ماذا نريد من إعلامنا العربي؟

"ماذا نريد من إعلامنا العربي؟" كان عنوان لمائدة مستديرة لمجموعة من خبراء الإعلام العرب عقدتها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، تحت رعاية رئيسها الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الغفار، في إطار الاهتمام المتزايد لها بدور الإعلام العربي، وتوفير حضور قوي له للمساهمة في تقديم حلول للقضايا العربية.
جاءت أهمية عقد هذا المنتدى والسعي إلى الحصول علي إجابات شافية لعنوانه، حيث تُعتبر أزمة الإعلام العربي أزمة مركبة تتجلى في فقدان الثقة، وضعف المهنية، والتحيز، حيث.
يعاني الإعلام العربي من تحديات كبيرة تتعلق بفقدان المصداقية، مما يجعل الجمهور يشكك في صحة المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام العربية المختلفة.
أنه حتى معرفتنا بالعالم من حولنا أصبح مصدرها الإنترنت ومواقع التواصل، ومنافذ الإعلام الأجنبية، لأن إعلامنا العربي لا يبذل جهداً في وضع أخبار العالم في سياق يخصنا ويركز في التقرير والتحليل على حقيقة ما يجري حولنا وله علاقة بنا بشكل أقرب للموضوعية.
وفي الاتجاه الآخر، لم يعد العالم يتعامل مع الإعلام العربي باعتباره «الناطق بصوت»، فلن تجد رأياً أو تحليلاً عميقاً يعكس موقف بلد ما، حكومته وشعبه، من قضايا العالم، إلا فيما ندر. وباستثناء بعض القوى التي لها مصلحة في تشويه واقعنا، لا تجد منفذاً إعلامياً صادقا ومؤثرا عربياً بالإنجليزية أو الفرنسية يقدم محتوى يعكس موقف العرب من قضاياهم وقضايا العالم.
وكان الأجانب في الماضي يقبلون على ترجمة بعض مواد منافذ الإعلام العربية، أما اليوم فلم يعودوا يهتمون، ونحن لا نهتم بأن نوصل رسالتنا بلغة الآخرين.
ومن أهم أسباب عدم قيام الإعلام العربي بالدور المأمول
منه، فقدان الثقة، حيث أدت التغطيات الإعلامية المضللة أو المتحيزة إلى تراجع ثقة الجمهور بالإعلام العربي، خاصة في ظل انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.
مع غياب الشفافية وعدم التنوع، فيري البعض أن الإعلام العربي يفتقر إلى التنوع في الآراء ووجهات النظر، مما يعكس صورة غير متكاملة عن الواقع.
وفي ظل هذه الملامح لأزمة الإعلام العربي، قدم منتدي الحوار الإعلامي العربي المنعقد في مائدته المستديرة التي جمعت نخبة من أفذاذ الإعلام العربي من الأكاديميين والممارسين عدد من الرؤى والأطروحات لوضع رؤية مستقبلية للإعلام في الوطن العربي
وتعزيز دور الاعلام في تعزيز مسيرة بناء الانسان العربي .
والمنتدي الذي أدارته مساعدة رئيس الأكاديمية لشئون الإعلام والاتصال الاستراتيجي، جاء في إطار الاهتمام بمجال الإعلام، والبحث حول إيجاد سبل فعالة لتطوير الإعلام وتفاعله مع المجتمع المصري والعربي في ضوء المتغيرات المتتالية التي يشهدها العالم .
من خلال عدة محاور ومن بينها تصحيح صورة الحضارة العربية والإنسان العربي بكل ما لحق بها من تشويه متعمد عبر التاريخ وايضاً
وايضاً محاولة علاج فقدان ثقة الجمهور بالإعلام العربي، مما يجعله أقل تأثيراً في تشكيل الرأي العام. ومواجهة انتشار المعلومات المضللة حيث ساهمت الأزمة في انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة، مما يؤثر سلباً على الوعي العام و المجتمع من خلال تراجع الثقة في المؤسسات الإعلامية، وزيادة الانقسامات المجتمعية، وتراجع مستوى الوعي العام.
