ماذا بين سيد قطب وبين الصحابة؟!

سؤال راودني كثيرا وأنا أطالع كتابات المدعو سيد قطب الذي اتخذه الإخوان إماما فكريا لهم، وقدسوه واتبعوه، حذو النعل بالنعل، ورفعوا مكانته فوق الأئمة والمفسرين والبخاري ومسلم.
ولذلك فقد آثرت وحتى لا أُتهم بالافتراء وتزييف الحقائق أن أنقل جانبا من السفه الفكري لمفكر الإخوان ومنظرهم الأول،
فإننا نعرض اليوم لأخطر كتابات قطب صاحب فكرة تكفير المجتمع والخروج على الحاكم ذلك الذي أشبع كبار الصحابة سبا ونقدا على الرغم من أنهم مشهود لهم وبعضهم مبشر بالجنة، إلا أن ذلك كله لم يشفع لهم عند قطب (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ).
فقد قال سيد قطب في كتابه (كتب وشخصيات) صفحة ٢٤٢،٢٤٣ إن معاوية ابن ابي سفيان وزميله عمرو بن العاص لم يغلبا عليا لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب، ولكنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع، وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم، لا يملك علي أن يتدنى إلى هذا الدرك الأسفل، فلا عجب ينجحان ويفشل، وإنه لفشل أشرف من كل نجاح، على أن غلبة معاوية كانت غلبة جيل على جيل وعصر على عصر واتجاه على اتجاه، كان مد الروح الإسلامي العالي قد أخذ ينحسر، وارتد الكثيرون من العرب إلى المنحدر الذي رفعهم منه الإسلام، بينما بقى علي على القمة لا يتبع هذا الانحسار ولا يرضى أن يجرفه التيار.
ويواصل قطب افتراءاته وجرأته على أسياده وأسياد العالم كله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول ولبئس ما قال: لقد كان انتصار معاوية هو أكبر كارثة دهمت روح الإسلام التي لم تتمكن بعد من النفوس، وقد تكون رفعة الإسلام قد امتدت على يد معاوية ومن جاء بعده، ولكن روح الإسلام قد تقلصت وهزمت بل انطفأت.
وهو يعتبر ان انتصار علي على معاوية إنما هو انتصار للترفع والنظافة والاستقامة.
ويواصل سيد قطب منظر ومفكر جماعة الإخوان الإرهابية وقائد كتيبة التكفيريين خرافاته وجرائمه حين يقول في كتابه العدالة الاجتماعية صفحة ١٥٩ (هذا التصور لحقيقة الحكم قد تغير شيء ما دون شك على عهد عثمان بن عفان، لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير ومن خلفه مروان بن الحكم يصرف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام كما أن طبيعة عثمان الرخية وحدبه الشديد على أهله قد ساهم في صدور تصرفات أنكرها الكثيرون من الصحابة من حوله، وكانت له معقبات كثيرة وآثار في الفتنة التي عانى الإسلام منها كثيرا.
وفي ص ١٦١ يقول: ومضى عثمان إلى رحمة ربه وقد خلّف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما مكّن لها في الارض بخاصة الشام، وبفضل ما مكّن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام من إقامة الملك الوراثي والاستئثار بالمغانم والأموال والمنافع، مما أحدث خلخلة في الروح الإسلامي العام وليس بالقليل ما يشيع في نفوس العامة - إن حقا وإن باطلا - ان الخليفة يؤثر أهله ويمنحهم مئات الالوف ويعزل أصحاب رسول الله ليولي أعداء رسول الله،
وهو أيضا بذلك يطعن في المهاجرين والأنصار من أهل بدر وبيعة الرضوان وأهل الشورى، لأنهم كانوا مفضلين في العطاء عند عمر وعثمان لسابقتهم في الإسلام.
فيقول بكل جهل وجرأة (ولقد كان من الطبيعي ألا يرضى المستضعفون عن علي رضي الله عنه، وألا يقنع بشرعة المساواة من اعتاد التفضيل ومن مردوا على الاستئثار فانحاز هؤلاء في النهاية إلى معسكر بني أمية، حيث يجدون فيه تنفيذا لأطماعهم وتواطؤا على عناصر العدل والضمير في السيرة وفي الحكم سواء.
ومن هم الذين يعنيهم هذا القطب أنهم أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار الذين قال عنهم المصطفى عليه السلام (أصحابي أصحابي إياكم وأصحابي وإذا ذُكر أصحابي فأمسكوا).
وقال أيضا فيهم وفيمن جاء بعدهم (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم).
ولذلك لا يأخذك العجب عندما نرى سيد قطب يفخر ويثمن الثورة على عثمان فنراه يقول (عندئذ سار الروح الإسلامي في نفوس بعض الناس يمثلهم أشدهم حرارة وثورة وهو أبو ذر الغفاري ذلك الصحابي الجليل)، محاولا الربط بين أبي ذر والثورة مع أن الغفاري أبعد الناس عن مفارقة الجماعة، والأغرب أنه يعود فيربط بين الثورة وبين ابن سبأ اليهودي حيث قال المأفون بعد مدحه للثورة على عثمان (وذلك دون إغفال لما كان وراء الثورة من كيد اليهودي ابن سبأ عليه لعنة الله!!)
فأي عقل هذا وأي فكر يُتبع، بل أي منطق يتحدث به ويعلمه من خلفه من المنقادين بعد أن خلعوا عقولهم وتركوها بجوار نعالهم.
وللحديث تتمة إن كان في العمر بقية..

Trending Plus