السياسي والإعلامي لحماية المشروع الإسرائيلي في المنطقة العربية.
وقف أعضاء الجماعة في قلب عاصمة الاحتلال يهاجمون مصر، بينما جيش الاحتلال يفتك بالأطفال في غزة، لم يرفعوا لافتة ضد تل أبيب، ولم يهتفوا ضد المجازر أو التهجير أو القصف، لكنهم هاجموا قلب العروبة في القاهرة، هاجموا مصر فقط، وهتفوا ضد الدولة الوحيدة التي ما زالت تسحب جرحى من الأنقاض، وتدفع بقوافل الإغاثة، وتحاول أن تحفظ ما تبقى من إنسانية في المشهد المخزي والإبادة الجماعية التى ينفذها جيش الاحتلال في غزة.
لم يكن هذا موقفاً عشوائياً، ولا سقطة عادية من حماس والإخوان، بل كان ببساطة جزءًا من البنية العميقة التي اعتمدت عليها إسرائيل في صيانة مشروعها الأمني لعقود، حيث نفذت تلك الجماعات العميلة ما يريده المشروع الإسرائيلي بدقة وولاء كامل لدولة الاحتلال.
أدعوك لأن تقرأ ما كتبه الصحفي الإسرائيلي أمنون لورد بوضوح في صحيفة إسرائيل هيوم، أن وجود حماس في غزة هو أفضل ضمانة للأمن القومي الإسرائيلي، كما أن الجماعة الأم في مصر كانت دوما في خدمة الأمن القومي الإسرائيلي، ليس لأنها تمثل تهديدًا، بل لأنها تمثل الجدار العازل ضد الوحدة الفلسطينية، وهي الكيان المنضبط الذي يعرف حدوده، ويطلق الصواريخ حينما يناسب المخططات الاستراتيجية للدولة العبرية.
حماس في نظر الأمن الإسرائيلي ليست خصما، بل هي أداة فاعلة على الأرض، وذراع مثالي يضرب فتح، ويقمع المقاومة المستقلة، ويفرغ القضية من أي مضمون سياسي حقيقي، ووجودها يمنع أي اتفاق شامل، ويحول الصراع إلى دوامة دموية بلا أفق، وهذا تحديدًا ما تحتاجه تل أبيب، أن يبقى الفلسطينيون في دوامة، بلا دولة، بلا وحدة، وبلا أرض.
وما تفعله جماعة الإخوان خارج فلسطين ليس بعيدًا عن ذلك، المظاهرة الأخيرة في تل أبيب نموذج صارخ على هذه العمالة الوقحة، فبدلا من مواجهة القاتل، واجهوا المنقذ الوحيد للشعب الفلسطيني، وبدلا من الضغط على الاحتلال، وجههوا صرخاتهم الفاجرة نحو القاهرة، ليكشفوا للعالم بوضوح أن الوظيفة الحقيقية لهذه الجماعات لم تكن يوما مقاومة المحتل، بل توظيف الدم العربي لخدمة أجندة الاحتلال الإسرائيلي، والمصالح الأجنبية الرخيصة في المنطقة.
حين تقرأ ما كتبه أمنون لورد، تدرك أن هذا ليس مجرد تحليل صحفي، بل هو صوت من داخل مطبخ القرار الإسرائيلي، يقول بوضوح ما تخجل النخب العربية من الاعتراف به، أن بقاء حماس والإخوان هو جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي الإسرائيلي.
إن كل صاروخ يُطلَق في توقيت خاطئ، وكل انقسام تتم تغذيته من قِبَل حماس والإخوان، وكل هتاف أحمق ضد دولة عربية، هو بند في ميزانية الأمن القومي الإسرائيلي.
ما حدث في 7 أكتوبر من تفجير كامل للمشهد، وما تلاه من تدمير شامل لغزة، كان فرصة ذهبية لتل أبيب لتطبيق ما خططت له منذ سنوات وهو حصار الفلسطينيين في القطاع، وتهجيرهم خارج غزة، وتصفية القضية بالكامل، تحت الذريعة الأمنية، وحين فتحت مصر معبر رفح للعلاج وحركت قوافل الإغاثة بلا انقطاع ووقفت في وجه مخطط التهجير بحسم، كان المطلوب من العملاء في الإخوان وداخل حماس أن يتم الهجوم على مصر، والضغط عليها، حتى تتمكن إسرائيل من تحقيق ما خططت له منذ السابع من أكتوبر.
أي منطق يقبل أن تكون الهتافات ضد القاهرة، بينما القصف من تل أبيب؟
أي عقل يُصدِّق أن من يدير القطاع بقبضة أمنية ينهار أمام العدو، لكنه يستأسد على شعبه، وعلى بلدان المنطقة، وعلى مصر في المقام الأول؟
أي ضمير سياسي يُبقِي على تنظيمات كهذه في المشهد بينما هي الوكيل الأضمن لبقاء الاحتلال؟
ما كتبه أمنون لورد لا يجب أن يُنسى، بل ينبغي أن نطبعه في ذاكرة الشعوب العربية حتى تهتدي العقول التائهة والمخدوعة، ويدرك الجميع أن إسرائيل لا تخشى حماس، بل تعتمد عليها ولا تكره الإخوان، بل توظفهم لمصلحة أمنها القومي، لا تخشى صوتهم العالي، بل تستخدمه لعزل مصر، وشيطنة أي محاولة للسلام أو الاستقرار.
فلتسقط تلك الأقنعة الخبيثة العميلة، ويعرف الجميع أن حماس والإخوان من الأذرع الأساسية للمشروع الصهيوني، ولبِنَة أساسية في أمن إسرائيل.

Trending Plus