وشهد انطلاق المنتدى حضور نخبة من الأكاديميين والمتخصصين والعاملين من عدة دول عربية ومنها مصر والسعودية والإمارات والعراق وفلسطين والسودان والأردن واليمن والجزائر وتونس ولبنان ، وقدم المشاركون في اللقاء عدد من الأطروحات للإجابة عن سؤال (ماذا نريد من الإعلام العربي؟) جاء في مقدمتها ضرورة تبني القضايا الوطنية التي تربط بين الدول العربية في ظل اشتراكها في عدة مكونات على مستوى الجغرافيا والدين، وضرورة تجنب الخطابات الأحادية التي تساهم في نشر الفرقة بين الشعوب، مع التأكيد على أهمية اهتمام وسائل الإعلام المختلفة باللغة العربية باعتبارها اللغة الأم خاصة في ظل عدم الاهتمام بها لدى أجيال النشء والشباب.
ودعا المشاركون إلى ضرورة النظر بعين الإعتبار لوسائل الإعلام الرقمي في ضوء الاعتماد الكبير من قبل الشباب عليها الأمر الذي يساهم في غياب الهوية العربية لهم.
افكار عديدة طرحها المشاركون تعطي اهمية لضرورة امتلاك المؤسسات الإعلامية لرؤية أكثر مهنية واحترافية من خلال تحقيق التوازن بين الثقافة والترفيه، والاهتمام بصناعة النموذج في ضوء غياب ذلك عن الإعلام العربي على الرغم من امتلاكنا لشخصيات ونماذج مضيئة لا يتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب مع تصدير نماذج سلبية للجمهور.
والدعوة الي استعادة الثقة بين وسائل الإعلام والمواطن العربي من خلال اتباع مجموعة من الخطوات وهي الموضوعية والمصداقية وإيجاد تعددية حقيقية تعبر عن الآراء المختلفة.
في ظل القلق إزاء التغيرات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط مع وجود دعوات صريحة لإعادة تغيير خريطة الإقليم، الأمر الذي يعضد من ضرورة إعادة ترتيب أولويات القضايا في الإعلام العربي لتكون على رأسها الدفاع عن القضية الفلسطينية والتكامل بين الدول العربية.
وطرح المنتدي تعزيز استقلالية الإعلام، مما يتطلب الأمر سن قوانين تضمن حرية الإعلام واستقلاليته عن الأنظمة السياسية والمالية.
و تطوير المهنية الصحفية بما :
يجب توفير التدريب اللازم للصحفيين والإعلاميين، وتشجيعهم على الالتزام بأخلاقيات المهنة وتعزيز الشفافية.
يجب أن تكون ملكية وسائل الإعلام و مصادر تمويلها واضحة للجمهور. وتفعيل دور لمنظمات المجتمع المدني في أن تلعب دوراً مهماً في مراقبة الإعلام وتعزيز حرية التعبير. وتشجيع الحوار والنقاش: البناء حول قضايا الإعلام، وإتاحة الفرصة لمختلف الآراء للتعبير عن نفسها وتوعية الجمهور بأهمية الإعلام المستقل، وكيفية تمييز الأخبار الصحيحة من المضللة.
الحقيقة أن مثل هذه المنتديات المتخصصة التي تجمع بين الاكاديميين والممارسين في مجال الإعلام العربي هي بداية الطريق الحقيقي للإصلاح الإعلامي العربي من خلال الاستمرار في عقد هذه الجلسات الحوارية المهمة بشكل منتظم ومتنوع لتطوير أداء الإعلام العربي وكان مهما ما خرج به هذا المنتدي من توصيات مقدرة في ضرورة الإنطلاق وعقد مثل هذه اللقاءات في منتديات للحوار الإعلامي العربي في مصر وعدد من الدول العربية ودول العالم في القطاعات المختلفة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وغيرها بالتعاون مع عدد من الجهات الشريكة والخروج من خلال الأوراق العلمية القيمة فيه الي عدد من التطبيقات التنفيذية يمكن رفعها للأجهزة والمؤسسات المعنية.
وهو ما يجب ان تضعه جميع الجهات ذات العلاقة في قائمة ترتيب أولوياتها ايماناً بالدور الخطير الذي يمكن أن يلعبه إعلامنا في إصلاح واقعنا العربي في كافة مجالاته فهو شريك رئيسي في رحلة بناء الإنسان العربي والتنمية المستدامة

Trending Plus